غضب اللوبي الصهيوني بفرنسا على عرض لمعاناة الفلسطينيين

غضب اللوبي الصهيوني بفرنسا على عرض لمعاناة الفلسطينيين
الخميس ٠٥ يناير ٢٠١٢ - ٠٢:٠٤ بتوقيت غرينتش

المنظمات الصهيونية في فرنسا غاضبة على وثائقي بثته القناة الفرنسية الثانية عن معاناة الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي . وعيد وتهديدات بالقتل تلقاها مسؤولو القناة بسبب بث هذا الشريط وصلت إلى حد الاعتراض الإسرائيلي الرسمي وطلب الاعتذار ومقاطعة القناة .

الشريط أثار سخط اللوبي الصهيوني بفرنسا، حيث وجه شتائم واتهامات باللاسامية وتهديدات بالقتل للصحفي الذي أعد هذا الفيلم، الذي ينقل بنزاهة وصدق معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة ويتطرق إلى سياسة القمع والتضييق على الفلسطينيين وقضم أراضيهم وبناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية المزمع أن تشكل مجال الدولة الفلسطينية المنتظرة.

  كما تناول الفيلم أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الصعبة ببعض البلدان العربية، وكذا ضغوطات اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة الأمريكية على السياسة الأمريكية التي تقوم بها منظمة ايباك والانجيليون الجدد، الذين يعارضون كل قرار أممي بالكونغرس في صالح الفلسطينيين .

وقد أثار البرنامج جدلا أرغم قيادة القناة على مقابلة سفير إسرائيل في باريس وممثلي يهود فرنسا .

والسبب في هذا الجدل برنامج "عين على الكوكب" الذي أذيع بعنوان "هل الدولة الفلسطينية ما زالت ممكنة؟".

 وقال رئيس المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية الفرنسية ريشارد براسكييه في رسالة مفتوحة الى ريمي فليملان إن هذا البرنامج "أثار غضب الجالية اليهودية ودهشة مريرة".

واعتبر أن فريق إعداد البرنامج "قدم نزاعا معقدا وصورة ساخرة وأحادية مع تحريف الوقائع والاستهزاء بالخصم مع إشارات من نوع نظريات المؤامرة المعادية للسامية". وطلب باسكييه لقاء ريمي فليملان.

وأنشات في الوقت نفسه مجموعة على الفايسبوك باسم "قاطعوا فرانس تلفزيون" تطالب القناة "بسحب هذا البرنامج وتقديم اعتذار".

الإعلام الإسرائيلي كان له حصة في الحملة على البرنامج والقناة الفرنسية الثانية التي بثته .

إنه برنامج تحقيقات تعده القناة الفرنسية فرانس 2 واسمه عين على الكرة الأرضية، وكما نشاهد فإنه يحاول توضيح ماهية الوضع في المناطق الفلسطينية وغزة، ولكن هناك خلاف كبير جداً وسط يهود فرنسا الذين يقولون أن هذا البرنامج كان من جانب واحد وغير موضوعي ولم يظهر الجانب اليهودي، بل يتحدثون عن صدمة واشمئزاز وعن دوافع لا سامية ونظرية مؤامرة. ما الانطباع الذي ولده البرنامج وما الذي كان مضللا إلى هذا الحد فهذا النزاع في جميع الأحوال معقد.

 أنا أقترح أن نبدأ بمثال واحد مقطع غير عن كيفية تفسير للصواريخ التي تسقط على سديروت وعلى عسقلان ومجرى الأمور ثم نعلق... في جنوب إسرائيل مدن مثل سديروت وعسقلان وبئر السبع أصبحت أهدافاً لهجمات مصدرها غزة. نحن موجودون في مركز شرطة سديروت في معرض جداً فريد، فكما ترون إنها مجموعة من عشرات أجزاء صواريخ سقطت على المدينة في الأشهر والسنوات الأخيرة، وكل مدة يصاب أشخاص بهذه الهجمات وأحياناً يقتلون، وهذا بالطبع غير مقبول، لكن من الجدير القول إن هذا القصف الفلسطيني هو نتيجة مباشرة للغارات الجوية الإسرائيلية والحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، وهذا على الرغم ـ كما سترون فوراً من أغلبية سكان غزة يطمحون إلى أمرٍ واحدٍ فقط وهو أن يعيشوا بسلام، لكنهم (سكان غزة) رهينة السياسة والعنف.

لقد حددوا بهذا صواريخ القسام هي نتيجة مباشرة للغارات الإسرائيلية، لذا احتجت عدة مجموعات فيسبوك على هذا التحقيق، وفي رأي يهود فرنسا إنه غير موضوعي وصفحة الإنترنت التي شاهدناها الآن تدعوا إلى المقاطعة الكاملة لقناة فرانس 2، كم عضو في مجموعة الفيسبوك هذه حتى تكون هذه المقاطعة ذات أهمية.

هكذا هب الصهاينة هبة واحدة لإدانة برنامج تلفزيوني فرنسي يقول الحقيقة بشأن جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني . والسؤال لماذا ؟ وهل المشكلة في الغرب أم في قوة اللوبي الصهيوني فيه أم في ضعف وعجز العرب ؟

  

هل يمكن للفرنسي أن يقول ما يشاء عن الصراع بين العرب و”إسرائيل”؟ الجواب هو “لا” .

هذا ما ساله فيصل جلول الكاتب اللبناني المقيم في فرنسا في مقال له علق فيه على الحملة العنيفة التي شنها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا على القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي الرسمي التي بثت حلقة في برنامج “عين على الكرة الأرضية” تتحدث عن مستقبل الدولة الفلسطينية من ضوء الاحتلال “الإسرائيلي”، وما إذا كانت هذه الدولة قابلة للحياة بعد.   

 يقول الكاتب لقد : تصدى المجلس اليهودي للحلقة في اتجاهين، الأول عبر إرسال مئات الرسائل الإلكترونية الشنيعة إلى مذيع البرنامج، بعضها ينطوي على تهديد بالقتل، وفي السياق جرى الضغط على مدير القناة الذي يتوقع أن يزور السفير “الإسرائيلي” في باريس لوضع حد لهذه الحملة. ومن جهة ثانية شكل المحتجون فريقاً على “الفيس بوك” لمقاطعة القناة المذكورة. ومن المنتظر ألا تتوقف الحملة إلا بعد أن يحظى المحتجون بتعهد بألا تتكرر برامج من هذا النوع، أو ببث مواد “إسرائيلية” يعتقدون أنها توازي الحلقة موضع الاحتجاج، وليس معروفاً بعد ما إذا كان المجلس التمثيلي المذكور سيلجأ إلى القضاء للمزيد من الضغط على الحكومة الفرنسية التي تمول القناة، وإن كان من المرجح ألا يخاطر بطرق باب القضاء الذي تعود الانتصار عموماً لحرية التعبير في قضايا من هذا النوع .

وأورد جلول سلسلة ملاحظات وأسئلة: السؤال الأول يتناول ازدواجية المعايير حيث يمكن لأي كان في فرنسا التعبير عن رأيه في الموضوع الذي يريد ما خلا الموضوع “الإسرائيلي” أو المتصل بالصراع العربي - “الإسرائيلي”، ذلك لأن التعبير الوحيد المقبول هو تأييد الدولة الصهيونية بغض النظر عن مواقفها وسياساتها.

  والملاحظة الثانية، تتصل بالضعف التاريخي للجماعات العربية في فرنسا وعجزها عن تشكيل قوة ضاغطة لاحترام حق أبنائها في التعبير الحر ولحماية المتعاطفين مع فلسطين والقضايا العربية الذين يخشون سطوة اللوبي اليهودي.

  والملاحظة الثالثة تتصل بالسفارات العربية التي لا تجرؤ على الاحتجاج على التعديات التي تصيب العرب أحياناً، في حين لا تكف السفارة “الإسرائيلية” عن التدخل في كل شاردة وواردة حول “تل أبيب” في وسائل الإعلام الفرنسية.

  والملاحظة الرابعة تتعلق بعجز العرب عن دعوة الفرنسيين لاحترام قضاياهم وقيمهم وذلك عبر التحرك من أجل تجريم شتيمة “العربي الوسخ” واعتبارها نوعاً من التعدي العنصري كما يفعل اليهود عبر تجريم الشتائم واعتبارها مناهضة للسامية.   والملاحظة الخامسة تتعلق بوسائل الإعلام في العالم العربي التي تتعاطى مع هذا النوع من الانتهاكات بإهمال قل نظيره،

وخلص الكاتب إلى القول : إن القصور الإعلامي يشكل نصف العجز العربي في هذا المجال، ذلك لأن الصمت مقبرة القضايا العادلة، فكيف إذا دام أكثر من نصف قرن؟ ثمة من يقول إن قوة “إسرائيل” في فلسطين وفي كل مكان ناجمة في الأصل عن ضعف أعدائها العرب، وهو قول مصيب ألف مرة.

  المشكلة ليست في انصياع الحكومات الغربية ومنها الفرنسية للوبي الصهيوني والمنظمات اليهودية فيها بل المشكلة في ضغف إمكانات العرب والمسلمين وعجز الحكومات والإعلام العربي المقصر بشكل كبير في الدفاع عن قضايا الأمة في تلك الدول وأهمها قضية فلسطين . 

كلمات دليلية :