أهل المقاومة يقولون كلمتهم: لا للاحتلال

أهل المقاومة يقولون كلمتهم: لا للاحتلال
الإثنين ٢٧ يناير ٢٠٢٥ - ٠٥:١١ بتوقيت غرينتش

أمس، حاصر أهل الجنوب المحتل ودفعوه للانسحاب مرّة أخرى تحت الضغط. في حركة أتت من خارج أيّ حساب، قلب أبناء القرى الجنوبية الطاولة على جيش العدو الذي أعلن أنه لن ينسحب من القرى التي احتلّها بعد انتهاء الحرب.

العالم - لبنان

حسابات الجنوبيين، ودماؤهم التي سالت على أرض الجنوب أمس، كل ذلك فاجأ العدو وجبهته كلّها، إذ تمكّن هؤلاء من استعادة أراضيهم في إعادة لمشهد التحرير في 25 أيار عام 2000.

فطردوا جيش العدو الإسرائيلي من القطاعين الأوسط والغربي تماماً، أي من 35 قرية من أصل 42، وتقدموا على خط طوله 100 كيلومتر من شبعا وصولاً إلى الناقورة. فيما لا يزال العدو الصهيوني جاثماً على خط قرى القطاع الشرقي الممتد من كفركلا حتى عيترون، فضلاً عن أجزاء من قريتي يارون ومارون الرأس، أقله حتى الآن.

فمع نهاية ساعات نهار أمس، لم يترك الأهالي الطرقات، حيث يحتشدون على المسارب المؤدية إلى القرى المحتلة بانتظار أمر إزالة السواتر الترابية والتحرير. بالتالي «المشهد مرشح للتكرار اليوم، وبحشد أكبر»، وفقاً للمنتظرين.

لم ينتظر الجنوبيون التسويات السياسية، ولم تشغل بالهم بيانات التحذير الصادرة عن جيش العدو، ولا بيانات التريث التي أصدرها الجيش اللبناني قبل ساعات من بدء الزحف الكبير نحو القرى الحدودية، فيما استفزّتهم بيانات اليونيفل التي استعدّت لقطع الطرقات بغية منعهم من التقدّم نحو أراضيهم المحتلّة، و«لولا انكفاء هذه القوى، لكان التعامل معها مشابهاً للتعامل مع المحتل»، بحسب العائدين.

خلال ساعات المساء، نام أهل القرى المحتلة عند آخر النقاط التي تمكنوا من الوصول إليها. أهالي مارون الرأس، عيترون، بليدا، ناموا في بنت جبيل. وأهالي ميس الجبل والعديسة ومركبا توجهوا إلى شقرا، وباتوا ليلتهم عند حواجز الجيش اللبناني.

ومع ساعات الصباح الأولى، انقلبت الآية رأساً على عقب، من طلب القوى الأمنية من الأهالي الانتظار قبل الدخول إلى قراهم، إلى تريث الجيش وانتظاره وصول مسيرات الجنوبيين ليستغل هذه الاندفاعة وينتشر في القرى المحرّرة، مثل الطيبة والقنطرة وعيتا الشعب وبيت ليف.

لم تفلح القرارات السياسية اللبنانية الهشة وأسلاكها الشائكة في منع الجنوبيين من الوصول إلى قراهم.

مع بدء مسيرات العودة، أول ما أزاله أهالي القرى المحتلة كانت الحواجز اللبنانية قبل العبور.

وأمام ضغط الهجوم الشعبي الكبير، تراجع العدو من عدد كبير من القرى المحتلة.

إلا أنّ هذا التراجع لم يأت من دون ثمن، إذ أسفرت المواجهات أمس عن استشهاد ما لا يقل عن 22 شهيداً، بينهم 9 أطفال، وإصابة 124.

فالعدو حاول استخدام الترهيب لوقف التقدم، أطلق النار على الأرجل وفوق الرؤوس، وأرسل المحلّقات الصغيرة لإرهاب الأهالي من دون أن يفلح في وقف التقدم.

الحديث الأول للعائدين كان عن «كيفية تحمّلهم مهلة الستين يوماً قبل العودة، وكيف تمكنوا من استيعاب التهديد بإبعاد دائم عن قراهم».

اقرأ ايضا... قائد الثورة: كلّ المعادلات سحقت أمام الشعب المخلص في جنوب لبنان

أما الإجابة فأتت من خارج الصندوق، إذ «لن يقبلوا بأي شكل من الأشكال انتظار 22 سنة للتحرير، فعام 2025 ليس 1978، والمجتمع اليوم هو البيئة الحاضنة للمقاومة».

على الطريق المؤدي إلى مارون الرأس، ازدحمت منطقة صف الهوا في بنت جبيل بالعائدين منذ ساعات الصباح الأولى.

فالمدينة تُعدّ عقدة ربط بين عدد من القرى المحتلة. على طريق المهنية، أو ما يُعرف بـ«مثلث بنت جبيل - عيناثا - عيترون»، توقف السير تماماً، وترك الناس سياراتهم على الطريق واتجهوا إلى مارون الرأس وعيترون.

تأخّر تحرير القريتين، ولكن حضرت مشاهد تحدي الميركافا والمُسيّرات والرشاشات الثقيلة.

في مارون الرأس، وصل أصحاب البيوت المنتشرة على الطريق المؤدي إلى ساحة البلدة باكراً، وفتحوها للعابرين.

ثمّ انطلق المسير نحو ساحة البلدة، أو ما يُعرف بالحي الغربي منها القريب من المستعمرات على الجهة الفلسطينية. هناك تواجه الجنوبيون مع المحتلين وجهاً لوجه.

ولمنعهم من التقدم، رفع الجيش الصهيوني سواتر ترابية على أنقاض ما تبقّى من البلدة القديمة، وبدأ بإطلاق النار ترهيباً، تارةً على الأرجل، وتارةً على الرؤوس.

سقط جرحى، إلا أنّ المسيرة لم تتوقف، بل سعى أهالي مارون الرأس لإحضار جرافات ضخمة من القرى المحيطة لفتح الطرقات.

«بدل الطريق الواحد، هناك ثلاثة»، يقول أحد أبناء مارون الرأس بينما كان يقود الجرافة إلى الأمام.

اقرأ وشاهد أيضا... شاهد ما الذي فعله أهل جنوب لبنان اليوم بالإحتلال!

وبعدما منع الجيش اللبناني الجرافة من التقدم نحو الطريق الرئيسة، سلك الأهالي الطرقات الفرعية، وبدل أن يحاصرهم المحتل، حاصروه، ودفعوه أكثر من مرة للتراجع وسحب دباباته عن السواتر الترابية، إنما من دون أن يترك البلدة تماماً.

في المقابل، انتظر أهالي بليدا وعيترون في بنت جبيل طويلاً، «كل شوي يقولون 10 دقائق»، تقول سميرة القادمة من بيروت لتدخل إلى عيترون، وتؤكد «لن نرحل، وسنبيت على الطريق إلى أن ينسحب العدو من القرية ونحررها».

وفعلاً، أُشعلت مواقد الحطب على طرقات بنت جبيل، واستعدّ المئات للمبيت في الشوارع لأنّ ما لم يُحرّر اليوم (أمس)، سيُحرّر غداً (اليوم).

وفود بقاعية في الجنوب

لم يقتصر الزحف إلى القرى المحتلة أمس على أهاليها، وأهالي القرى الجنوبية المحيطة بالمناطق المحتلة، بل انضمت وفود من قرى بقاعية إلى المحرّرين. في مارون الرأس، أتى محمد حيدر مع خمسة من أصدقائه من قرية كفردان البقاعية، واختار الوصول إلى مارون الرأس لمعرفته الطريق إلى بنت جبيل.

بعد احتدام المواجهات خلال النهار، وصلت وفود إضافية من بعلبك والهرمل، وأقام أبناؤها مع أهالي مارون الرأس وعيترون على الطرقات رافضين المغادرة، ومنتظرين التحرير، إذ إنّ المشاركة هي «أقل الواجب وفاءً للشهداء».

عن (الأخبار)