العالم - لبنان
المكان الذي غصّت فيه الحشود كان المدينة الرياضية، التي باتت شاهدةً على هذا الحدث الوطني الكبير، بالإضافة إلى العديد من الوفود العربية والدولية التي شاركت في التشييع لتعبّر عن وفائها العميق للمقاومة وسيدها الشهيد.
في لحظاتٍ مؤثرة، امتلأت المدينة الرياضية بصوت الهتافات المدوية، حيث كانت الأيدي ترتفع لتخاطب السماء وتؤكد العهد والوفاء للسيدين الشهيدين، وكانت الدموع تختلط بالعزيمة، والألم يلتقي بالقوة.
وشكل الحضور الفلسطيني جزءا أساسيا، فقد شارك ممثلون عن فصائل المقاومة الفلسطينية، معبرين عن وفائهم للسيد نصرالله.
وكانت هذه المشاركة بمثابة تجديد للعهد بين المقاومة في فلسطين ولبنان على الاستمرار في كفاحهما ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وحضر المراسم وفود من ثوار الأرض من مختلف بقاع العالم، بدءًا من إندونيسيا وصولًا إلى فنزويلا، حيث توافد محبو السيد نصر الله والمناصرون للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى المناضلين الذين يحملون لواء المقاومة ضد الهيمنة الأمريكية.
جاء هؤلاء ليعبروا عن دعمهم الثابت لمبادئ الحرية والعدالة التي طالما نادى بها القائد الشهيد، وليؤكدوا وحدة الصف المقاوم في مواجهة الظلم والاستعمار في كل مكان.
على الرغم من التهديدات التي جاء بها الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تحليق طائرات حربية إسرائيلية على علو منخفض فوق المدينة الرياضية، إلا أن رد الحشود كان حازمًا. جاء الرد في شكل هتافات قوية ورسائل من التضامن والشجاعة، حيث لم تؤثر الطائرات الحربية في الحشود بل جعلتهم أكثر إصرارًا على المضي قدمًا في مقاومة الاحتلال.
وشقّت الشاحنة التي حملت جثماني الشهيدين طريقها بصعوبة وسط الحشود الجماهيرية الحاشدة، التي توافدت من كل حدب وصوب، لتودع قادتها. حيث كانت الشاحنة تمر ببطء، وسط مشهد مؤثر حيث تتابع الأيدي المرفوعة من بين الحشود، والعيون التي تفيض بالدموع.
وكانت رسالة اليوم واضحة، المقاومة في لبنان وفلسطين مستمرة، وأن التضحيات التي قدمها السيد نصر الله والسيد هاشم صفي الدين ستكون دافعًا للأجيال القادمة. وأن شعلة المقاومة التي أضاءها هذان القائدان وغيرهما من القادة الشهداء ستظل مشتعلة حتى النصر.
في قلب هذه اللحظات الحزينة، التي طغى عليها الألم والمشاعر الجياشة، حمل المشاركون رايات حزب الله والأعلام اللبنانية، مرفوعة بفخر، مع صور الشهيدين اللذين طبعوا تاريخ المقاومة.
صورتهما لم تكن مجرد ذكرى، بل كانت شعلة أمل ونور، تشعّ منها العزيمة والإصرار على مواصلة الطريق الذي اختاروه، وهو طريق المقاومة والنضال ضد الظلم. وبينما تعالت أصوات الحزن، كانت هناك أيضًا أصوات تردد أن استشهاد السيدين نصرالله وصفي الدين ليس هو النهاية، بل هو بداية مرحلة جديدة، أكثر إصرارًا على تحقيق النصر والمضي قدمًا على طريق تحرير الأرض والكرامة.
غصّت الطرق المؤدية إلى المدينة الرياضية بالحشود الشعبية التي تدفقت من كل زاوية في لبنان، شيوخًا وشبابًا، نساءً وأطفالًا، ملبين نداء الوفاء والعهد الذي قطعوه للشهداء وللقضية. ورغم التحديات التي واجهتهم، من تهديدات الأعداء إلى الظروف الجوية القاسية، كانت إرادتهم أقوى من كل عائق. فالطريق إلى المدينة الرياضية كان بمثابة اختبار حقيقي لمستوى الولاء والوفاء، وعبرت الحشود عن العزم الراسخ في الاستمرار في طريق المقاومة، مهما كانت التضحيات.
هذا التشييع، الذي يعد الأكبر والأضخم في تاريخ لبنان، سيظل محفورا في ذاكرة الأجيال القادمة كعلامة فارقة في مسيرة العز والوفاء. كل خطوة على الطريق، وكل لحظة من المراسم، تجسد عهدًا جديدًا لا ينتهي بالاستشهاد، بل يبقى دائمًا حيًّا في القلوب والعقول.
يوم الوفاء هذا، كان يوم، شهدت فيه منذ ساعات الفجر، المدينة الرياضية، التي أعدت لإقامة مراسم التشييع، حضورا واسعا من كافة مناطق بيروت، فيما ازدحمت الطرقات المؤدية إلى العاصمة، بالسيارات القادمة من مناطق جنوبية، فيما أغلقت طرق أخرى بسبب الاكتظاظ.
وأعلنت اللجنة المنظمة مشاركة شخصيات رسمية لبنانية، وأحصت اللجنة العليا لمراسم التشييع مشاركة "نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية".
وأرسل مراسل قناة العالم في لبنان حسين عزالدين تقريرا مصورا عن حضور أكثر من 400 الف شخص قدموا من 70 دولة عربية واسلامية واجنبية قدموا الی لبنان للمشاركة في مراسم التشييع.
وأكد ان مئات الالاف من اللبنانيين من كل مناطق الشمال والجنوب والبقاع، بدأوا السير نحو المدينة الرياضية قبيل انطلاق مراسم التشييع.
وأوضح مراسل العالم ان مراسم التشييع سوف تشمل كلمة لأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم متوقعاً مشاركة رئيس مجلس الشوری الايراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية الايراني ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس الجمهورية جوزاف عون ووزير العمل اللبناني محمد حيدر.
وأكد مراسل العالم ان اللجنة العليا لتنظيم مراسم التشييع تكفلت بنصب 100 ألف كرسي داخل المدينة الرياضية و60 آلف كرسي خارج المدينة الرياضية لاستيعاب العدد الغفير من المشيعين.
وأوضح مراسل العالم ان الطرق في بيروت مكتضة بالوافدين للمدينة الرياضية وأقام العديد من المواطنين مضيفات لتقديم الخدمات للمشاركين في المراسم.
وهكذا.. كانت تلك لحظات تاريخية وشهاداتٍ عظيمة تُسجّل في ذاكرة الشعب اللبناني والشعوب العربية والاسلامية، لتؤكد للجميع أن المقاومة مستمرة ولن تتوقف، وأن راية سيد شهيد المقاومة ستظل مرفوعة حتى يتحقق النصر.