العالم – مقالات وتحليلات
رغم انه كان متوقعا ان قوات الاحتلال لن تنسحب من المناطق التي احتلتها جنوب لبنان، على ضوء التسريبات والتحليلات والمواقف التي صدرت عن جهات في الكيان، الا انها لم تصل الى حد الاعلان الرسمي، فالكيان يدرك جيدا، ان لبنان ليس سوريا الجولاني، يصول فيها ويجول دون مانع او رادع، ففي لبنان رجال ينظرون الى الكيان الاسرائيلي كعدو، ولن يتركوا ارضهم لقمة سائغة يبتلعها، دون ان يختنق بها. لذلك حاول طوال الفترة الماضية ان يتخذ مواقف ضبابية، بانتظار موقف الادارة الامريكية الحالية، فاذا به موقف، جاء كالمعتاد داعما لعدوانية الكيان، دون اي اعتناء للاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية.
الاعلام في الكيان الاسرائيلي كان منذ البداية يتحدث عن ان الكيان لا يستطيع لوحده انتهاك الاتفاق خوفا من ردة فعل حزب الله، لذلك لطالما استمعنا من المحللين العسكريين قولهم انهم في السابق كنا نستمع الى مواقف يطلقها محللون عسكريون، كانوا يراهنون خلالها على عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لحسم الملفات الأمنية الإقليمية الساخنة لصالح الكيان، لذلك يعتقدون ان الوقت مناسب للضغط على الجانب اللبناني والحصول منه على تنازلات.
لبنانيا، حاول المسؤولون اللبنانيون خلال الفترة الماضية التاثير على الموقف الأميركي، عبر اتصالات أجراها رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مع المسؤولين الاميركيين، للضغط على الكيان الاسرائيلي والزامه بإتمام الانسحاب مع انتهاء المهلة، فاذا بالرد الامريكي جاء مغايرا لتطلعات اللبنانيين، حيث نقلت وكالات الانباء العالمية عن الادارة الامريكية الجديدة، قولها ان "هناك حاجة ملة إلى تمديد وقف إطلاق النار لفترة قصيرة ومؤقتة في لبنان".
بيان حزب الله حول التطورات الاخيرة كان واضحا ولا لبس فيه، فقد اكد على ان وجود العدو على الارض اللبنانية هو وجود احتلال، والمقاومة هي الجهة المعنية بتقدير الموقف وتقدير ما ينبغى ان تفعله، وبالنسبة للدولة اللبنانية ايضا سيكون برسمها على المستوى الحكومي والشعب ايضا. ولن يكون مقبولا أي اخلال بالاتفاق والتعهدات. واكد على ضرورة الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من لبنان، وانتشار الجيش اللبناني حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي إلى قراهم سريعا. ولسان حال لبنان، شعبا وجيشا ومقاومة: إن عدتم عدنا.
اللافت ان قرار عدم الانسحاب من الاراضي اللبنانية، لم يتخذ بشكل رسمي من قبل "الكابينت الاسرائيلي"، رغم انه عقد عدة جلسات دون التوصل الى نتيجة، لذلك جاء موقف الكيان عبر بيان صادر عن مكتب رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، والذي اشار الى ان "عملية الانسحاب قد تستغرق أكثر من 60 يوماً ومشروطة بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وتطبيقه الكامل والفعال للاتفاق، مع انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني"، اي انه القى باللوم على الجانب اللبناني، رغم انه الطرف الذي التزم بالاتفاق بحذافيره.
بات واضحا، ان الكيان الاسرائيلي ومن خلفه امريكا وبريطانيا وفرنسا، يعلمون جيدا، انه في حال تم انتهك الاتفاق بتشجيع امريكي، سيكون الكيان على موعد اخر مع رجال حزب الله، الذين سيواجهونه بشكل اكثر اصرارا وقوة على طرده من ارضهم، بعد ان انكشفت الاعيب الكيان وحماته، للشعب اللبناني، الذي سيقف الى جانب جيشه ومقاومته، بشكل اكثر اندكاكا من ذي قبل، وعندها سيجسد لبنان معادلته الذهبية الشعب الجيش المقاومة، خير تجسيد، وهي معادلة حاول العدو الاسرائيلي ومن ورائه امريكا والغرب وبعض العرب، على ان يجردوا لبنان منها.