العالم - فلسطین
والسعدي الذي يعتبر أقدم أسير في محافظة جنين و"عميد أسرى جنين"، هو رمز من رموز الصمود والمقاومة الفلسطينية، والتي عبرت سنواته الطويلة في الأسر عن أسمى معاني التضحية والنضال ضد الاحتلال.
رائد السعدي، الذي اعتقل في عام 1987، أصبح عنوانا للصمود بعدما تم الحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين إضافة إلى 20 عاما بتهم تتعلق بالانتماء إلى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وتنفيذ عمليات أدت إلى مقتل جنود إسرائيليين. وعلى مدار سنوات اعتقاله، ظل السعدي ثابتا على مواقفه، محاربا من داخل السجون، وقاوم كل أشكال العزل والحرمان.
شاهد إيضا...كاميرا العالم توثق إنتظار ذوي الأسرى الفلسطينيين وصول أبنائهم المفرج عنهم
لقد بدأ السعدي مسيرته النضالية منذ صغره، حيث تم اعتقاله في سن السابعة عشرة بعد رفعه علم فلسطين على أحد أعمدة الكهرباء في بلدته، ليبدأ بعدها بتأسيس شبكة مقاومة من خلال تدريبه على السلاح وتصنيع العبوات الناسفة بعد لقائه القيادي في حركة فتح أبوعلي شاهين عام 1985.
ومنذ تلك اللحظة، أصبح السعدي أحد القادة البارزين في مقاومتهم للاحتلال، حتى بعد أن طاردته قوات الاحتلال لمدة عامين كاملين، واعتقل والديه للضغط عليه.
ورغم مرور الوقت، كان السعدي يواجه قسوة السجون وحرمانه من زيارة عائلته، فقد فقد والدته في عام 2014، وشقيقه، بينما أصيب والده بالعمى خلال السنوات الأخيرة.
لكن صمود السعدي لم يتأثر، وظل يرفع راية الحرية في وجه الاحتلال، مؤكدا أن طريقه نحو الحرية لا يعترف بالوقت أو الظروف.
في رسالته التي أرسلها بعد دخوله عامه الـ35 في السجون، قال: "أشتاق لأبي، ولرؤية بريق عينيه الذي اختطف منها نظره وهو يبكي حزناً، أشتاق لتربة أمي؛ أن أقف على قبرها معتذراً على عمر أمضته جالسة على عتبة الدار، ومع كل حركة تنادي اسمي على أمل أن أكون أنا".
شاهد المزيد...لحظة وصول الأسيرات الإسرائيليات وابتسامتهن وتسليمهمن للصليب الأحمر
هذه الكلمات المؤثرة تختصر كل معاناته، لكنها في ذات الوقت تعكس شجاعته وصلابته التي لا تُقهر.
اليوم، يعود السعدي إلى جنين وإلى وطنه ليكمل مسيرته في خدمة قضية شعبه، ويعطي الأمل لجيل جديد من المقاومين الذين يتطلعون إلى الحرية.
وعودته ليست مجرد عودة أسير، بل هي شهادة على أن إرادة الشعب الفلسطيني لا تنكسر مهما طالت سنوات الأسر، وأن مقاومته ستظل حية حتى تحرير الأرض والإنسان.