العالم – الخبر و إعرابه
-من الواضح ان هذه الشهادة كان طعمها مر كالعلقم وهي تنطق بها هذه الصحيفة الامريكية، بدليل انها حاولت عبر القول ان :"الحرب لم تنته بعد لأن نتنياهو، الذي يتعرض لانتقادات من شركاء الائتلاف اليمينيين المتطرفين، ما زال يؤكد أن إسرائيل يمكنها استئناف القتال بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار"، التقليل من وقع الشهادة والاعتراف بالحقيقة المُرّة.
-انتصار غزة وهزيمة جيش الاحتلال ومن ورائه الغرب باكمله، ليس بحاجة الى اعتراف صحيفة امركية متصهينة، فالصهاينة انفسهم نصبوا سرادق العزاء، وقد اجمعت "وسائل إعلام إسرائيلية" على فشل الحرب على غزة وأن حركة حماس حققت أهدافها الإستراتيجية، مع تصاعد الانتقادات من قادة أمنيين سابقين للتعامل الحكومي مع الأزمة، من بينهم رئيس المجلس الأمني السابق اللواء احتياط غيورا إيلاند، الذي وصف الحرب بأنها "فشل إسرائيلي مدوي" مؤكدا أن حماس هي المنتصرة. فحماس لم تنجح فقط في منع "إسرائيل" من تحقيق أهدافها، بل تمكنت من تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في البقاء بالحكم.
-وفي تحليل مشابه، أشار رئيس جهاز الموساد السابق تامير باردو إلى أن حماس لم تغير مطالبها منذ اليوم الأول للقتال، مستشهداً بقصة من حرب فيتنام تعكس أن النصر الحقيقي يكمن في النتيجة النهائية وليس المعارك الفردية. وانتقد باردو إصرار "الحكومة" على عدم إنهاء الحرب، معتبرا أن ذلك ألحق ضرراً بـ"الجيش الإسرائيلي" وتسبب في خسائر كبيرة.
-اما المحلل السياسي شلومي إلدار فكان اكثر وضوحا من الباقين عندما اكد ان "الجيش الإسرائيلي وقع في فخ شعار الانتصار المطلق" مؤكدا أن جميع العارفين بالمنطقة وبحماس وإيران يدركون استحالة تحقيق هذا الهدف.
-بدورنا نقول، ان المراقبين والمتابعين لما جرى ويجري في غزة، ليسوا بحاجة لشهادات امريكية او صهيونية، على هزيمة الكيان الاسرائيلي والحلف الامريكي الغربي الذي ساند الكيان بكل ما يملك من قدرات عسكرية واقتصادية وسياسية واعلامية، وعلى انتصار حماس ومن ورائها محور المقاومة، فالحقائق على الارض تثبت ذلك وبشكل واضح وصريح.
-نتنياهو وحكومته التي باتت على حافة الهاوية، لم يحققوا ايا من اهدافهم التي اعلنوها قبل وخلال الحرب، فهم اعلنوا خلال 471 يوما انهم:
-لن يوقفوا الحرب حتى القضاء على حماس.
-تحرير اسرى معركة "طوفان الاقصى" بالقوة.
-افراغ غزة من اهلها ودفعهم للهجرة الى سيناء.
-اعادة المستوطنين الى غلاف غزة.
-تشكيل ادارة تابعة للكيان في غزة.
-عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا.
-عدم الانسحاب من رفح.
-عدم الانسحاب من محور نتساريم.
-تقطيع غزة جغرافيا، والابقاء على قوات الاحتلال فيها.
-تشجيع المستوطنين على اقامة المستوطنات في غزة.
كل هذه الاهداف لم تتحقق، والشيء الوحيد الذي حققه الكيان الاسرائيلي، هو قتل المدنيين وهدم البيوت على رؤوسهم وتجويعهم، وهو ما جعل العالم، خاصة الغربي، يكتشف حقيقة هذا الكيان الدموي الوحشي، الامر الذي اضطر المحكمة الجنائية الدولية ان تصدر اوامر باعتقال نتنياهو ووزير حربه السابق غالانت، كمجرمي حرب.
-في المقابل، بقيت حماس وعجزت وحشية الكيان الاسرائيلي ومن ورائه امريكا، من ايجاد شرخ في العلاقة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، وهذا ما اعترفت به مراسلة الشؤون الفلسطينية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عيناف حلبي، التي رصدت انتشارا واسعا للقوات المسلحة والشرطة التابعة لحماس في شوارع غزة، مشيرة إلى تجنيد الحركة 4 آلاف ناشط مسلح خلال الأسبوعين الأخيرين، كما لاحظت هتافات داعمة للجناح العسكري لحماس من قبل النازحين العائدين.
-نجحت حماس في وضع العصي في عجلة التطبيع بين الكيان الاسرائيلي وبعض الانظمة العربية وخاصة السعودية، والذي يجره الحصان الامريكي، الذي بات يترنح تحت وقع معركة طوفان الاقصى.
-نجحت حماس في نقل المعركة الى داخل "المجتمع الاسرائيلي"، الذي لم يعد ينظر الى حكومته و"جيشه"، كما كان ينظر في السابق، فبات هذا المجتمع ينظر الى تصريحات زعمائه نظرة شك وريبة، حتى ساهمت هذه النظرة في التعجيل بوتيرة الهجرة العكسية من الكيان الى الدول الغربية.
اخيرا، حماس التي صقلت "اسرائيل" وامريكا والدول الغربية، وبعض الانظمة العربية للاسف الشديد، سكاكينها على امل ذبحها والتخلص منها والى الابد، خرجت وبكل عنفوان وقوة من المعركة، رغم كل التضحيات الجسام. والقى الذباحون سكاكينهم مرغمين على التفاوض، كل ذلك بفضل الصممود الاسطوري لاهالي غزة، والمقاومة الملحمية لابطالها، وشجاعة محور المقاومة، في ايران والعراق ولبنان واليمن، الذي لم يخذل اخوانه في غزة، وقدم الالاف من الشهداء والجرحى وعلى راسهم شهيد الامة الاقدس السيد حسن نصرالله، فكانوا حقا شركاء اهل غزة وفلسطين بالنصر المؤزر.