العالم - تقارير
في البداية يجب ان نشير ان الركبان هي أرض صحراوية حدودية قاحلة تقع في محافظة المفرق في أقصى شمال شرق الأردن، بالقرب من الحدود مع سوريا والعراق، وعلى بعد 290 كيلومترًا شمال شرق العاصمة الأردنية عمّان، أصبح لها أهمية إعلامية بعد الأزمة السورية.
اما بالنسبة الى مخيم الركبان فهو مخيم عشوائي تم تشييده في المنطقة الحدودية من الجهة السورية للاجئين السوريين على طول 7 كيلومترات من المنطقة المحرمة المنزوعة السلاح بين البلدين وبعمق 3 كيلومترات، حيث فرّ الآلاف من السوريين إلى هذه المنطقة بحثًا عن الأمن بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من شرق سوريا.
بلغ عدد اللاجئين في هذه المنطقة في شهر كانون الثاني/ يناير 2017 حوالي 85,000 لاجئ سوري، لا يُسمح لهم بدخول الحدود الأردنية إلا للحالات الاضطرارية، بعد قيام تنظيم داعش بمهاجمة قوات حرس الحدود الأردنية في عام 2016.
آمال السوريين بتفكيك مخيم الركبان
وبعد اعلان الولايات المتحدة عن نهاية داعش في سوريا ازدادت آمال السوريين بتفكيك هذا المخيم غير ان الولايات المتحدة ولحد اليوم تعارض ازالته مما اثار الشكوك بشأن هدفها الحقيقي من الابقاء على هذا المخيم واحتمال وجود اهداف سياسية غير معلنة بشان الابقاء عليه.
ومن المثير ان قضية اللاجئين السوريين الذين يقيمون في هذا المخيم وبدلا من ان تتحول الى قضية محورية تساهم في معالجة الازمة السورية اصبحت واحدة من اسباب استمرارها.
يرى المراقبون ان الولايات المتحدة تستخدم قضية مخيم الركبان كذريعة لاحتلال الجنوب السوري ويقول المحلل السياسي سليمان الخالدي في صحيفة العرب اللندنية هذا اليوم "ويبدو من المستبعد أن يدفع إخلاء المخيم الولايات المتحدة إلى التخلي عن حاميتها القريبة في التنف ومنطقة منع الصدام التي تشمل الركبان، فقاعدة التنف تعتبر أداة مفيدة في خدمة الأهداف الأميركية في التصدي لإيران"، حسب قوله.
فكما يبدو اصبح مخيم الركبان ذريعة تستفاد منها واشنطن ومن قضية اللاجئين الانسانية لتحقيق اهدافها السياسية، وتحقيق الدعم للجماعات السياسية والمسلحة المدعومة من قبلها.
مخيم الركبان والوجود الاميركي غير الشرعي في التنف
فواشنطن تستفاد من مخيم الركبان للتغطية على وجودها غير الشرعي في قاعدة التنف التي اسستها على الاراضي السورية ومن دون موافقة الحكومة السورية الشرعية في البلاد.
فعندما يجري التشكيك في الوجود الاميركي في قاعدة التنف ستقول واشنطن انها تعمل من خلال هذه القاعدة على توفير الحماية لمخيم الركبان واعتبر بعض المراقبين ان "مخيم الركبان" اصبح خطا دفاعيا عن "قسد" والأميركيين!
وكان مسؤولون بالأمم المتحدة قد قالوا إن معظم سكان الركبان يريدون المغادرة لكنهم يخشون على أمنهم ويحتاجون لمزيد من ضمانات الأمان.
في حين دعمت روسيا هذا الموقف واعربت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافرورف: "وفقا لمراقبين من الأمم المتحدة زاروا هذا المخيم، فإن معظم النازحين هناك يرغبون في العودة إلى بيوتهم، اضافة الى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية".
وتابع: "من الضروري منع الجهود التي تمنع حريتهم، أستطيع قول هذا، لأنهم لا يشعرون بالحرية في هذا المخيم، والظروف الإنسانية هناك لا تطاق، وهناك العديد من النساء والأطفال".
واكد "اننا على استعداد لمناقشة جميع الخطوات اللازمة لمساعدة هؤلاء اللاجئين على الخروج من الركبان"، ورأى ان "الحل الأكثر بساطة وفعالية يتمثل قي إنهاء الاحتلال الأميركي في تلك المنطقة السورية".
في المقابل اعلن نائب وزير الدفاع السوري العماد محمود الشوا "لقد حولت القوات الأمريكية، بالتعاون مع الإرهابيين، معسكر الركبان إلى معتقل بمنع الراغبين بالمغادرة من الخروج.. كل هذا يدل على أن حكومة الولايات المتحدة تنتهك القوانين الدولية".
في غضون ذلك يرى المحلل والخبير السياسي وفيق ابراهيم: "اما الأميركيون فيعتبرون ان مخيم الركبان يلبي حاجتهم الى منع الاستقرار السوري في الجنوب، ودفاعا عن قاعدة التنف الأميركية آخر موقع نفوذ أميركي في كامل الجنوب السوري، وللتنف اهميات ضخمة واستراتيجية تبرزُ مدى الحرص الأميركي على المخيم، فهي قاعدة بين الحدود العراقية السورية الأردنية، تمارس تأثيراً على حركة الانتقال بين البلدان الثلاثة بواسطة قواعدها الجوية القريبة التي تستطيع تلبية قاعدة التنف بمعلومات عن كل ما يتحرك عند الخطوط الفاصلة بين سوريا والأردن والعراق، فيصبح بوسعها تعطيل اي تنسيق عراقي سوري أو أردني سوري او بين الدول الثلاث".
ومن المؤسف ان تصل واشنطن الى هذا المستوى من الانحطاط لكي تستفيد من قضية اللاجئين الانسانية كأداة لتحقيق اهدافها السياسية.
*محمد طاهر