إيران والسعودية والأمن الاقليمي

إيران والسعودية والأمن الاقليمي
الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

صور إنهيار برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ، وصور القراصنة وهم يقتادون البواخر والسفن في المياة الدولية الى اماكن مجهولة ، وصور ملايين المشردين واللاجئين في سوريا والعراق وافغانستان والصومال وهم يهيمون على وجوهم في ارض الله ، وصور جثث الهاربين من الموت وهي عائمة فوق الماء في اعالي البحار ، وصور حفلات التفجيرات الانتحارية وحفلات قطع الرؤوس في سوريا وافغانستان والعراق وباقي بلاد العرب والمسلمين و.. كل هذه الصور المأساوية أسدلت الستار والى الأبد على مقولة الأمن القومي.

رغم ان جانبا من هذا الستار اُسدل على مقولة الامن القومي ، حتى قبل إعتداءات الحادي عشر من إيلول سبتمبر في أمريكا عام 2001 ، وكما بآن خلال الغزو السوفيتي لافغانستان والحرب التي دارت في البوسنة والهرسك ، الإ ان الستار اُستدل بالكامل خلال العقد الاخير على هذه المقولة ، واصبح من الصعب جدا تصور إن بالامكان فرض الامن والاستقرار على جميع ربوع الاوطان اتكالا على الامن القومي والذاتي بمعزل عن الاحداث والتطورات التي يشهدها الاقليم والعالم.
صحيح إن من مسؤولية الحكومات ، العمل على تحقيق مصالح شعوبها وتطلعاتها المشروعة في العيش الكريم ، وان تدفع عنها كل ما يعكر صفو استقرارها ، و يهدد وحدة اراضيها  ، و يعرض سيادتها للخطر ، وهي اهداف كثيرا ما تصطدم بتعقيدات المشهدين الامنيين الاقليمي والدولي اللذان اصبحا اكثر تداخلا في المشهد الامني القومي للدول ، حيث انبسطت تداعيات المشهدين الاقليمي والدولي في اعماق المشهد القومي ، وبات من الصعب تحديد تخوم هذه المشاهد الامنية الى الحد الذي اضحت هذه المشاهد مشهد واحد يصعب تفكيكه ، وان التجربة الامنية التي يعيشها العالم اليوم لاسيما
في منطقة الشرق الاوسط  ، تؤكد هذه الحقيقة التي ستفرض نفسها على الجميع شئنا أم أبينا.

**إيران والسعودية و الأمن الإقليمي

لايمكن الحديث عن الامن الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط دون التطرق الى الدور المؤثر للجمهورية الاسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية  في بلورة هذا الامن سلبا ام ايجابا ، لما للبلدين من امكانيات هائلة ، يستمدانها من موقعهما الجغرافي وقوتهما الاقتصادية وتأثيرهما السياسي ، على امن الاقليم بشكل عام . فكلما كانت حالة الوئام هو السمة السائدة للعلاقة بين ايران والسعودية كلما ارتدت هذه الحالة الايجابية على مجمل العلاقة بين دول الاقليم برمته ، والعكس صحيح.
قبل عام من الان وتحديدا في تاريخ 36/4/2012 كتب الكاتب السعودي  الدكتور توفيق السيف مقالا في صحيفة "الأقتصادية" السعودية تحت عنوان" عالم يتداعى لكننا بحاجة إليه" ، حيث اعتبر فيه جوهر العمل السياسي هو إعادة تدوير الزوايا الحادة واستظهار خيوط المصلحة التي ربما تخفى على الناظر المتسرع.
وفي اشارته الى أهمية الأستقرار و السلم الأهلي يؤكد المقال ان  الاستقرار والسلم الأهلي مؤسس على أرضية التداخل بين مقومات الأمن الوطني والأمن الإقليمي. ومن هذه الزاوية فإن العلاقة مع المجتمعات المجاورة والحكومات المؤثرة في النظام الإقليمي هي جزء أساسي في مركب الأمن الوطني والسلم الاجتماعي.
ويرى أهمية إحياء المنهج التصالحي الذي أتبتعته الممكلة في أزمن سابقة  والذي يركز على ترميم الجسور وإعادة بناء الثقة المتبادلة وإرساء علاقات متعددة الأبعاد والاتجاهات مع كل من يتأثر بنا أو يؤثر فينا.

**إيران و مقاربتها للأمن الاقليمي

كانت ومازالت الجمهورية الاسلامية في إيران ، وانطلاقا من مقاربتها  للامن الإقليمي ، تدعو الى بناء منظومة امنية اقليمية في منطقة الخليج الفارسي ، تحصن بلدانها من ارتدادات التطورات والاحداث التي تشهدها مناطق عديدة في منطقة الشرق الاوسط ، بعيدا عن تدخل القوى الاجنبية التي تعمل على زرع الفرقة بين دول وشعوب المنطقة خدمة لمصالحها غير المشروعة.
ايران وانطلاقا من هذا المقاربة المؤطر بالحرص على مصالح بلدان وشعوب المنطقة ، وهي مصالح مشتركة لا يمكن الفصل بينها ، لم تقع في الفخ المنصوب لدول المنطقة لجرها الى دوامة الفتنة والفوضى ، بل طوت وبشجاعة صفحة الحرب التي فرضها النظام الصدامي البائد وما اختزنته من مواقف وممارسات جيرانها من الدول العربية في الخليج الفارسي ابان العدوان الصدامي على مدى ثماني سنوات ، ليقينها ان الانتقام لطعنة الخنجر الذي غُرس في ظهرها ، ليس بتوجيه طعنات مماثلة ، لان هذا الامر سيرتد سلبا على الجميع كما ارتدت السياسة العدوانية للدكتاتور صدام حسين على
المنطقة برمتها ، لذلك عضت على جراحها وحكّمت العقل والمصلحة العليا لايران والمنطقة ومدت يدها فور انتهاء الحرب الى  جميع الدول العربية في الخليج الفارسي وتناست كل الماضي ، بل انها وقفت موقفا رافضا من غزو الدكتاتور صدام للكويت ، وهو موقف بخلت الدول العربية في الخليج الفارسي على ايران وشعبها باتخاذه عندما شن هذا الدكتاتور عدوانه الهمجي على جارته ايران قبل عقد من الزمن وبذرائع اوهن من ذرائع غزو الكويت.
لسنا هنا بصدد سرد مواقف ايران من جارته المهمة والكبيرة ، المملكة العربية السعودية ، فتجربة الاعوام السابقة تؤكد مدى ايجابية هذه المواقف ، ومن السهولة الوقوف على حجم الاحترام الذي تكنه القيادة الايرانية للعربية السعودية كدولة جارة ومسلمة ولاحتضانها لاقدس مقدسات المسلمين ، ولدورها البارز والمؤثر على مستوى الاقليم بوصفها رقما كبيرا لا يمكن تجاوزه ، وذلك من خلال التصريحات الرسمية للمسؤولين الايرانيين وفي مختلف مستوياتهم ، حتى في اكثر القضايا الخلافية بين البلدين ، كان الاحترام هو السمة الابرز في تعامل ايران مع السعودية ، كما
هو الحال ازاء الازمة السورية ، ورغم رفض السعودية ، لاسباب ليس من المصلحة الاشارة اليها الان ، المشاركة في اجتماعات اللجنة الرباعية التي اقترحها الرئيس المصري السابق محمد مرسي والمؤلفة من ايران والسعودية ومصر وتركيا ، لمعالجة هذه الازمة .
الحقيقة ، ان من الصعب حتى على اعداء المتربصين لاقامة علاقات طيبة بين ايران والسعودية  ان يرصدوا مجرد تصريح يتيم لمسؤول حكومي ايراني ، يمكن ان يُستشف منه تدخلا في شؤون السعودية او الدول العربية في الخليج الفارسي ، لذلك نرى المتربصين لهذه العلاقة يحاولون الاساءة اليها عبر اقتناص بعض الفقرات من تقارير تنسب عادة لاجهزة امنية في بعض الدول البعيدة ، ولشخصيات غربية معروفة التوجهات ، ولصحف اجنبية ولمواقع الكترونية ، وحتى لبعض الشخصيات الاعلامية ولمواقع ايرانية ، لا تمثل من قريب او بعيد الموقف الرسمي للجمهورية الاسلامية في ايران ،
ويبنون على هذه التقارير تلالا من الادلة على تدخل ايران في شؤون المملكة العربية السعودية والدول العربية في الخليج الفارسي!! ، كما تم الترويج لذلك بشأن اليمن والبحرين ، في الوقت الذي يعلم القاصي والداني ، كما اشار الى ذلك قائد الثورة الاسلامية ، انه لو كان هناك تدخل من جانب ايران في البحرين لكانت ازمة هذا البلد وجدت طريقها الى الحل منذ أمد.

**السعودية و مقاربتها للأمن الاقليمي

اذا أردنا ان نتناول وبشكل سريع ولكن موضوعي ، مقاربة المملكة العربية السعودية للامن الاقليمي والجمهورية الاسلامية في إيران في الوقت الحاضر ، لا يجب اعتبار هذه الرؤية بانها القاسم المشترك بين جميع قادة المملكة.
صحيح ان السعودية خطت سابقا خطوات متزامنة مع الخطوات الايرانية ، لبناء علاقات ودية مبنية على الاحترام المتبادل بين البلدين ، وهو امر لا يمكن انكاره ، نظرا الى ان هذه الرؤية للعلاقة كانت هي الاطغى بين الرؤى الاخرى داخل السعودية ، لمعرفة اصحاب هذه الرؤية ان اقامة مثل هذه العلاقة الطيبة سترتد امنا وسلاما على جميع بلدان المنطقة .
للاسف الشديد هذه المقاربة تراجعت كثيرا امام رؤية متطرفة انعزالية للامن القومي السعودي ، غير مؤمنة بالمرة بمقولة الامن الاقليمي ، هذه الرؤية الصدامية العنيفة طغت وبشكل لافت على جانب كبير من القرار السعودي التلقيدي ، بعد التغيير الذي حصل في اعلى قمة الهرم الامني في المملكة ، وهو تغيير اريد منه ان يتعامل بحكمة مع تداعيات الثورات التي شهدتها عدد من الدول العربية.
القشة التي قصمت ظهر المقاربة السعودية للامن الاقليمي ، كانت تعامل القيادة الامنية السعودية الجديدة مع الازمة السورية التي مضى عليها اكثر من عامين ونصف العام ، فهذا التعامل الجديد مع قضية الامن الاقليمي لم يتجاهل دور ايران الكبير والايجابي في المنطقة فحسب بل نصابها العداء وفتح معها ، وبدون اي مبرر جبهات وجبهات ، لتحقيق اهداف في سوريا والمنطقة ، لن تكون على المدى البعيد حتى في صالح السعودية نفسها ، متناسيا في الوقت نفسه ان محاولات اغراق ايران ستغرق الجميع ، لان الجميع في مركب اقليمي واحد.
وصل التطرف في النظرة الامنية السعودية الجديدة ، وهي نظرة لم تألفها المملكة من قبل  للامن الاقليمي ، الى مديات تنذر بما لايحمد عقباه ، بعد تهديدات رئيس المخابرات السعودية الامير بندر بن سلطان بالابتعاد عن الولايات المتحدة ، لان الاخيرة لم تشاطره رؤيته في التعامل مع الازمة السورية ومع ايران . اما الأمير تركي الفيصل الرئيس السابق للمخابرات السعودية وفي تصريحات لاذعة على غير العادة وصف سياسات الرئيس الامريكي باراك أوباما في سوريا بأنها "جديرة بالرثاء" وسخر من الاتفاق الأمريكي الروسي للتخلص من الأسلحة الكيماوية لحكومة الأسد.
هذا التطرف الخطير بالرؤية الى قضايا الاقليم من جانب القيادة الامنية الجديدة في السعودية ، وفرت مناخا ملائما لاسرائيل للتصيّد في المياه العكرة ، حيث اعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ان التقارب الامريكي من ايران دفع مسؤولين في دول عربية في الخليج الفارسي لزيارة كيانه لمناقشة كيفية التعامل مع ايران في هذه المرحلة . ولكن ايران ولحسن الحظ ، وانطلاقا من مبدئها القائل بأن تصريحات قادة اسرائيل وما يصدر عن اعلامها ، وما يقال عن تسريبات وثائق وتقارير، لن يؤثر ابدا في علاقاتها مع الدول الجارة لاسيما دول الخليج الفارسي وخاصة السعودية ،
لذلك لم تعر اية اهمية عن ضجة التقارب بين دول عربية في الخليج الفارسي واسرائيل ، لم تبن اي شىء على هذه المواقف والتصريحات حتى لو كانت صادرة من اعلى شخصية في اسرائيل.
الا ان الامر الذي يحز كثيرا بالجمهورية الاسلامية في إيران ، هو ان تأخذ هذه النظرة الضيقة التي تحكم الرؤية الامنية لقادة الملف الامني السعودي ، المملكة الى اتخاذ مواقف لا تتسق مع المواقف التقليدية المعروفة عنها ازاء دول الجوار ، وان تصدر تصريحات قاسية جدا وبعيدة كل البعد عن الدبلوماسية والاخلاق العربية والاسلامية بحق ايران ، من شخصيات امنية تتمتع بنفوذ كبير داخل السعودية.
صحيح ان القيادة في ايران تتلمس الاعذار للقيادة الامنية في السعودية لوصولها الى هذا المستوى من التفكير والتعامل الساذج الى هذا الحد مع قضايا اقليمية ودولية غاية في التعقيد ، افرزتها تطورات سياسية وامنية متسارعة ترسم صورة للاوضاع الاقليمية ما تنفك ان تمحوها بعد ظهور عناصر وتطورات جديدة على المشهد الاقليمي.
ان من حق وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان يرفض القاء كلمة امام الجمعية العامة للامم المتحدة ، ومن حق السعودية ان ترفض مقعدها في مجلس الامن ، ومن حق السعودية ان تبتعد ان الولايات المتحدة ، ومن حق السعودية ان تسخر وتهزأ بالرئيس الامريكي باراك اوباما ، فهذه قرارات سعودية بحته لايحق للاخرين ان التدخل فيها ، ولكن من المؤسف جدا ان تربط السعودية كل هذه القرارات وكل هذا الغضب والاستياء ، بايران ولان امريكا اخذت تقترب منها ، فمثل هذا الموقف لم نكن نتمناه ابدا للمملكة العربية السعودية ، الا انه حصل وللاسف بسبب الرؤية الامنية
الجديدة التي طرأت على السعودية منذ عام 2012.
ومن اجل الاطلاع اكثر على ابعاد هذه الرؤية الامنية الجدية في السعودية ، نتوقف مع صحيفة "وول ستريت جورنال"  الأميركية في عددها الصادر الثلاثاء  (22 أكتوبر/ تشرين الأول 2013) التي نقلت عن رئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير بندر بن سلطان، أنه أخبر دبلوماسيين أوروبيين نهاية الأسبوع الماضي بأنه يخطط لتقليص التعاون مع الولايات المتحدة في تسليح وتدريب المعارضة السورية احتجاجاً على سياستها في المنطقة.وقال مصدر قريب من السياسة السعودية إن الأمير بندر بن سلطان أبلغ المبعوثين أن واشنطن أخفقت في التحرك بشكل فعال في الأزمة السورية وفي
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإنها تتقارب مع إيران ولم تدعم تأييد السعودية للبحرين حين شنت المنامة حملة على حركة مناهضة للحكومة في العام 2011.
اما الرئيس السابق للمخابرات السعودية تركي الفيصل فقد شن هجوما عير مسبوق خلال محاضرة ألقاها بمؤتمر عربي - أمريكي يوم الثلاثاء الماضي في واشنطن ، على أداء الإدارة الأمريكية حيال ملفات المنطقة، قائلا إن الرئيس باراك أوباما يتصرف حيال سوريا بطريقة تبعث على الأسى،  واعتبر أن اتفاق نزع السلاح الكيماوي شكلا مخرجا له من تعهدات تنفيذ ضربة عسكرية، كما انتقد سياسة فتح الذراعين  لإيران، واعتبر أن من يعتقد بأن الرياض ستقبل استيلائها على البحرين واهم.وحذر الفيصل من أن العقوبات وحدها "لن تردع القيادة الإيرانية عن محاولة امتلاك أسلحة نووية"
وقال إنه يدرك العواقب الكارثية لضربة عسكرية ضد طهران ولكن - لسوء الحظ - فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي "يراقب الأداء الباعث على الأسى للرئيس أوباما في سوريا قد ينفذ الضربة بمفرده.و"بعد الكلام المعسول لروحاني وفتح أوباما ذراعيه له فسيقف الشعب الإيراني بالتأكيد خلف قيادته."وأردف الأمير السعودي بالقول: "أما الأمر الثاني الذي يعني السعودية، فهو جهود طهران من أجل التدخل في الدول ذات الغالبية الشيعية، مثل البحرين والعراق، وكذلك في الدول التي فيها أقليات شيعية، مثل الكويت ولبنان واليمن، مضيفا أن بلاده ستقف بحزم
ضد أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية لتلك الدول." ولم يفت تركي ان يحذر في الوقت نفسه من أن "قوى الظلام في قم وطهران متجذرة بقوة،".
حاولنا نقل قول الرجلين بامانة ولسنا بصدد الرد واثارة جدال حول من هو الجانب الذي يحرض الغرب لتدمير بلدانا عربية عبر التدخل العسكري ومن الجهة التي ترسل قواتها العسكرية خارج حدود الوطنية ، واين تكمن قوى الظلام حقيقة.


**الدول لن تختار جيرانها

هذه الرؤية التصادمية للامن الاقليمي ، المعدومة من اية مساحة ، حتى ولو كانت صغيرة ، للتعقل والحوار والاصغاء الى الاخر على قاعدة المصالح المشتركة ، التي تفرضها الجيرة والاقليم الواحد والامن الواحد . للاسف هذه اللغة المتعالية والمتطرفة الى ابعد الحدود ، تنطلق من فكرة مستحيلة مفادها ان بالامكان تحقيق امن قومي كامل وناجز و معزول داخل الحدود الوطنية ، دون النظر لما يحدث في الاقليم .
الفكرة الامنية القائمة على الصدام واثارة القلاقل وضرب امن الاخر ، لن تعود بالامن لاصحابها ابدا ، وان تجربة الولايات المتحدة الامريكية في هذا المجال خير مثال ، رغم المسافة الشاسعة التي تفصلها عن منطقتنا ، لذا ستكون مخاطر هذه الفكرة اكثر بكثير لوكان الطرف المستهدف بأمنه واستقراره هو جار اقليمي كبير ومؤثر في امن المنطقة والعالم.
ان زمن بناء مناطق امنية وطنية "معزولة " في بحر من انعدام الامن الاقليمي قد ولى ، وعلى دول الاقليم الواحد ان تتلمس الف وسيلة و وسيلة من اجل ايجاد المعاذير فيما بينها والتعالي على خلافاتها ، من اجل الوصول الى حالة من الامن تنعم في ظلاله الشعوب بالاستقرار ، وهو هدف ليس صعب المنال ، بفضل الاواصر التاريخية والدينية والثقافية والحضارية ، وقبل كل هذا وذاك بفضل الجيرة والاقليم الواحد والجغراقيا الواحدة ، وبفضل وجود عقول نيرة ونفوس طيبة وافكار سامية بين رجالات حكومات منطقتنا لا سيما في الجمهورية الاسلامية في إيران وفي المملكة العربية
السعودية .
ترى لماذا نعجز نحن عن اقامة مثل هذا الامن الاقليمي مع جيراننا رغم كل ما نملكة من عناصر مساعدة ، بينما نجح الاخرون في اقاليم اخرى في بناء امنهم الذاتي رغم افتقارهم لعناصرنا واواصرنا ورغم ما كان بينها من حروب وتنافر ؟ ، الجواب على هذا السؤال بسيط جدا ، فهذه الدول ايقنت في النهاية وبصدق انها لن تختار جيرانها ، وهذه الدول كانت وستبقى جارة لها الى أن يرث الله الارض ومن عليها ، هنا قد يبستم القارىء ويشك في جدية ما ذهبنا اليه ، ترى هل يعقل ان هناك دولا  تنام على امل ان تصحو ولا ترى اثرا لجيرانها ؟ ، نقول وبصدق نعم ، هناك عقول لا تبرحها مثل
هذه الافكار المرضية للاسف الشديد.

ماجد حاتمي

كلمات دليلية :