فاجتماع الجمعية العامة هذا العام يكتسب أهمية كبرى نظرا لان العالم يواجة ازمة كبرى تشهدها منطقة الشرق الاوسط وهي الازمة السورية التي تستمر منذ اكثر من عامين ونصف ولم يجد العالم اي حل لها يمكن أن ينهي الحرب بين الحكومة والمعارضة المسلحة.الا ان الولايات المتحدة هددت سوريا بشن هجوم عليها ، ولكن الرئيس الامريكي تراجع عن تهديده خوفا من تداعيات الهجوم ، وتم الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا حول الاسلحة الكيمياوية السورية ووضع هذه الاسلحة تحت أشراف دولي ، لكن الازمة السورية لازالت تراوح مكانها بسبب عدم اكتراث المجتمع الدولي لها .
أما القضية الاخرى التي لا تقل أهمية عنها هي تواجد الرئيس الايراني حسن روحاني لاول مرة منذ انتخابه في حزيران – يونيو الماضي في نيويورك للمشاركة في الاجتماع والقاء كلمة ايران ،حيث القى الرئيس روحاني كلمة مساء الثلاثاء تحدث فيها عن مختلف القضايا الدولية ولا سيما سياسة ايران الداخلية وبرنامجها النووي وعلاقاتها مع مختلف دول العالم بما فيها الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية والازمات التي تشهدها المنطقة خاصة الازمة في سوريا .
وأعلن الرئيس روحاني أن بلاده تؤكد على سلمية برنامجها النووي، وأنها ستعمل على تبديد أية مخاوف بشأن هذا البرنامج، مؤكداً أن لا مكان للسلاح النووي في إيران. وقال إن "جهات دولية ساهمت في عسكرة الأزمة السورية"، مؤكداً رفضه استخدام أي اسلحة كيميائية في سوريا.
ودعا روحاني الى "العمل على اجتثاث المجموعات الارهابية بالتوازي مع نزع السلاح الكيميائي"، لافتا الى انه "على الأسرة الدولية العمل لوقف نزيف الدماء في سوريا"، معرباً عن "ترحيب بلاده بانضمام دمشق لاتفاقية حظر أسلحة الدمار الشامل"، ومشيرا الى ان "المأساة الإنسانية في سوريا تمثل مثالا مؤلما لانتشار التطرف والعنف في منطقتنا".
واعتبر روحاني ان "الخطاب الذي يجعل الشمال هو محور العمل والجنوب الهامش هو حوار احادي على الصعيد الدولي"، معتبراً ان "استمرار عقلية الحرب الباردة والاستقطابات يعتبر عجزا". ولفت الى ان "التهديد باستخدام القوة يؤدي إلى تفاقم العنف في المنطقة"، مطالباً الأمم المتحدة "بتبني مشروع ضد الارهاب والتطرف في العالم".
وأكد الرئيس الإيراني أن بلاده "لا تجسد اي تهديد بل تمثل الأمن في العالم، ولا تبحث الا عن العدل والسلم الدوليين". وأشار الى ان "العقوبات ضد إيران تخالف الحقوق الأساسية للإنسان"، لافتا الى "اننا مستعدون للتأكيد على سلمية برنامجنا النووي من دون ضغوط خارجية، وسنعمل على تبديد أي مخاوف بشأن هذا البرنامج"، مؤكداً أن "لا مكان للسلاح النووي في إيران"، موضحا "اننا قد نصل لإطار لحل خلافاتنا مع اميركا اذا توقفت عن الضغط".
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد أشار في كلمته في الجمعية العامة للامم المتحدة الى إن الولايات المتحدة مستعدة لخوض حوار دبلوماسي مع ايران ، مشيرا الى انه يريد ان يضع مبادرات الرئيس حسن روحاني موضع الاختبار ودعاه الى اتخاذ خطوات ملموسة نحو حل النزاع النووي مع الغرب.
ولكن الرئيس حسن روحاني لا يريد فتح حوار مع الولايات المتحدة والغرب الا اذا قررت الغاء العقوبات علي ايران والتي فرضت عليها تحت ذريعة برنامج ايران النووي واتهام ايران بانها تريد صنع القنبلة النووية . ورغم ان العلاقات الايرانية الامريكية مقطوعة منذ 1980 ، الا ان ايران مستعدة للبحث حولها اذا ما رات موقفا ايجابيا من جانب الامريكان .
ومع ان هناك عقبات كبيرة تعترض العلاقات الايرانية الامريكية والتي أشار اليها الرئيس الامريكي في كلمته ، الا ان هناك ارادة من الجانب الايراني لوضع هذا الموضوع على طاولة المحادثات ، فيما إذا قرر الجانب الامريكي ان يجلس الى المحاور الايراني دون وضع شروط مسبقة.
المحادثات بين ايران ومجموعة 5+1 (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا بالاضافة الى المانيا ) سوف تستأنف في نيويورك خلال الاسبوع الجاري ومن المتوقع ان يشارك وزير الخارجية الامريكي جون كيري في هذه المحادثات التي سيحضرها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وهذا اجتماع هام يحضره لاول مرة مسؤول امريكي رفيع المستوى .
لقد التقي وزير الخارجية الايراني في نيويورك مع العديد من وزراء الخارجية الاوروبيين منهم وزير الخارجية البريطاني التي قطعت بلاده علاقاتها الدبلوماسية مع طهران ،والتقى الرئيس الفرنسي في نيويورك الرئيس حسن روحاني وبحث معه علاقات البلدين من أجل تعزيزها مستقبلا.
ان ايران صادقة في دعوتها لحل الخلافات بين الدول على اساس الاحترام المتبادل وهي تدعو امريكا و الغرب للجلوس الى طاولة المحادثات دون فرض شروط مسبقة .وهي لا تريد ان تبتز الاخرين كما يدعي رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ولا تريد ان تصنع القنبلة الذرية كما يزعم الزعماء الصهاينة. وقد دعا الرئيس روحاني الغربيين الى اغتنام الفرصة للجلوس مع ايران الى طاولة المحادثات وحل الكثير من القضايا العالقة .
الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية التي فرضت عقوبات على ايران ، ارادت معاقبة ايران ولكن ايران التي تضررت من هذه العقوبات تمكنت الالتفاف حولها وحولتها الى فرص ، ولكن الولايات المتحدة واوروبا تضررت ايضا من هذه العقوبات ، وكان الضرر الاكبر قد لحق الشركات الامريكية والاوروبية خاصة في مجال صناعة النفط والغاز .ومن المتوقع ان تقوم الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية بإعادة النظر في مواقفها من ايران خاصة وان العقوبات المفروضة على ايران تكون مانعا لازالة الخلافات بين الجانبين .
ويبدو ان الامريكيين والاوروبيين شعروا بالخسائر الفادحة التي تكبدوها خلال اكثر من ثلاثين عاما الماضية ، بسبب مواقفهم المعادية من ايران والعقوبات التي فرضوها على طهران ، وهم الان يريدون اعادة النظر في مواقفهم واستغلال هذه الفرصة التي اشار اليها الرئيس الايراني اخيرا وبدا ذلك واضحا في كلمة الرئيس الامريكي باراك اوباما .
ومهما يكن من أمر، فان العديد من المراقبين متفائل بالمحادثا ت المقبلة بين ايران والولايات المتحدة والغرب خاصة حول البرنامج النووي الايراني وان زيارة روحاني الى نيويورك حسب هؤلاء المراقبين ستفتح صفحة جديدة في علاقات ايران مع العالم .
*شاكر كسرائي