مؤامرة سعودية لشراء اليمن ب 3,5 مليار دولار

مؤامرة سعودية لشراء اليمن ب 3,5 مليار دولار
الأربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠١٢ - ١٢:١٢ بتوقيت غرينتش

شهد اليمن منذ بدء ما يسمى بالثورات العربية خضات امنية وسياسية وحالة من عدم الإستقرار لم تتغير بالرغم من انتهاء مرحلة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح دامت اكثر من ثلاثين سنة، مما جعل اليمن تحت مرمى مصالح الدول الخارجية وبالأخص ما تقرر في إجتماع مجلس التعاون الذي عُقد منذ ايام في عاصمة آل سعود منح اليمن مساعدة بقيمة ستة مليارات و 369 مليون دولار وتكفلت السعودية بنصف المبلغ تقريبا!

هل لهذه الأموال علاقة بما يعانيه اليمن من ازمة سياسية واقتصادية ام بمصالح واطماع اقتصادية غربية وخليجية ام لاسباب اخرى؟
تشير آخر الإحصاءات الى أن إنتاج اليمن من النفط وصل إلى (107.41) مليون برميل تقريباً والنفط يساهم بنسبة تتراوح بين(30-40)% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي ويستحوذ بأكثر من 70% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة ويشكل أكثر من90% من قيمة صادرات الدولة، وتؤكدالمعطيات العلمية تفرد اليمن وامتلاكه ثروات معدنية هائلة، وأن جيولوجية اليمن موحدة وتتميز بتنوع صخري فريد يشمل جميع أنواع الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة وبحسب الأبحاث العلمية يشكل اليمن جيولوجيا جزء من الدرع العربي والأفريقي والذي يمثل تنوعا كبيراً في صخوره.وكشفت الدراسات وعمليات البحث والتنقيب عن تواجد تمعدنات مهمة في اليمن من الذهب، الرصاص، الزنك، النحاس، الفضة، النيكل والحديد والتيتانيوم...
ويقول خبراء استراتيجييون ان جغرافية النفط في المنطقة تقرره مثلث يتألف من ايران والعراق واليمن ، إيران هي معادية للمشروع الأميركي ولا تستطيع الولايات المتحدة الأميركية الهيمنة على نفطها اوالتحكم بحجم انتاجه او مناطق تصديره او اسعاره، اما العراق وقد استطاع ان ينفذ من دائرة الهيمنة الأميركية بعد الإنسحاب الأميركي عام 2011 وبالرغم من بعض الإمتيازات النفطية التي استطاعت تحقيقها قبل انسحابها عبر اتفاقات تجارية معظمها لمصلحتها لكنها فقدت التحكم بنفط العراق بشكل كامل وخاصة في ظل وجود حكومة المالكي المعارضة للهيمنة الاميركية، ولهذا لم يبق امام الغرب سوى اليمن لمحاولة السيطرة عليه لمحاولة نهب ثرواته الطبيعية وخاصة النفطية منها .
يتمتع اليمن بمكانة جيوستراتيجية من ناحية موقعه الجغرافي وحدوده الإقليمية مما يجعله ممرا اجباريا للتجارة الدولية والملاحة البحرية لأنه يحتوي على شرايين مائية استراتيجية تربط الخليج باوروبا والولايات المتحدة الاميركية بشبكة نقل للنفط والقافلات التجارية ويربط مضيق باب المندب البحر الأحمر من الجنوب بالمحيط الهندي, حيث يقع في منتصف المسافة بين السويس في مصر ومومباي في الهند ويكتسب المضيق أهميته في عالم النفط من كمية النفط المارة به والتي تقدر بحدود 3.5 مليون برميل يوميا، وكونه يقصر المسافة التي تقطعها حاملات النفط بنحو 60 في المائة, حيث إن إغلاقه سيجبر ناقلات النفط على الدوران حول إفريقيا وسيرفع تكاليف نقل النفط بشكل كبير بالإضافة الى ان اليمن يرتبط بحدود مع الصومال مما يجعله شريكا اساسيا في امن المحيط الهندي وبحر العرب حيث تعبر القوافل التجارية التي تتعرض على ساحل الصومال الى القرصنة والسطو.
ان الذين يعيشون في عالم السياسة بالتاكيد لا ينظرون الا بمنظار المصالح القومية للدولة وان الدول غالبا تبني سياساتها وتصيغ استراتيجياتها بناء على وقائع اقتصادية وجيوبوليتيكية لان الإقتصاد والجغرافيا السياسية هم محركي للسياسة العالمية ولذا يقول متابعون لتطورات الملف اليمني بناء على هذه الوقائع العلمية والمعطيات ان اليمن سيكون هدف دائم للاطماع الخارجية بالإضافة لوجود مخاوف جدية غربية خليجية والمملكة العربية السعودية خصوصا باتساع رقعة انتشار تنظيم القاعدة في اليمن وتصاعد الحراك الحوثي والمخاوف من فقدان سيطرة الولايات المتحدة في اليمن بعد خلع ابرز حلفائها من سدة الحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح وسيطرة وتقدم ايران في الخليج " الفارسي " والقلق بشأن ان تؤدي هذه التغييرات الى بداية تهديد امن الخليج من البوابة اليمنية وخطر سقوط انظمة ملكية لان كل هذه الازمات التي تعصف بالخليج من اليمن الى البحرين الى الحراك ضد آل سعود ستلقي بثقلها على كل الدول فيه ولهذا قررت الدول ذات الأطماع الإستراتيجية والأنظمة القلقة على مصيرها ان تستعمل الورقة الاخيرة في جعبتها هي ضخ الاموال لشراء اليمن قبل الإنتخابات التشريعية فيه كي تمنع اي عملية تحول حقيقي على المستويين السياسي والاقتصادي وكي لا تسيطر ايران على اليمن عبرما يعتبرونهم حلفاء ايران "الحوثيون" ويصبح النفط الخليجي محاصرا بين مضيقي هرمز وباب المندب؟ فهل ستنجح تلك الدول بذلك؟
بالتأكيد رحيل نظام صالح لا يعني أن مشاكل اليمن قد انتهت والتفجيرات الأخيرة التي حصدت عشرات الضحايا تؤشر الى ذلك، فثلاثة عقود من الحكم تركت دون شك تركة ثقيلة للغاية، وتتناول هذه التحديات جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من بينها تحسين مستويات المعيشة وتنمية الاقتصاد القومي، كما يطالب المحتجون في شوارع اليمن، يشكلان تحديات هائلة امام اي شخص او كتلة سياسية ستخلف صالح.
* محمد حمية