.. فالعجز الاميركي ـ الغربي في مواجهة حلف دولي واقليمي ذكي وصاعد وعنيد يمتلك العديد من وسائل الضغط والمناورة وعلى مختلف الاصعدة والمجالات، هو الذي جعل الامور تسير نحو الحلحلة، وبالتالي فان هذا الوضع (فشل الضربة الاميركية ـ الغربية، اقتتال اطراف المعارضة السورية المسلحة فيما بينها، الانزواء القطري، التراجع التركي، الانكفاء الاردني وهزيمة الاجندة السعودية والاسرائيلية) تشارك في صيرورته اميركا وقوى اوروبية اخرى...
والغريب اننا نشاهد اصطفافا سياسيا ودبلوماسيا من نوع آخر يختلف عن الصورة النمطية للأصطفافات التي عهدتها المنطقة، وهذا الاصطفاف يزيد من تعقيدات المشهد الشرق اوسطي المعقد بالاساس.. الاصطفاف الجديد يمكن ان نسمية تحالف الفاشلين في مواجهة تحالف المتقاربين.. تقارب القوى الفاعلة التي تملك مشاريعا الذاتية وانكفاء الفاشلين بعد ان همشت ادوارهم التطورات الجديدة.. حتى انتهى باحد الفاشلين الى ترك مقعده غير الدائم في مجلس الامن الدولي بعد كل الاموال والرشاوى والعلاقات التي نسجها من اجله..
ولنسمي الاسماء بمسمياتها، الفاشلون، هم: اسرائيل في المقدمة والسعودية التي اضحت صفر اليدين وعادت من عملية فبركة الكيماوي السوري بخفي حنين، يتبعهم في ذلك بعض الانظمة الخليجية والعربية التي تقتات على فتاة الخليجيين، (وطال الفشل بعض الحركات التي تلبست بثوب الحماس للمقاومة فانتهى بها الامر شفاه على نعال السلطان القطري والتركي).. واغلب الفاشلين جمعتهم جبهة الحقد والحسد والخوف من ايران القوة الصاعدة المبدأية التي لم تتخل عن حلفاءها في اشد الظروف...
الصهاينة يدركون ان القوة التي امامهم هي ايران فقط، لذلك فأن امتداد القوة المنافسة يعني بالضرورة انحسار نفوذهم وامتدادهم.. وهذا هو جوهر الاستراتيجية الاسرائيلية التي قال بها "شيمون بيرز" في كتابه الشرق الاوسط الجديد، والتي طورها "نتنياهو" وصرح بها "شالوم" فيما يتعلق بالحلف "الاسرائيلي ـ السني" في مواجهة الهلال الشيعي ( وعذرا لاستخدام هذه التسميات حسبما جاءت في ادبيات الفاشلين) ...
اما السعودية، النظام الحاكم لبلاد الحرمين، والمدلل الثاني على قائمة المدللين الاميركان! فهي لا تملك مشروعا مستقلا، بل هي دائما تبع لمشاريع الاخرين، لذلك دورها يتلخص عادة في ترجيح مشروع على آخر بمواصفات التدجين السعودي.. وهذه المرة رجحت المشروع الاسرائيلي بعد ان تخوفت من ابتعاد اميركا عن نواياها واحقادها ـ حسب وصف فيلتمان صديقها السابق ـ ولان الاميركان سيكونون في قمة البراغماتية اذا ما وجدوا من الصعوبة المواجهة مع الايراني الذي ظهر لهم "ذئبا" في عهد الرئيس احمدي نجاد و"ثعلبا ماكرا" في عهد الرئيس روحاني.. او هكذا تصوروه!!
ودون خجل او مواربة عارض السعوديون والاماراتيون سياسة التقارب الاميركي ـ الايراني وهرولوا الى حلفاءهم في تل ابيب يرجون ضغوطا لثني الغرب عن بدعة الاقتراب من ايران ومقاربة العقدة الفارسية... والغريب ان الاسرائيلي حتى، كان اصدق منهم عندما اعلنت القناة العاشرة في التلفيزيون الاسرائيلي عن تلك اللقاءات والتنسيقات.. أما قناة " ان تعرف اكثر!!" فلم تسعفها المعرفة في هذا المجال!!
ولكي نكون واقعيين ولا نسترسل بالتفاؤول، هل سيتمكن الفاشلون وحلفهم او يتامى صقور الادارة الاميركية السابقة من الاخلال في موازين الصحوة الدبلوماسية الجديدة لادارة اوباما والعودة بالامور الى اجواء التصعيد والحرب والوعيد؟ .. ام ان القافلة ستستمر بالمسير وما هذا سوى " نباح كلاب على قادم"!!
*علاء الرضائي