وقال آية الله خامنئي في ندائه إلى حجاج بيت الله الحرام خلال مراسم البراءة من المشركين أن الاضطراب السياسي وانتشار الإرهاب في المنطقة هو نتاج المخططات الأجنبية وعملاء الاستكبار، موضحاً أن الأوضاع المزرية قد تدفع المسلمين لنسيان قضايا أساسية كإنقاذ فلسطين والشعوب الإسلامية من المؤامرات الأميركية والصهيونية.
وشدد آية الله خامنئي أن العناصر التكفيرية صارت اليوم ألعوبة بيد الصهاينة وحماتهم الغربيين بارتكابها جرائم كبيرة وسفك دماء الأبرياء، مؤكداً أن تقوية روح الأخوة والتآخي هي الدرس الأكبر للحج، ودعا المسلمين إلى الاتحاد تحت لواء التوحيد.
العصر الحاضر عصر الصحوة واكتشاف الهوية للمسلمين
وبين آية الله خامنئي في نداءه أن العصر الحاضر هو عصر الصحوة واكتشاف الهوية بالنسبة للمسلمين؛ مضيفاً أن: هذه الحقيقة يمكن التوصل إليها بوضوح من خلال الأزمات التي تواجهها الدول الإسلامية وفي هذه الظروف بالذات؛ فإن العزم والإرادة المعتمدة على الإيمان والتوكل والبصيرة والتدبير يمكنها أن تأخذ بأيدي الامم الإسلامية في هذه الازمات إلى النصر ورفع الرأس وأن يكون مصيرها العزة والكرامة.
وصرح أن الجبهة المقابلة التي لا تطيق يقظة وعزة المسلمين قد استنفرت جميع وسائلها الأمنية والنفسية والعسكرية والاقتصادية والدعائية لإرباك المسلمين وقمعهم وإلهائهم بأنفسهم.
وحذر قائد الثورة من أن الأوضاع المؤسفة يمكن أن تجعل الصحوة الإسلامية عقيمة وأن تهدر الاستعدادات الروحية التي ظهرت في العالم الإسلامي وتعيد مرة أخرى الأمم الإسلامية إلى حالة الركود والإنزواء والانحطاط وتدفع إلى زوايا النسيان قضاياها الأساسية والمهمة كإنقاذ فلسطين والأمم الإسلامية من المؤامرات الأميركية والصهيونية.
نجاة المجتمع الإسلامي بأناس يتمتعون بالفكر والعمل
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى أن: أكثر ما تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم هو أناس يتمتعون بالفكر والعمل إلى جانب الإيمان والصفاء والإخلاص، والمقاومة في مقابل الأعداء الحاقدين إلى جانب الاعداد المعنوي والروحي؛ وهذا هو الطريق الوحيد لنجاة المجتمع الإسلامي الكبير من المصائب التي تلم به جهاراً من قبل الأعداء أو بسبب ما علق بهم في الأزمان السالفة من ضعف العزم والإيمان والبصيرة.
تقوية روح الأخوة درس الحج الأكبر
ولفت آية الله خامنئي إلى أن العلاج البنيوي والأساسي يمكن تلخيصه في جملتين وكلاهما من أبرز دروس الحج: الأولى ـ اتحاد وتآخي المسلمين تحت لواء التوحيد. والثانية ـ معرفة العدو و مواجهة مخططاته وأساليبه.
وأوضح أن تقوية روح الاخوة والتآخي هي درس الحج الأكبر؛ ففي الحج الجدال والخشونة مع الآخرين ممنوعة؛ واللباس واحد والاعمال واحدة والحركات واحدة؛ والتعامل الرؤوف هنا يعنى المساواة والأخوة بين جميع الأشخاص الذين يعتقدون بمركز التوحيد، وهذا هو جواب الإسلام الصريح لكل فكر وعقيدة ودعوة تدعو لإخراج فرقة من المسلمين المؤمنين بالكعبة والتوحيد من دائرة الإسلام.
العناصر التكفيرية باتت ألعوبة بيد الساسة الصهاينة
وبين آية الله خامنئي أن العناصر التكفيرية صارت اليوم ألعوبة بيد الساسة الصهاينة الغدارين وحماتهم الغربيين وتقوم بجرائم كبيرة وتسفك دماء المسلمين والابرياء.
وصرح قائلاً: إنني ككثير من علماء الإسلام والحريصين على الأمة الإسلامية أعلن مرة أخرى أن أي قول أو عمل يشعل نار الاختلاف بين المسلمين، وأيضاً أي اهانة لمقدسات أي من الفرق الإسلامية أو تكفير أحد المذاهب الإسلامية هو خدمة لمعسكر الكفر والشرك وخيانة للإسلام ومحرمة شرعا.
وأشار إلى: ظهور مجموعات وتيارات متزمتة تقوم على طريقة الأقوام المتوحشين في التاريخ بشق صدور البشر وتمزق قلوبهم بأسنانها، والمسلحون الذين يقتلون الأطفال والنساء ويقطعون رؤوس الرجال ويعتدون على أعراضهم؛ وفي بعض الحالات يتم ارتكاب هذه الجرائم المخجلة والمثيرة للاشمئزاز باسم الدين وتحت رايته.
ولفت قائد الثورة إلى أن: معرفة العدو وأساليبه هي الركن الثاني؛ كما لا يجوز الغفلة عن وجود العدو الحاقد أو نسيانه؛ والمراسم المتعددة لرمي الجمرات في الحج هي علامة رمزية على هذا الاستحضار الذهني الدائم لعدم الغفلة عن العدو.
العدو الأساسي اليوم جبهة الاستكبار العالمي والشبكه الصهيونية
وفي كلامه عن العلاج البنيوي والأساسي ضمن دروس الحج أوضح آية الله خامنئي قائلاً: ثانيا لا يجوز الوقوع في خطأ تحديد العدو الأساسي الذي هو اليوم نفس جبهة الاستكبار العالمي والشبكه الصهيونية المجرمة؛ وثالثاً يجب تشخيص أساليب هذا العدو المعاند والمتمثلة بإيقاع الفرقة بين المسلمين وترويج الفساد السياسي والاخلاقي وتهديد وتطميع النخب والضغط الاقتصادي على الشعوب والتشكيك في العقائد الإسلامية كما يجب معرفة المرتبطين به وأياديهم سواء ارتبطوا به عن قصد أو غير قصد.
وأشار إلى أن الدول المستكبرة وفي مقدمتها أميركا وبمساعدة وسائلها الإعلامية الواسعة والمتطورة تقوم بإخفاء وجهها الحقيقي كما تقوم بخداع الرأي العام للأمم والشعوب من خلال التظاهر بحماية حقوق الإنسان والديمقراطية؛ وقال: إن هؤلاء يتظاهرون بالدفاع عن حقوق الشعوب في الوقت الذي تكتوي فيه الشعوب الإسلامية بكل كيانها بنار فتنهم كل يوم أكثر من الماضي.
محن الشعوب تظهر الوجه الحقيقي لقادة النظام السلطوي
وقال آية الله خامنئي: إن نظرة واحدة إلى الشعب الفلسطيني المظلوم الذي يتلقى يومياً طعنات الكيان الصهيوني وحماته على مدى عشرات السنين؛ أو إلى بلدان أفغانستان وباكستان والعراق حيث حول الإرهاب الذي هو وليد سياساتهم الاستكبارية وأياديهم الإقليمية حياة شعوبها إلى جحي؛. أو نظرة إلى سوريا التي تتعرض بجرم دعم تيار المقاومة ضد الصهيونية إلى أمواج حقد المتسلطين الدوليين وعملائهم في المنطقة، حيث أضحت أسيرة حرب دموية (داخلية)؛ أو نظرة إلى البحرين أو إلى ميانمار حيث يتم التعامي عما يتعرض له المسلمون من المحن ويتم دعم أعدائهم؛ أو نظرة إلى الشعوب الأخرى التي يتم تهديدها عسكرياً باستمرار من قبل أميركا أو حلفاؤها أو أنها تحاصر اقتصادياً أو تهدد أمنيا... فإن كل ذلك يظهر الوجه الحقيقي لقادة النظام السلطوي.
مؤكداً أن: على النخب السياسية والثقافية والدينية في جميع أنحاء العالم الإسلامي أن تلتزم ببيان هذه الحقائق... وهذا واجب أخلاقي وديني علينا جميعا.
وبين آية الله خامنئي أن: دول شمال افريقيا التي هي في معرض الاختلافات العميقة للأسف أكثر من غيرها يجب أن تنتبه إلى هذه المسؤولية العظيمة... أعني معرفة العدو وأساليبه وحيله؛ فإن استمرار الاختلافات بين التيارات الوطنية والغفلة عن خطر الحرب الداخلية في هذه البلدان خطر كبير لا يمكن تلافي أضراره الكبيرة على الأمة الإسلامية في المدى القريب.
شعوب الصحوة لن تسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء
وصرح القائد: نحن بالطبع لا شك لدينا بأن الشعوب التي نهضت في تلك المنطقة وجسدت الصحوة الإسلامية لن تسمح _بإذن الله_ بعودة عقارب الساعة إلى الوراء وعودة الزعماء الفاسدين والعملاء والديكتاتوريين، لكن الفغلة عن دور القوى الاستكبارية في إثارة الفتن والتدخل المخرب ستزيد من صعوبة عملهم؛ وستؤخر عصر العزة والأمن والرفاه لسنوات.
وأضاف: نحن نؤمن بقدرة الشعوب وبالقدرة التي وضعتها حكمة الله في عزم وإيمان وبصيرة جماهير الشعب؛ ونؤمن بها من اعماق القلب، ورأيناها بأم العين قبل ثلاثة عقود في الجمهورية الإسلامية في ايران وعايشناها بكل كياننا.
وخلص إلى القول: إن عزمنا هو دعوة جميع الشعوب الإسلامية إلى النظر في تجربة إخوانهم في هذا البلد العزيز والذي لا يعرف الكلل.