ونترككم لقراءة المقال كما جاء في صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الخميس، والذي حمل اسم "القبة والأساطير":-
أحدث التأثر بأداء القبة الحديدية في عملية عمود السحاب سلسلة أساطير حان الوقت الآن بعد مرور نصف سنة وبعد نشر معطيات اخرى عن عمل منظومة الاعتراض وتحليلها، لامتحانها بامتحان الواقع. وسنمتحن اثنتين منها هنا.
الاسطورة الاولى: القبة الحديدية تنقذ الناس. ويُبين الفحص بالإضافة إلى المعطيات التي نشرت انه لا يوجد أي فرق بين عدد القتلى في خلال هجمات القذائف الصاروخية قبل استعمال القبة الحديدية وبين عددهم وقت استعمال القبة الحديدية.
كانت سنة 2008 سنة قياسية في كل ما يتعلق بأطلاق القذائف الصاروخية من غزة، فقد أُطلق فيها 2048 قذيفة صاروخية من القطاع، وكانت القبة الحديدة ما زالت غير موجودة، وكان عدد القتلى بهذا الاطلاق خمسة اشخاص.
وفي السنوات ما بين 2001 – 2007 أُطلق من غزة 2383 قذيفة صاروخية، وقُتل بهذا الاطلاق عشرة اشخاص، أما خلال عملية عمود السحاب أُطلق على "اسرائيل" عدد أقل من القذائف الصاروخية بلغت نحو 1354 قذيفة (479 منها على مناطق مأهولة)، قُتل بها ستة اشخاص.
أي ان زعم ان القبة الحديدية تنقذ الناس لا يطابق الواقع، فالذي ينقذ الناس هو الدخول السريع الى الملاجئ أو أفضية محصنة لا عمليات الاعتراض، والنتائج متشابهة مع القبة الحديدية أو بغيرها.
والاسطورة الثانية: يمكن ان نستدل على نسب الاعتراض المدهشة للقبة الحديدية من حقيقة أن 58 قذيفة صاروخية فقط أصابت مناطق مأهولة، فبحسب المعطيات التي نشرها الجيش الاسرائيلي، نجحت القبة الحديدية في اعتراض 421 قذيفة صاروخية من 479 قذيفة التي أطلقت على مناطق مأهولة (نسبة 90 في المائة نجاح).
لكن المعطيات على الارض هنا ايضا لا تلائم معطيات الجيش. فبحسب معطيات المنطقة الجنوبية للشرطة، قام مفككوا الألغام بتفكيك 109 قذيفة صاروخية وقعت في مناطق مأهولة في منطقتهم. ويُبين جمع التقارير في وسائل الاعلام في ايام القتال أنه حدث على الأقل 104 سقوط لقذائف صاروخية في مناطق مأهولة في الجنوب.
وينبغي ان نضيف اليها القذائف الصاروخية التي أصابت منطقة الوسط، أي أن العدد الحقيقي للقذائف الصاروخية التي أصابت المناطق المأهولة التي دافعت القبة الحديدية عنها هو ضعف ما أبلغ عنه الجيش على الأقل، ويتبين من هنا ان نسب نجاح القبة الحديدية بعيدة كثيرا عن 90 في المائة.
يظهر من خلال تقرير لمنظمة "كيشف" علامات استفهام ايضا تتعلق بصدق تقارير الجيش الاسرائيلي، ففي ذروة عملية عمود السحاب مثلا في يوم السبت 17 تشرين الثاني 2012 أفاد متحدث الجيش الاسرائيلي عن وقوع 33 قذيفة في منطقة مأهولة. وبعد ذلك بيومين أفاد المتحدث عن وقوع 37 قذيفة، أي بزيادة 4 قذائف سقطت في مناطق مأهولة. ومن فحص التقارير الجارية في وسائل الاعلام تبين أنه سُجل في هذين اليومين على الأقل 25 اصابة مباشرة لقذائف صاروخية في مناطق مأهولة في عسقلان وأسدود وسدروت وبئر السبع. وينبغي ان نفترض ان متحدث الجيش الاسرائيلي كان يعرفها.
وتثار علامات سؤال اخرى بالنظر في تقارير ضريبة الاملاك. فقد قُدم بعد العملية 3165 طلبا بسبب إضرار بممتلكات. أي أنه اذا كانت قد سقطت 58 قذيفة فقط في مناطق مأهولة فان الحديث عن 55 دعوى وقوع قذيفة. وفي مقابل ذلك قُدمت على أثر عملية الرصاص المصبوب 1883 دعوى بسبب اصابة 255 قذيفة صاروخية أي 7.4 دعوى في المعدل عن كل قذيفة صاروخية.
وفي حرب لبنان الثانية وقع في مناطق آهلة نحو من 1400 قذيفة صاروخية كان كثير منها أكبر كثيرا من التي أُطلقت في عمود السحاب وتم تقديم 30 ألف دعوى. أي بمعدل 21 دعوى لكل قذيفة صاروخية. فليس واضحا كيف سببت القذائف الصاروخية في عمود السحاب خاصة ضررا أكبر بأضعاف، وهذا الأمر يدلل على أن عدد القذائف الصاروخية التي أصابت مناطق مأهولة ليس 58 بل هو أكثر من ذلك كثيرا؟