فالحقيقة الثابتة هي ان ثورة البحرين فرضت احترامها وخصوصياتها الحضارية على الرأي العام، بدليل انها اضحت حديث احرار العالم، رغم محاولات الحكام المستبدين في دول مجلس التعاون بمنطقة الخليج الفارسي، تشويه سمعتها واهدافها وتطلعاتها المشروعة والعادلة، والتشكيك في استقلاليتها واصالتها.
وفوق كل ذلك اثبتت ثورة البحرين جدارة فائفة في التصدي لاجندات قوات درع الجزيرة التي لم تجن سوى الفضيحة والعار من تدخلها السافر بشؤون الشعب البحريني المضطهد قبليا وطائفيا هناك.
فقد برهنت قوات ما يسمى بـ "درع الجزيرة" بزعامة السعودية على انها من ألد اعداء الثورات الشعبية الساعية الى ارساء المبادئ الديمقراطية والحريات السياسية والتعددية وتداول السلطة، كما انها اظهرت عجزها الكامل عن اخماد ثورة البحرين، بدليل ان هذه الثورة السلمية دخلت يوم الخميس 14/3/2013 عامها الثالث وهي امضى عزيمة واصلب عودا من ذي قبل في مقارعة قهر آلة القمع الخليفية ــ السعودية بلغة الصمود والتحدي والتضحية ،على الرغم من مخططات الطغمة الحاكمة في المنامة والریاض لاستدراج ابناء الشعب البحریني الى اساليب العنف والمقاومة المسلحة.
اذن بات من الواضح ان الاحتلال السعودي ومع كثرة مرتزقته المتطرفين، اخفق في اجهاض الثورة البحرينية، وفي الوقت ذاته كشف عن حقيقته الدنيئة والمزدوجة على مستوى التعامل مع تطلعات الشعوب.
انه لمخز للغاية ان يرى المسلمون والعرب واحرار العالم كيف أن آل سعود وآل ثاني وآل خليفة، یکادون یقیمون الدنيا ولايقعدونها من اجل دعم أضرابهم التكفيريين في سوريا تحت ذريعة "نصرة الثورة الشعبية ونشر الديمقراطية" هناك، في حين انهم لا يترددون قيد انملة في سفك دماء المواطنین المطالبين بالحريات واحترام العلاقات الانسانية والحقوق المدنية في بلدانهم، او زجهم نساء ورجالا شيوخا وشبابا واحداثا في غياهب السجون، او فصلهم من الوظائف والاشغال او التضييق عليهم اكثر فاكثر في استحصال لقمة العيش.
واذا ما وضعنا امامنا الوثيقة العالمية لحماية حقوق الانسان، فان الانطباع الذي سنخرج به حتما هو أن ادعياء "الشرعية الدولية" وحكام الانظمة البترولية الرجعية، يتلاعبون فعلا بالقوانين والمعاهدات الدولية وفقا لاهوائهم وسياساتهم على اساس الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير، الامر الذي يفضح الشعارات والسلوكيات المنافقة لتجار الحروب في المنطقة والعالم بشكل لالبس فيه.
واقع الامر ان ابناء الشعب البحريني يخوضون كفاحا مريرا على جبهتين هما الاستكبار العالمي من جانب ، والنظم القبلية ذات الخلفیات الجاهلیة العنصریة من جانب آخر، وفي مواجهة كلتا الجبهتين سجل الثوار السلميون بقيادة علماء الدين الافاضل والمفكرين الرساليين والمناضلين الحقيقيين، ملاحم خالدة في الصبر والاستقامة والثبات امام الظلم والبغي والعدوان.
*حميد حلمي زادة