فالواقع انه لولا تدفق المقاتلين المتشددين على هذا البلد، وتلقيهم الاسلحة والاموال والدعم الاعلامي التحریضی من قبل الرياض والدوحة وابوظبي وانقرة، لما شهدت سوريا مثل هذه الفتنة، ولما كان شعبها الكريم هدفا للحملة الغربية الصهيونية الاقليمية الشرسة . على صعيد متصل لا نشك ابدا في ان جولة وزير الخارجية الاميركية جون كيري في المنطقة ولاسيما في البلدان البترولية الخليجية، تأتي انعكاسا للخسائر السياسية والعسكرية والاستخبارية التي مني بها المتآمرون الدوليون والاقليميون على الشعب السوري وقيادته الوطنية طيلة العامين الماضيين.
فالمعلومات الواردة تؤكد على ان التحالف الاستكباري يشعر بالاحباط والخيبة والتخبط نظرا لفشله الذريع في تغيير الاوضاع والمنظومة السورية المتماسكة وفقا للاستراتيجية الاميركية الاسرائيلية، وذلك بسبب وقوف الشعب سدا منيعا بوجه المؤامرة الدولية، وانحيازه لمنطق العقل والموضوعية والحوار الوطني، ورفضه المطلق للغة القتل والارهاب والتدمير التي يساندها اعداء سوريا بكل الوسائل والادوات الفتاكة .
واغلب الظن ان بعض زعماء المشروع الطائفی من الذین قد بلغوا من الکبرعتیا ، وباتوا قاب قوسین او ادنی من الموت ، یتمنون وقبل ان تبتلعهم القبور، مشاهدة سوریا ممزقة یعبث فیها التکفیریون الجهلة ویعیثون فیها فسادا ویجعلون منها منطلقا لتصدیر الارهاب والفوضی الی لبنان والعراق وانحاء العالم الاسلامی.
فی موضوع ذی صلة وجه وزير الخارجية علي اكبر صالحي رسالة ايران المبدئیة الى امين عام الامم المتحدة بان كي مون، ينصحه فيها بعدم تأخير الحل السلمي للازمة في سوريا لما لذلك من تداعيات خطيرة على المنطقة والعالم. كما طالب الوزير المنظمة الدولية والمؤسسات التابعة لها بادانة الاعمال الارهابية والتفجيرات العمياء التي تستهدف المواطنين الابرياء هناك (موضحا) ان هذه الممارسات ستعرقل الجهود الرامية الى تسوية الازمة السورية سياسيا، وهي تنم في الوقت ذاته على الشعور باليأس والاخفاق الذي ينتاب الاطراف التي تريد تحقيق مصالحها الخاصة عبر اشاعة الارهاب وضرب الاستقرار في سوريا.
وغني عن البيان ان من تلقى الصفعة الاکثر ایلاما نتيجة لصمود الشعب السوري وعدم انجراره للفخ التآمري، هم صناع القرار وتجار الحروب في اميركا واوروبا واسرائيل وزعماء (الطائفية التكفيرية) في السعودية وقطر وتركيا والامارات، الامر الذي جعلهم يتذبذبون في اطلاق مواقفهم. فمن جهة هم يقترحون العودة الى وثيقة اتفاق جنيف التي تتضمن (الخطوط الكبرى والمبادئ لمساعدة الفرقاء السوريين على التقدم في العملية السياسية وتشكيل الحكومة الانتقالية والقيام بالتغييرات الضرورية، على ان يكون مستقبل الرئيس بشار الاسد شأنا داخليا يحدده الشعب السوري لاغيره).
لكن من جهة اخرى فانهم يلوحون بفزاعة تزويد الجماعات المعارضة بالاسلحة. وقد جاءت تصريحات وزير الخارجية الاميركي يوم الثلاثاء 5/3/20013 من الدوحة التي اختتم فيها جولته عندما صرح في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني "ان واشنطن اجرت محادثات مع كل من الرياض والدوحة بشأن نوع الاسلحة المزمع تقدیمها لجماعات المعارضة السورية".
ويتضح من هذا التناقص في التصريحات الغربية والاقليمية، ان اطراف هذه الحرب العدوانية الشعواء باتت تعاني من اضطرابات سیاسیة ومزاجية ونفسية تجعل من تحقيق اهدافها الارهابية في سوريا المقاومة للمشروع الاميركي ــ الصهيوني مجرد اضغاث احلام . ومرد ذلك ان مسلسل الاعمال الارهابية والتفجيرات الانتحارية والشعارات التكفيرية المدعومة بالفتاوى التحريضية المضللة الصادرة من قبل الوهابية والقرضاوي والقاعدة، عزز القناعة في نفوس غالبية ابناء الشعب السوري، بأن هذا التكالب المسعور على بلادهم، يستهدف نحر (المقاومة المؤمنة) التي هزمت اسرائيل واسيادها وعملاءها في المنطقة، واسقاط مواقعها واحدا واحدا، وفي الصميم منها دمشق التي سجلت ملاحم خالدة في تقويض المشاريع الغربية ــ الصهيونية علی مر العقود الاربعة الماضیة .
بيد ان الاعداء باتوا یتحسسون ايضا بان التحرک في هذا المخطط لا يسير وفق ما يشتهون، لان ثمة جبهة تحررية عالمية مناضلة تقف بالمرصاد لمؤامراتهم ، وهي لن تسمح ابدا بتمرير مآربها الدنيئة .
حمید حلمی زادة