العادة هنا في لبنان أن يتم الجدل على القانون القائم او السعي لتعديله او حتى البحث من بين قوانين الانتخاب التي أجريت على اساسها الانتخابات الماضية ، لكنها المرة الاولى التي ينطلق البحث فيها من قوانين تهافت السياسيون على طرحها وصياغتها وتقديمها كأفضل القوانين للبنان.
أخيراً وبعد جدل وبحث وتفحيص وتمحيص وخلاف وإتفاق أستقرت الطروحات عند مشروع واحد هو قانون اللقاء الارثوذكسي الذي نال نعمة المرور في اللجان النيابية المشتركة.
مر القانون المذكور لكنه عملياً لم ينل نعمة القبول المطلق في لبنان، فتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي لم يريا في الاقرار الا تاريخاً اسودا سجله لبنان ، ولم يعتبراه الا خرقا لصيغة العيش المشترك، كالوا واستفاضوا في وصفه ووسمه بأسوا العبارات، تبريرهم في ذلك أن ما قام عليه لبنان من تعايش بين الطوائف كان هو الاساس في بقاء هذا البلد، برغم اختلاف كل شيء فيه، وذلك لا يستحق او يستأهل البتة القفز والعبور فوقه في قانون يكرس الطائفية والانقسام . فبالنسبة لهذا الفريق إن لبنان ينبغي له أن يذهب إلى اقرار قانون يعمق التألف بين طوائفه وليس تكريس حق الطوائف ما يعيدنا الى القرون الغابرة، ذلك ان السعي العام المفترض هو الابتعاد عن كل مسميات وآليات الطائفية ومذاهبها .
كثيرةإذا كانت العبارات التي وصف بها المشروع المذكور، لكن الفريق الداعم الذي يتزعمه التيار الوطني الحر ومن خلفه الكتل المسيحية الاخرى في مجلس النواب من القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية بوصفهم يريدون استعادة حقوق المسيحين المهدورة ، مثَل لهم القانون باب الانتصارالكبيرالذي تحقق، التحقق لا يعني البتة كما يقولون أخذ حصص غيرهم بل يتمثل بالنسبة اليهم في إستعادة حق سحبته منهم القوانين السابقة، عندما منعت على المسيحيين أن يكونون بيضة القبان في انتخاب نوابهم المسيحيين.
بهذا القانون تحقق المرتجى لهؤلاء ، ونجحوا برغم اختلافاتهم وانتماءاتهم السياسية المتباينة أن يجتمعوا تحت قبة مصلحة المسيحيين بين قوسين، وتحت هذا المسمى خرق بعضهم صفوف تحالفاته السياسية فأمنوا بذلك الاصوات المطلوبة لمرور مشروع القانون .
مر المشروع في اللجنة بانتظار إمتحان الهيئة العامة لمجلس النواب، آمنت الاصوات عمليا لمرور آمن داخل أروقة البرلمان بعد ان تحالف الاضداد ،لكن لا شيء في لبنان آمن، فالتجربة لطالما برهنت ان كل شيء ممكن في هذا البلد، سواء عبر التقاء المتخاصمين او اختلاف المتحالفين .
القضية هنا حبكة سياسية، وحسابات كل طرف،منطق الربح والخسارة هو السائد الاعم ، والحسابات نكهة خبرها اللبنانيون جيدا، فهنا كل طرف يتعاطى انطلاقا من مصالحه الخاصة. صحيح أن الكتل السياسية المسيحية اتفقت عند باب المصلحة المسيحية بتصويتها لهذا القانون وهي مصلحة خاصة من منطلقاتها وبرغم كل تبريرات اللجوء اليها، لكن لا شيء يمنع أن يتحول التوافق الى لا توافق في لحظات الحسم الاخيرة .
فرئيس مجلس النواب نبيه جهد جهد لاسابيع في محاولة تسويق قانون ينال رضا الجميع لانه لا يرغب لكتلة سياسية كبيرة تمثل تيار المستقبل او حتى للنائب وليد جنبلاط ان يبقيا خارج توافق انتخابي ، كيف اذا كان الرئيس بري من تعود ان يكون عراب الحلول في لبنان.
فشل الرجل في جمع التناقضات فما كان في النهاية الا ان وضع الجميع أمام مسؤولياتهم ،آمن مرورا ديمقراطيا لمشروع القانون الوحيد الذي نال اغلبية الاصوات داخل اللجان المشتركة، دون ان يعني ذلك قرارا منه يتحويله الى الهيئة العامة لمجلس النواب، وهو العارف برغبة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الطعن به في حال اقر، لمخالفته بحسب رايه ميثاق العيش المشترك .
بالمحصلة قالت اللجان كلمتها وفتح الباب لتسوية اللحظة الاخيرة وفيها سيِهان مشروع اللقاء الارثوذكسي عبر تغير المواقف او سيكرم عندما يجعله اتفاق الصف المسيحي قانون انتخابات العام 2013 . انتخابات ينتظر ان يهز حصولها وربما فصولها لبنان بكامله من اقصاه الى اقصاه .
*فاطمة عواضة