الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق جورج بوش كانت تهدد ايران بشن حرب عليها بسبب عدم تعليقها تخصيب اليورانيوم وترى ان ايران تعمل على حيازة الاسلحة الذرية بينما تنفي ايران الاتهامات الامريكية وترى بان الولايات المتحدة لا تملك الارادة لاجراء مباحثات معها لانها منحازة لاسرائيل ولا تقبل بما لا يرضي اسرائيل.
وبعد فوز الرئيس الامريكي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ، اعرب اوباما عن رغبته في الحوار مع ايران ، وكشف قائد الثورة الاسلامية اية الله علي خامنئي وللمرة الاولى عن رسائل خطية وشفهية عديدة بعث بها اوباما له ودعا في رسائله الى تعاون ايران مع الولايات المتحدة لحل المشاكل العالمية.
واكد القائد في كلمته التي القاها في جمع من طلبة الجامعات بمناسبة حلول الذكرى الثلاثين لاحتلال السفارة الامريكية في طهران ان الرئيس الامريكي اعلن في رسائله المتكررة عن نيته في التغيير مشيرا الى انه ( اي القائد ) لم يعلق على رسائل اوباما ، وانتظر ان يقوم الرئيس بتنفيذ وعوده ولكنه لم ير اي تغيير في المواقف الامريكية بل استمرت التهديدات الامريكية لبلاده .
واكد السيد علي خامنئي موقف ايران من العلاقة مع الولايات المتحدة بالقول: انه طالما لم تكف الادارة الامريكية عن التهديد ونزعتها الاستكبارية فان الشعب الايراني لن ينخدع بالتصريحات التصالحية ظاهريا.
من جهته قال الرئيس الامريكي باراك اوباما في بيان له بمناسبه الذكرى الثلاثين لعملية احتجاز الرهائن في السفارة الامريكية في طهران ان الولايات المتحدة ترغب في تخطي الماضي وتسعى الى علاقة مع ايران مبنية على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل.
وقال ان واشنطن لا تتدخل في الشوون الداخلية الايرانية وانها ادانت التفجيرات الارهابية التي جرت في ايران كما انها تعترف بحقها الدولي في الحصول على الطاقة النووية السلمية.وتابع الرئيس الامريكي ان الولايات المتحدة اظهرت بمعية باقي دول المجتمع الدولي حسن النوايا والاستعداد لبناء خطوات لاعادة الثقة .
وجاءت آخر خطوة من جانب الامريكان بعد فوز الرئيس الامريكي لولاية ثانية ، اذ اعلن نائب الرئيس الاميركي جو بايدن يوم (4 فبرايرالجاري ) بأن الامريكيين "مستعدون لاجراء مفاوضات مباشرة مع ايران بشأن البرنامج النووي"، لكن السلطات الأميركية فرضت اعتبارا من يوم الأربعاء (6 فبرايرالجاري )، عقوبات اقتصاديةً جديدة على إيران في خطوة تظهر استمرار الادارة الامريكية لموقفها العدائي تجاه طهران.
وكان الرد الايراني على مقترح نائب الرئيس الامريكي هو رفض المقترح من جانب قائد الثورة الاسلامية اية الله علي خامنئي بشان المفاوضات المباشرة مع ايران، ورأى قائد الثورة بأنه لا معنى لمفاوضات تقترن بتهديدات وضغوط وسوء نوايا، معتبرا أن أميركا تحاول استخدام ايران عبر جرها للمفاوضات كورقة رابحة لتعويض هزائهمها السياسية في المنطقة .
وراى قائد الثورة الاسلامية في كلمة له خلال استقباله مجموعة من قادة ومنتسبي القوة الجوية للجيش، ان المسؤولين الاميركيين الجدد يعاودون طرح قضية المفاوضات المقترنة بتهديدات وضغوط وبدون ابداء اي نوايا حسنة.
وأشار آية الله خامنئي الى فشل السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط ، وقال ان فشل سياسات الادارة الاميركية في الشرق الاوسط هو الذي دفعهم الى التأكيد على اجراء المفاوضات و ان أميركا تحاول استخدام ايران عبر جرها للمفاوضات كورقة رابحة لتعويض هزائهمها السياسية في المنطقة ولتصور للعالم أن لديها نوايا حسنة .وقال قائد الثورة "ان التفاوض يرتكز على حسن النية بينما التصرفات الاميركية وسياساتها تظهر بوضوح سوء نواياها.
وأستعرض القائد عددا من السياسات الاميركية كانموذج على ذلك وفي مقدمتها تقديم الدعم للفتنة ومثيريها داخل ايران خلال الانتخابات الرئاسية لايران عام 2009، وجحفلة الجيوش الى افغانستان بذريعة مكافحة الارهاب ثم التعاطي والتعاون مع الارهابيين انفسهم ضد سوريا وايران، ودعم عملاء الصهاينة في اغتيال العلماء الايرانيين، وتنفيذ حظرٍ حسب قولهم يشل الاقتصاد ضد الشعب الايراني، واعتبرها نماذج "تظهر بوضوح سوء نوايا الاميركان.".
وأوضح قائد الثورة أن المفاوضات تكتسب معناها الحقيقي متى ما تمت في ظروف متكافئة ومقترنة بنوايا حسنة وعدم خداع كل من الطرفين الطرف الآخر.
وتابع "انا رجل ثوري ولست ديبلوماسيا وأقول كلمتي بصراحة وصدق وحزم ان الضغوط والعملية التفاوضية لا تجتمعان معا ولابد لكم (اميركا) من ابداء حسن النية"، مضيفاً: التفاوض المقترن بالضغوط يعني أنهم يشهرون سلاحهم بوجه الشعب الايراني ويقولون له اما أن تتفاوض أو نطلق عليك النار، لكن عليهم ان يدركوا بان الشعب الايراني لايهاب تهديداتهم.
ان تصريحات قائد الثورة الاسلامية من التفاوض مع الولايات المتحدة جاءت قبل أيام من الذكرى ال34 لانتصار الثورة الاسلامية التي قضت على نظام الشاه المرتبط بالولايات المتحدة ، لتؤكد للامريكيين بان عليهم ان يعتبروا ايران قوة لا يمكن تجاهلها في المعادلات الدولية وليست دولة تابعة لها تفرض عليها ما شاءت من شروط وسياسات كما تفعل مع دول المنطقة ..
ففي الوقت الذي تتخبط فيه الادارة الامريكية في تحديد استراتيجية تجاه ايران ، بدأت أفكار جديدة تصدر عن مراكز الأبحاث المحافظة، وتتساءل عن الخيارات الممكنة في المرحلة المقبلة طالما المواجهة العسكرية الشاملة مع ايران غير متاحة، وخيار الاحتواء لا قبول به داخل واشنطن. ويحسم السفير الأميركي السابق جيمس جيفري، في تقرير صادر عن «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، أن إيران هي «من دون شك» أولوية إدارة أوباما على الجبهة الدولية.
ويلفت جيفري إلى أن أثر العقوبات على ايران أصبح أكثر فعالية منذ خريف العام الماضي مع تراجع صادرات النفط الإيراني حوالي 40 في المئة، لكنه يرى أنه في ظل أوراق طهران الإقليمية «ليس هناك ضمانة أن معاناة إيران ستكون كبيرة بما يكفي لتغيير عزمها على السعي لامتلاك أسلحة نووية!!». ويعتقد أنه حتى التهديد بالعمل العسكري ضد إيران «لا يمكن أن ينتج تغييراً أيديولوجياً في القلب بالنسبة للإيرانيين أو وقف برنامجهم النووي » .
يعدد جيفري الخيارات المتاحة في التعامل مع التحدي الإيراني، ويستبعد تغيير النظام وعمليات سرية ودعم عسكري وغير عسكري ، وعقوبات دولية وآحادية ، ويرى بأن الخيار الثالث هو التقارب مع طهران من خلال محادثات ثنائية، وهنا يرى أنه على واشنطن أن تتخذ خطوات تطمئن «تشكيك» قائد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، وتقنعه برغبتها بتحسين العلاقات، وذلك عبر تخفيف العقوبات والعمليات السرية.
من جهتها نشرت صحيفة اشبيغل الالمانية رسالة وداع وجهتها وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة هيلاري كلينتون الى الرئيس الاميركي باراك اوباما طرحت فيها عدة وصايا، منها ان تقوم الولايات المتحدة بمفاوضات مباشرة مع ايران في إطار حدود محددة، وتمنحها امتيازات واسعة. مؤكدة ان الامر يبدو بسيطا لكنه يمكن ان يؤثر، لان المنطقة تشهد تغيرات اساسية يمكن ان تؤدي الى ضياع ذلك..
واكدت الرسالة انه على الولايات المتحدة ان تعترف بحق ايران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 5 في المئة، يمكن ان ترتفع الى 20 في المئة للاغراض الطبية. وفي المقابل على ايران ان تنقل اليورانيوم المخصب من اجل الرقابة الدولية الى تركيا او روسيا وان تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية الدخول الى منشآتها النووية. على واشنطن ان تذعن بان ايران قوة اقليمية وان تكف من سعيها لتغيير النظام في البلاد.
واعتبرت هيلاري كلينتون في رسالتها، هذه الاجراءات بانها شرط مسبق للالغاء التدريجي للعقوبات الاقتصادية ضد ايران، وان النقطة النهائية هي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين ايران والولايات المتحدة، واكدت ان على واشنطن ان تعترف في النهاية الى ان ايران هي قوة اقليمية وان تكف عن مساعيها لتغيير النظام في البلاد.
فالتوصيات التي قدمتها كلينتون لاوباما وافكار السفير الأميركي السابق جيمس جيفري حول ايران كلها تشير الى اقتناع السياسيين الامريكيين و مراكز البحث في الولايات المتحدة بضرورة ان تغير ادارة اوباما سياستها تجاه ايران وان تبدا مفاوضات مباشرة معها نظرا لاهمية ايران في المنطقة والتغييرات التي طرات على الاوضاع في الشرق الاوسط ، ولكن السؤال المطروح هو متى تأخذ ادارة الرئيس الامريكي هذه التوصيات بنظرة جدية وتتعامل مع ايران معاملة الند بالند ؟ .
شاكر كسرائي