كرة الأزمة العراقیة

كرة الأزمة العراقیة
الأربعاء ٣٠ يناير ٢٠١٣ - ١٠:٢١ بتوقيت غرينتش

الأزمات كرات الثلج، إن لم تعالجها بالحكمة تتدحرج فتكبر، واشتباك وحدات الجيش ومتظاهرين امر متوقع، مثلما اشعال عود كبريت بالقرب من الوقود.

وبغض النظر عن الأطراف المستفيدة من افتعال تصادم "اخوتنا" المتظاهرين و"اخوتنا الجنود والشرطة"، فالمؤكد ان محصلته خسارة كبيرة للعراق اجمع في الأرواح والدماء والطاقات الفتية التي نريدها لبناء العراق نسيجاً متناغماً.
وتؤكد التجارب أن مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية بحاجة إلى رجال محنكين موثوقين قادرين على التحاور، والتوصل إلى حلول مقبولة ضمن احكام الدستور والقانون، بعيداً عن اي استعراض للقوة، فالمواطنون بغض النظر عن مذاهبهم ومعتقداتهم، هم القوة الحقيقية للسلطة إذا ما وثقَّت علاقتها بهم.
ومنذ البداية طالبت قوى سياسية،  بضرورة إبعاد القوات المسلحة عن ساحة الخلافات، والحرص على تمكين المحافظات من معالجة الأحتجاجات بضمان حق التعبير والتظاهر، والكف عن كل مظهر استفزازي، عدا صورة قوات حماية التظاهرات، وتجنب اي مظهر للسلاح المدجج، فلقوات حماية التظاهرات ومحاربة الشغب انواع اخرى من المعدات. والمؤكد أن الحكمة تلغي الحاجة لها، فالأصل المفترض في الدولة الديمقراطية الاتحادية ان الحاكم والمحكوم طرفا معادلة تجمعهما الثقة، وليس الزجر. وفي هذا السياق فأن للعراقيين تجاربهم، سواء في خوض الكفاح ضد النظام السابق، او في التعامل مع الاحتجاجات الجماهيرية، وإدارة ازمات المناطق المتنازع عليها إدارياً. وخلاصة التجربة: ضرورة إبعاد القوات المسلحة ومظاهر السلاح المفرط في التعامل مع التظاهرات، لأنها تحفيز للتصعيد.
والمؤسف ان غالبية القوى السياسية، اصدرت بيانات تدعو إلى "ضبط النفس"، ضمنها بيان رئيس الوزراء الموجه إلى الجنود والمتظاهرين، لكن هذا السياق المسؤول لم يكن واضحاً بالمستوى المطلوب في ساحة التعامل مع المتظاهرين، فكيلت العديد من التهم للمحتجين، منها تحركهم بإيعاز من الخارج، وكان الحديث حتى تسعر الأحتجاجات اقل عن المطالب العادلة بشان سيادة القانون في التعامل مع احكام القضاء، حيث الفاسدون لا يطبقون قرارات القضاء بإطلاق سراح الأبرياء بدون عشرات "دفاتر" الدولارات، ناهيك عن عدم ادراك العديد ممن يحققون لـ"حقوق الإنسان" متذرعين بمحاربة الإرهاب في ترهيب وسحق اخوة لهم ابرياء. كما ان للبعض مصلحة في النيل من الدولة. لن يدافع عراقي واعٍ عمن يقتل اخوته العراقيين، لكن المأساة ان خط التمييز بين القتلة والمتهمين الأبرياء غاب لدى البعض ممن توارث التنكيل بالمواطنين.
هل تستعجل اللجان معالجة المطالب المشروعة؟ وهل يتولى البرلمان التعديلات المطلوبة في إدراك ان للعدالة الأنتقالية امد لا يجوز "تخليده"؟
هل نطمأن العراقيين بأن سيادة القانون لن تبقي بريئاً في السجون، وتغليب الرحمة حتى على العدالة في التعامل مع غير منفذي القتل الجمعي للعراقيين؟
هكذا تهدأ النفوس إن حصلت على رغيف خبز بكرامة وخدمات مناسبة، فهل نذيب كرة الأزمات؟؟!
* حسين فوزي