فاول تنظيم أسس بمبادرة من الولايات المتحدة وشيوخ منطقة الخليج الفارسي هو تنظيم القاعدة وذلك أواخر الثمانينات من القرن الماضي وقد حارب تنظيم القاعدة الشيوعية والقوات السوفيتية في أفغانستان، ولكنه انقلب على الامريكان وشيوخ النفط وكانت هجمات 11 سبتمبر أكبر عملية تقوم بها القاعدة ضد الامريكان كما شن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هجمات داخل السعودية ودول اخرى في منطقة الخليج الفارسي.
فتنظيم القاعدة وسع من نشاطاته بعد انتهاء الحرب في افغانستان، وأنشأ تنظيمات في دول عديدة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وخاصة في أفغانستان وباكستان والجزائر والمغرب وليبيا واليمن والسعودية والعراق واستخدم التنظيم الهجمات الانتحارية والتفجيرات والسيارات المفخخة ضد من تعتبرهم اعداءها.
لقد موّلت الولايات المتحدة عن طريق المخابرات الباكستانية تنظيم القاعدة ضمن برنامج لوكالة المخابرات المركزية سمي بـ "عملية الإعصار". كما كان شيوخ الخليج الفارسي يمولون هذا التنظيم ظنا منهم بان هذا التنظيم يمكن أن يستخدم ضد معارضيهم في المستقبل، ولكن العناصر التي ارسلت من الدول العربية والاسلامية الى افغانستان عادت الى بلدانها وهي تحمل افكارا لا تتلائم مع أهداف من قاموا بتمويلها.
وكان الالاف من العرب من اعضاء تنظيم القاعدة قد عادوا الى بلدانهم و الذين أطلق عليهم "الأفغان العرب" بعد أن حصلوا على تدريبات عسكرية وتمويل من الدول العربية والمنظمات الإسلامية الدولية، وخاصة مكتب خدمات المجاهدين العرب،الذي أمدهم بأموال تقارب 600 مليون دولار في السنة تبرعت بها حكومة المملكة العربية السعودية والسعوديين الأثرياء المقربين من أسامة بن لادن.
وعندما استهدف اعضاء تنظيم القاعدة والافغان العرب القواعد والقوات الامريكية وهاجموا قواعد عسكرية لدول عربية في الخليج الفارسي وخاصة في الجزيرة العربية، انتبه الامريكان وشيوخ النفط بان ما قاموا به من تمويل اعضاء تنظيم القاعدة من أجل استهداف السوفيات قد تحول ضدهم وانقلب السحر على الساحر، لذا شرعوا بوضع برامج سموها ببرامج مكافحة الارهاب ووضعوا تنظيم القاعدة على لائحة التنظيمات الارهابية.
فالافغان العرب الذي عادوا من افغانستان رأوا بان جهادهم لا يكتمل الا اذا واصلوا الجهاد ضد عدو جديد يحتل اراضيهم ويقيم قواعد عسكرية في دول الشرق الاوسط ومنطقة الخليج الفارسي. وهكذا أصبح الشغل الشاغل للافغان العرب شن هجمات على القواعد والسفارات الامريكية في منطقة الشرق الاوسط وكذلك مهاجمة قوات الجيش والشرطة والامن في دول عربية نفط ية في منطقة الخليج الفارسي.
فتنظيم القاعدة لم يمت بموت مؤسسه أسامة بن لادن، بل ان هذا التنظيم أصبح فعالا يقوم بنشاطات ارهابية على مستوى دول العالم وله ذراع قوية في افغانستان وباكستان واليمن والعراق والسعودية ويواصل عملياته الارهابية ضد من يعتبرهم ايادي امريكا وعملائها.
فالامريكان وشيوخ النفط الذين مولوا تنظيم القاعدة والتنظيمات الاخرى المنبثقة عنها لسنوات طويلة ، حاولوا جاهدين استغلال هذه التنظيمات لتحقيق اهدافهم وتنفيذ سياساتهم في الشرق الاوسط .
وكانت سوريا البلد العربي الذي استهدفه الامريكان وشيوخ النفط من اجل اسقاط نظامه وها هم شيوخ الخليج الفارسي وعلى رأسهم حكام السعودية وقطروبدعم من الامريكان وحلف الناتو يقومون بتمويل الجماعات المسلحة وخاصة التنظيم الذي انشيء حديثا باسم جبهة النصرة للقيام بعمليات ارهابية وتحويل سوريا الى افغانستان جديدة .
ان جبهة النصرة التي صنفتها الولايات المتحدة في خانة التنظيمات الارهابية ، تقوم بدور تنظيم القاعدة ، وهي من التنظيمات الارهابية المتشددة الممولة من الولايات المتحد وشيوخ الخليج الفارسي والتي تحاول أن تلعب الدور الرئيسي في سوريا وتنفذ عمليات ارهابية دموية تبز فيها التنظيمات الاخرى الممولة من الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي .
فالبلدان العربية في الخليج الفارسي مولت التنظيمات الارهابية بالمال والسلاح لكي تستخدمها يوما ضد معارضيها وأعدائها ، كما انها مولت جماعات سياسية متعددة وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين التي فازت أخيرا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر ، وها هم حكام الامارات يعلنون على الملأ انهم اكتشفوا تنظيما دوليا للاخوان المسلمين في الامارات يريد الاطاحة بالنظام هناك ، وهم يحذرون باقي دول الخليج الفارسي من خطر تنظيم أخوان المسلمين ويدعون الى قمع هذا التنظيم قبل أن يستولي على الحكم في هذه المشيخات.
وهكذا نرى شيوخ المنطقة الذين مولوا بالمال والسلاح التنظيمات الارهابية والسياسية لسنوات طويلة ، يشعرون الان بالخطر من هذه التنظيمات ، ويدعون الى محاربتها لكي لا تشكل غدا خطرا على حكوماتهم وعروشهم .
إن هذه التنظيمات أصبحت اليوم وبالا على مموليها وداعميها ، لقد انقلب السحر على الساحر ، وسوف يدفع حكام دول النفط ثمنا غاليا نتيجة مؤامراتهم ضد شعوبهم ، وشعوب وحكومات دول المنطقة ، وسوف لن تقوم الولايات المتحدة بإنقاذهم إذا ما واجهوا أي تهديد ، مثلما لم تقم الولايات المتحدة بإنقاذ زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلى عبد الله صالح.
شاكر كسرائي