وامام هذا الاعتراف الاميركي الصريح باتت سورية في مواجهة تهديدين اساسيين هما (التدخل الغربي ــ الخليجي ــ التركي)، و(التصعيد الاجرامي للجماعات التكفيرية المتطرفة)، وفي خضم ذلك يعكف مرتزقة هذه المؤامرة الدولية على استغلال عوامل الشائعات وتدمير البنى التحتية وقطع شبكة الاتصالات او التشويش عليها، من اجل ايهام ابناء الشعب السوري المقاوم بأن الاوضاع قد وصلت الى نقطة "اللاعودة".
على صعيد متصل ليس من قبيل الصدفة ان تتزايد التفجيرات والجرائم المروعة في العراق ايضا خلال احياء ذكرى واقعة الطف الاليمة وتخليد ملحمة الاستشهاد التضحوي للامام الحسين(عليه السلام) والثلة الطاهرة من اهل بيته واصحابه.
فقد شهدت مدن كربلاء وبغداد والحلة وغيرها في الايام الماضية من شهر محرم الحرام 1434 هجري، اعمالا ارهابية منشأها "تنظيم القاعدة" وافرعه، وقد راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى عدا الاشلاء التي لا يعرف اصحابها.
ويعتقد المراقبون ان ارتفاع مستوى سفك الدماء البريئة في سورية والعراق، مرده الهواجس الاميركية ــ الاسرائيلية ـ الاوروبية من تنامي الوعي الثوري الجماهيري في العالم الاسلامي، وهو يأتي ايضا للتنفيس عن عقدة الهزيمة المنكرة التي مني بها هذا التحالف الاستكباري على ايدي المقاومين الفلسطينيين الابطال في (غزة هاشم)، وما شكلته هذه الهزيمة المذلة من انتصار باهر لمحور (المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط(.
على حين يري الخبراء الاستراتيجيون ان الادارة الاميركية تتوخى من هذا التصعيد الخطير، الظهور بمظهر المهيمن على مقومات الامن والسلام في المنطقة، وبانها لا تخجل ابدا من وضع يدها في ايدي التكفيريين الارهابيين لبلوغ مقاصدها التسلطية، وذلك بعدما عجزت هي عن تحقيقها باستخدام الجيوش والغزوات والعمليات الاستخبارية المعقدة.
وهكذا اضحت (الشراكة الاميركية ــ القاعدية) الان "معيارا حضاريا" في قاموس صناع القرار الغربيين، وهو يسشتري كالسرطان الممزق في انحاء العالم والعربي والاسلامي. والاكثر غرابة هو ان تحظى عملية نشر عدوى هذا المرض القاتل بتمويل سعودي ــ قطري بعيد عن الحكمة والصواب ــ طبعا ــ باعتبار أن تفشيه لاحقا سيحمل الموت والخراب لجميع دول المنطقة وشعوبها ــ بلا استثناء ــ.
ومن الثابت ان اعتراف وزيرة خارجية اميركا هيلاري كلينتون بدعم التيارات و الجماعات المسلحة الاجرامية في سور ية، هو اقرار بدناءة ما يسمى بـ "القيم الحضارية للولايات المتحدة والغرب"، لانه يدحض "نظرية الجمع بين القوة والاخلاقية"، وهي الحلم الاميركي المنشود منذ عام 1945 وحتى يومنا هذا.
فقد برهنت الوقائع ان السلوكيات الاميركية تتنافر عكسيا مع هذه النظرية كلما توالت السنوات و العقود، لسبب واحد هو ان الولايات المتحدة تسعى لتحقيق "الهيمنة الدولية" بكل الوسائل المشروعة واللامشروعة، بيد انها ستكتشف في نهاية المطاف وبعد مضي حين من الدهر أن استراتيجياتها القائمة على التدخل في الشؤون العالمية بشكل دائم، ستؤدي بها الى الفشل والهاوية و الانهياراكيدا.
حميد حلمي زادة