عام مكافحة "الطائفية" والارهاب التكفيري

عام مكافحة
الأربعاء ٠٢ يناير ٢٠١٣ - ٠٩:٠٦ بتوقيت غرينتش

الخصوصيات المذهبية والفكرية والثقافية هي حالة طبيعية سليمة، وليس هناك ما يجعلها "عنيفة" او "صدامية" بالضرورة الا ان تكون ثمة عوامل "خارجية" او "فئوية" او "انتهازية"، يمكن ان تتلاعب ب(عقول الناس الطيبين) فتحول هذه الحالة الى " نزاعات وحروب طائفية" هنا وهناك، الامر الذي راهنت عليه القوى الطاغوتیة والاستکباریة على الدوام لتبديد طاقات الامة، انطلاقا من قاعدة "فرق تسد" السيئة الصيت..

وبما ان الامة الاسلامية سددت حتى الآن ضرائب كبرى وتكبدت خسائر فادحة لاتعوض في الارواح والممتلكات واستلاب الامن وتفشي ثقافة القتل والانتقام وسفك الدماء البريئة، واشاعة الفوضى والدمار واعمال النهب والسلب والسرقات وقطع الطرقات، تحت ذريعة الانتصار لـ "الخصوصيات المذهبية" في مناطق مختلفة بالعالم الاسلامي.
وبما ان النتائج الكارثية التي تمخضت عن اعتناق هذه "النزعة العدوانية"، اثبتت في السنوات الماضية انها (اداة عقيمة وغير مجدية) في معالجة الازمات والمشاكل والخلافات – وهي في معظمها مفتعلة ومفبركة – عدا عن انها مدفوعة من قبل اجندات صهيو غربية، وممولة سعوديا وقطريا، ومدعومة تركيا، لاغراق بلدان بعينها، وبالتحديد: (العراق وسوريا لبنان  وباکستان وافغانستان ومناطق من ايران) في بحر من التوترات والصراعات والمجابهات العبثیة  لفائدة "اسرائيل" ومشاريعها التوسعية..
نقول بالنظر الى ان المحصلة العامة لـ "السلوكيات الطائفية"، افضت الى المزيد من الويلات والآلام والمعاناة والجراحات العميقة على مستوى المسلمين والعرب، فان من البديهي ان ينظر ابناء الامة المحمدية الكريمة الى الطائفية ومؤججيها ومموليها وادواتها من ذوي النفوس المريضة، بعين الادانة والغضب والاستياء، باعتبار ان هذه "الظاهرة" زرعت بذور الحقد والتخاصم والتقاتل والفتن السوداء في المنطقة وحولت اجواء الاخوة الاسلامية الى حروب اهلية واعمال ارهابية وجرائم منظمة، توحي الى حقيقة واحدة هي ان المراهنين عليها هم (اناس مفلسون)، ولايمتون للدين الحنيف بصلة، وانهم دمى تحركها الايعازات الاميركية والاوروبية والخليجية، من اجل ضرب السلم الاهلي وتفكيك الوحدة الوطنية وتدمير العلاقات الانسانية والمعايير الاخلاقية النبيلة في الدول والمناطق الآنقة الذكر.
ويعتبر العقلاء والمنطقيون والموضوعيون ان "الطائفية"، هي ظاهرة غير مفهومة ولامبررة في القرن الحادي والعشرين ومرحلة ما بعد الحداثة، لانها عنوان مقيت ومسيء ومستهجن، يعود في جذوره الى العهود المظلمة والفترات السوداء من التاريخ، عندما كان حكام الجور يعزفون على هذا الوتر لضرب المسلمين بالمسلمين ابتغاء بسط السيطرة والتحكم برقاب الناس، وقد كان لوعاظ السلاطين دور مخز في دعم هذه السياسيات الاستغلالية.
وفي العهود الاستعمارية الماضية استخدم "الانجليز والفرنسيون والطليان، هذه الظاهرة عملا بسياسة "فرق تسد"ایضا من اجل احكام هيمنتهم على شعوب الامة الذين خدعوا بالوعود الغربية المعسولة، وكانت النتيجة، تقسيم العالم الاسلامي طبقا لاتفاقية "سايكس – بيكو" الى مستعمرات مفصولة عن بعضها البعض، كما "وهب" البريطانيون الغادرون فلسطين للمستوطنين الصهاينة من شذاذ الآفاق طبقا لـ "وعد بلفور المشؤوم" وتم اعلان "اسرائيل" الغاصبة على حساب تشريد اهل الديار المسلمين والمسيحين العرب خارج الوطن المحتل في دول الجوار وفي الشتات عام 1948 .
وها نحن اولاء ما نزال نكتوي يوميا ومنذ سبعة عقود بالارهاب الصهيوني والوهابية التي جاءت مع الاستعمار البريطاني الذي فرض قبيلة ال سعود المتعصبة على بلاد الحرمين الشريفين (مكة والمدينة ) والاحساء (المنطقة الشرقية ) ليكونوا معا "جبهة معادية للوحدة الاسلامية " ومصنعا كبيرا لتوليد الانحرافات الفكرية والعقائد المضللة والجماعات التكفيرية والعصابات المتطرفة وتأسيس شبكة موسعة من اشباه وارباع العلماء والمتلبسين بلبوس الدين في سبيل التركيز على هدف واحد ، هو تقديم (الوهابية – السعودية ) على انها المثل الوحيد للاسلام ، فيما اعتمد زعماؤها على ( معول الطائفية ) لهدم الدين الحنيف وايقاع العداوة والبغضاء بين ابناء المسلمين و دعم الجماعات التكفيرية بالمال والسلاح والاعلام لاشعال الحرائق والتفجيرات والانقسامات في دول المنطقة .
اما وقد جرب ابناء العالم الاسلامي عذابات هذه الظاهرة الشاذة لاسيما في العشرية الماضية، وادركوا حقيقة الاهداف التدميرية للطائفية، فان من المنتظر بل من الواجب  ان يكون التصدي لها ومكافحة عرابیها ومرتزقتها، بمستوى الصحوة الاسلامية المباركة التي ازالت الانظمة الدكتاتورية العميلة في المنطقة، وزلزلت الارض تحت اقدام العدو الصهيوني وحماته الغربيين، وهو امر وشيك التحقق في سنة (2013) لتكون مناهضة النزعات المفرقة هي الاولوية الاولى للامة.
*حمید حلمی زادة