وفي غمرة احتضان زعماء الغرب المتصهين للجماعات الطائفية ودعمهم لعقائدها المتطرفة وهي في الغالب "تكفيرية" و"عنفية" و"متعطشة للدماء"، يتضح لنا جميعا مضمون (المؤامرة الاميركية ــ الاوروبية ــ الاسرائيلية) في سبیل تدمير السجايا الخيرة والاواصر الودية التي يتميز بها العالم الاسلامي، والاستعاضة عنها بالصفات الشريرة والممارسات الجنونية بما تنطوي عليه من اغراق للامة في مضلات الفتن وتوريط ابنائها الطيبين في معارك جانبية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولن يربح منها احد سوى اسرائيل الغاصبة لفلسطين والقدس الشريف.
الغريب ان "الطائفية" غدت احدى مكونات الفكر السياسي والعمل الدبلوماسي في دولة عصرية مثل تركيا التي يفترض انها في عهدة "حكومة اسلامية اخوانية" يقودها السيد رجب طيب اردوغان. ومع ذلك وجدنا كيف انحاز زعيم حزب العدالة والتنمية الى "التعصب الطائفي" في محاولاته اليائسة للقضاء على النظام المناضل في سورية، وتشكيكه الدیماغوجی غیر المبرر في سلامة العملية السياسية الفتیة بالعراق.
فالغير في نظر الطائفيين هم اناس غير جديرين بالاحترام ولایستحقون الحیاة، ناهیک عن ان یمسکوا بزمام السلطة اکثریة كانوا أو اقلية؟!!
لقد وجد الغرب المتصهين ضالته المنشودة في "الطائفية" لايقاع المزيد من حمامات الدم وارتکاب الجرائم المنظمة والتنكيل والتمزيق والتقاتل في دول العالم الاسلامي بعامة، وفي سورية والعراق بخاصة، حيث يتابع المجتمع البشری فی انحاء الارض التصرفات والنتائج المفجعة والكارثية التي تحل بساحة مواطنی هذين البلدين العريقين، لا لذنب الا لانهم يقفون بالمرصاد في مواجهة المشاريع الاميركية والاسرائيلية، ويرفضون التخلي عن ثوابتهم الوطنية ومسؤولياتهم الاخلاقية، ولاسيما الجهاد من اجل تحرير فلسطين من البحر الى النهر وطرد المحتلين من الجولان السوری والجنوب اللبناني وسيناء مصر وأغوار الاردن ومناطق اخرى تابعة لبلاد الحرمين الشريفين فی البحر الاحمر.
واضح ان "معتنقي الطائفية" هم أفراد اضاعوا (بوصلة الحق والاستقامة)، فوقعوا في فخ الغوایة والابتلاء بغبش رؤية الصراط المستقيم ، وتحولوا – طوعا او کرها - الى مطايا غیرمؤهلين لإدراك حقائق الضياع والتيه والانحراف التي تسيطرعليهم، فبدلا من ان يتوجهوا الى لغة الحوار والمنطق وَالاستبصار لوعي ما يدور حولهم، تجدهم يلتزمون سلوكيات العنف والقتل والتدمير مع ابناء امتهم واخوانهم في الدين والعقيدة والمصير المشترك، لاتفه الاسباب ،ومنها الحقد الاسود على الخصوصيات الفكرية والمذهبية والسياسية للطرف الآخر.
المثير للسخرية والادانة في آن معا، هو الدعم اللامحدود الذي يلقاه الطائفيون من ادعياء الحضارة والمدنية والحريات والتعددية في العالم الغربي، لكي يمضوا قدما في اشاعة الفوضى والاضطرابات والممارسات الارهابية بين المسلمين والعرب ، وكأن قدر ابناء الامة المحمدية الشریفة ان يقدموا التضحيات تلو الاخرى بواسطة القمع الاستعماري سابقا، ومن خلال جلاوزة الانظمة الدكتاتورية حینا، وهذه المرة فی محرقة السلوکیات الاثيمة لغلاة الطائفية : وهابيين كانوا ام قاعدة ام جماعات تكفيرية (وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا).
الاعتقاد السائد ان غرف العمليات الخاصة للاستخبارات الاميركية والاوروبية والاسرائيلية والقواعد العسكرية الغربية في قطر والبحرين والسعودية والامارات وتركيا، وضعت مخططات جهنمية للامعان في استغلال "الطائفية" وجنودها المغرر بهم، لخلق المزيد من الازمات والتوترات والمخاوف في المنطقة .
بيد اننا على قناعة تامة بان "هذا السلاح التضليلي"، لن يكون له مكان في التربیة الایمانیة الخالصة ، باعتباره مروقا من الدين الحنيف وخروجا على الاخلاق الحمیدة والتقاليد الحضارية وروح التعایش الاخوی المثالی التي تربى عليها المسلمون جیلا بعد اخر، وذلک عملا بالقرآن الکریم الذي یؤكد على انهم )امة واحدة).
حمید حلمی زادة