ويقول أحد الكتاب: لقد تبدل المشهد التاريخي، وانحسر الزخم الروحي للمدينة المقدّسة، فما يجري في أقدس البقاع بمثابة قرصنة تقتلع سيرة كل حجر وذرة تراب، لا المساجد، ولا الآبار، ولا البيوت الأثرية، ولا المواقع الرسالية يمكن العثور على رسومها، فقد اندثرت جميعا تحت مبان، ومطاعم، ومكاتب عقارية، وأسواق، حتى يخيل للزائر وكأنه يأتي الى مدينة غربية.
ويضيف: ان الإعلام الغربي يصف مكة المكرمة بـ (ميني دبي)، بحيث لا يمّزها شيء عن أي مدينة حديثة سوى المسجد الحرام الذي ينقطع السبيل به عن جذوره التاريخية والدينية والحضارية.
وقد أعطت الفنادق الفخمة وناطحات السحاب لمكة وجها آخر حديثا، يختلف تماما عن وجهها القديم، وأحالت هذه البنايات العملاقة جبال مكة وتضاريسها إلى بروج مشيدة تعد من أغلى المناطق العقارية في العالم إن لم تكن أغلاها على الإطلاق، إذ يتراوح سعر الليلة في برج ساعة مكة من ستة إلى عشرة الآف دولار.
وتبدو الكعبة من أعلى هذه البنايات التي تحيط بها كقطعة صغيرة، فيما بدت المدينة كأنها منهاتن أو لاس فيجاس جديدة.
ويصف أسامة البار أمين مكة، وهو ثاني أعلى مسؤول حكومي في المدينة، هذه المشاريع بالحضارية التي تهدف إلى تطوير المناطق العشوائية التي تحيط بالمسجد الحرام، وهو مشروع سوف يحقق التقدم والتطور العمراني لهذه المنطقة المهمة.
واختفت قلاع وأماكن تاريخية تماما في مكة في السنوات الأخيرة، ويبدى مثقفون ومؤرخون سعوديون تحفظهم على التحديث الأخير في مكة والذي جاء على حساب تاريخها.
ويقول معراج مرزا، أستاذ الجغرافيا في جامعة أم القرى بمكة، إن برج ساعة مكة الشاهق على سبيل المثال بني في موقع قلعة أجياد التاريخية الشهيرة والتي تم هدمها تماما.
ويأسف الأكاديمي السعودي لاختفاء معالم مكة القديمة ويقول من الضرورة بمكان "أن نسلم للواقع" الذي يتمثل في إنشاء العديد من الفنادق والمباني السكنية لاستيعاب الحجاج والمعتمرين.
ويجري اليوم العمل على قدم وساق في منطقة جبل عمر-نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب- للانتهاء من مجمع فندقي ضخم في الناحية الغربية للحرم المكي، تبدو حركة الهدم في الجبل التاريخي أكثر تسارعا لإنشاء أبراج المشروع الاستثماري الضخم..
كما تنتشر في الشمال الحفارات والرافعات لتنفيذ مشروع "الشامية" الذي يعد أكبر المشاريع الفندقية في مكة وفوق سفوح جبل الكعبة.