نشرت الكاتبة السعودية إيمان القويفلي مقالا نشرته عدو صحف عربية طرحت في مستهله سؤالا عن كيفية تعاطي الإعلام السعودي مع الحراك الثوري الشعبي العربي وقالت : سيأتي يوم، لا بُدّ، أن يُطرح فيه هذا السؤال: ماذا كانت الصحافة السعودية تفعل خلال الربيع العربي؟ ومن بين مواقفها البهلوانية المتقلبة من مطالب الإصلاح السياسي في مصر واليمن وسوريا والبحرين؛ سيُسجل التاريخ أنّها كانت ثابتة وراسخة في وقوفها ضدّ انعكاسات الربيع العربي على السعوديين.
وتضيف الكاتبة السعودية قائلة : كان من الطريف ملاحظة سلوك الصحافة السعودية خلال الربيع العربي في ظل أسطورة طالما قدمت نفسها من خلالها، وهي كون الصحافة السعودية مُتقدمة فكرياً على المجتمع السعودي، ومُنحازة إلى قيم الحداثة والتحرر، وتؤدي دورها في قيادة المجتمع المتخلف لكن الواعد نحوها، ذلك إضافة إلى دفاعها عن «استقلاليتها»، كلما ثار السؤال عن تبعيّتها للموقف الحكومي، لكن الربيع العربي، كما أسقط جملة من الأساطير شبه السياسية، فإنّه أسقط معها جملة من الأساطير السياسية، أو المكمّلة للأسطورة السياسية، كأسطورة حداثة الصحافة السعودية تلك.
وتابعت إيمان القويفلي مقالها بالقول : كانت الصحافة السعودية تخدم في البلاط بكل ما أُوتيت من قوّة، محوّلةً ذاتها في كلّ موقف إلى جبهة للدفاع عن القيم السياسية الأشد تخلفاً واستبدادية، منذ اللحظة الباهرة لسقوط بن علي، حتى اللحظة الأكثر إبهاراً لمحاكمة مبارك.
ولأنّه يصعب أن تقول صراحة إنّك تؤيد الدكتاتورية ضد الديموقراطية، وإرادة الفرد ضد إرادة المجموع، وإنّك ضد حقوق الإنسان وقيم المواطنة؛ لأنّه يصعب التصريح بذلك حتى عندما يكون المرء صحافياً حكومياً، كان من الضروري أن يبتكر صحافيو البلاط لأنفسهم في هذه المرحلة لغة خاصة أكثر مواربة. لغة تعطي تلك التوجهات المتخلفة صبغة أخلاقية وثقافية، وحتى حقوقية في الظاهر، لكنّها تبطن حركات فكرية بهلوانية، شديدة الالتواء، لتتمكن من تمرير الدعاية التي تريدها.
كانت الصحف السعودية، طوال الأشهر الماضية، تواصل نشر موادّ من ذاك النوع، تميّزها درجة عالية من التلفيق والركاكة، وما كانت لتجرؤ على نشرها لولا اطمئنانها إلى التغييب التام للصحافة الحرة، والأصوات الناقدة القادرة على كشف ذلك النوع من الخطابات.
وخلصت الكاتبة السعودية إلى القول :إن نشر المقالات التي تقول إنّ المطالبين بالإصلاح السياسي متخبطون، والمعتقلين إرهابيون والصحف الأجنبية كاذبة حتى عندما تحمل معلومات صحيحة ومنع كل مقالة تقول العكس، هو شكل من أشكال الكذب المنظم، الموَظَّف في خدمة الحرب على الإصلاح السياسي، ومحاصرة الآثار المحلية للربيع العربي. ذلك هو الدور البسيط والصريح الذي سيسجل التاريخ للصحافة السعودية أنّها اختارت أداءه في هذه الحقبة.
ليس جديدا على الإعلام السعودي أن يعكس ويدافع عن سياسة النظام في المملكة فهذا أمر طبيعي ولكن غير المنطقي برأي كثير من السعوديين أن ينصب هذا الإعلام نفسه مدافعاً عن الحريات ومنبرا لناشطي حقوق الانسان بينما يقوم بإدانة الشعوب العربية على ثورتها على أنظمتها المستبدة .