أيامه الثلاثين تزخربمحطات يستذكرها اللاجئون كجزءٍ من الذاكرة الفلسطينية المُرة احيانا ًوالمضيئة بنضالاتهم احياناً اخرى، ليُمنح شهر أيلول عن حق القدرة على عكس تطور القضية الفلسطينية، التي دخلت هذا الشهر أيضاً مفصلا ًجديداً مع طلب إعلان الدولة الفلسطينية.
يتذكر " أبو وائل " جيداً وهو الذي حضر إلى لبنان في العام 82 لينضم إلى صفوف الفلسطينين المقاتلين حينها كل تفاصيل مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في السادس عشر من أيلول من العام نفسه، لا ينسى بالرغم من مرور 29 عاما على المجزرة صور أشلاء وجثث النساء والأطفال والرجال والشيوخ المدنيين العزل التي إمتلات بها شوارع مخيمي صبرا وشاتيلا، تحفظ ذاكرته مشهداً لا يمكن له أن ينساه كما يقول: "ذاك الطفل الذي تحتضنه أمه في لحظة خوفٍ تريد فيها أن تقيه الرصاص فاذا به يتقاسم وإياها الرصاصة ليفارق هو وهي الحياة معا في لحظة واحدة ".
يختلف مشهد أيلول لدى أبو سمير اللاجئ في مخيم برج البراجنة منذ العام 48 فما تختزنه ذاكرته عن هذا الشهر مشهداً واحداً، يحاول كل يوم أن ينساه لكن من دون فائدة، إنه الثالث عشر من أيلول من العام 1993، ففي مثل هذا اليوم جلس الرجل لساعات أمام شاشة التلفاز غير مصدق كما يقول لما يحدث، " في لحظة واحدة تحولت فلسطين الدولة التي أنتمي اليها الى مجرد سلطة، في لحظة واحدة تنازل من وعدوا باعادتنا الى فلسطين من البحر الى النهر الى مشاركين في التنازل، وارتضوا عن فلسطين بديلاً بضع كيلومترات". في هذا اليوم يقول أبو سمير" شعرت أنني لن ارى فلسطين ثانية وان كل شيء ضاع " .
تتبدل الصورة تلقائياً أمام ذكريات أبو محمد عن شهر أيلول فلهذا الشهرمعناً خاصاً لديه، وفيه كما يقول: " ما يضيئ تاريخ الفلسطينيين". يستذكر الرجل جيداً الثامن والعشرين من أيلول في العام 2000 عندما إندلعت شرارة الانتفاضة الثانية، حينها ترك عمله في محل الخرضوات الذي يعتاش هو وعائلته منه في مخيم عين الحلوة ليتابع تلك الشرارة التي" أشعرتنا حينها أن فلسطين ستعود مهما طال إنتظارنا كلاجئين ".
اليوم ينتظر أبو وائل وأبو سمير وأبو محمد كما مئات آلاف من اللاجئين الفلسطينيين في العالم نتيجة استحقاق أيلول الجديدة، الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تختلف رؤية كل لاجئ للقضية بالطبع، لكن بين من هومتشائم وثان ٍمتشائل وثالثٍ متفائل يقف الفلسطينيون مرة جديدة أمام صورة أيلولية ستضاف الى دفاتر ذكرياتهم التي يشعرون أحيانا كثيرة أنها لم تعد تتسع لمزيدٍ من الصورالتي يحفظونها منذ ما قبل العام 1948 .
فاطمة عواضة- بيروت