تصرخ بين الحطام وكأنها تنادي الاحياء..

تعرف على قصة رضيعة فلسطينية استشهدت أسرتها بأكملها في غزة

تعرف على قصة رضيعة فلسطينية استشهدت أسرتها بأكملها في غزة
الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ - ٠٥:٣٥ بتوقيت غرينتش

في ظل أجواء مأساوية تعيد إلى الأذهان فصول الحرب الأليمة، يعود الموت ليخيم مجددًا على قطاع غزة، حاملاً معه مشاهد الصباح الدامية والدمار الذي يلف كل زاوية.

العالم-فلسطين

أصبح صوت القصف والانفجارات هو اللغة الوحيدة التي تتحدث بها قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى أهالي القطاع، ما يعيد إحياء كوابيس الحروب السابقة التي لا تزال جراحها تنزف.

وفي وسط الدمار الذي طال مدينة خان يونس، كانت قصة الطفلة آيلا أسامة أبو دقة، البالغة من العمر 25 يومًا، هي الشاهد الأبرز على وحشية الحرب التي لا تفرق بين طفل وشيخ، ولا بين مدني ومقاتل.

يقول خالد أبو دقة، عم الطفلة: «قصفوا البيت عليهم، واستشهدت أسرتها بأكملها، أبوها وأمها وأخوها، بينما كانت آيلا وحيدة تحت الركام تصرخ بصوت لا يكاد يُسمع».

ويتابع بصوت مرتجف لـ«القدس العربي»: «كانت عملية الإنقاذ صعبة للغاية، فالإمكانيات المتاحة لدينا محدودة، وعملية انتشال الضحايا استغرقت حوالي خمس ساعات، من الساعة الثالثة فجرًا وحتى الثامنة والنصف صباحًا. كنا نتوقع أن نجد الجميع شهداء، لكننا فوجئنا بصوت الطفلة الصغيرة وهي تبكي صراخا من بين الحطام».

ويوضح خالد: «طواقم الدفاع المدني عملت بكل ما أوتيت من قوة، بمساعدة الأهالي، من أجل إنقاذ الطفلة، ورغم الإمكانيات الضعيفة، إلا أنهم تمكنوا من انتشالها حية. مشهد خروجها من تحت الأنقاض كان مؤلمًا ومفرحًا في آن واحد، فرحة نجاة الطفلة لم تستطع أن تغطي على حزننا على فقدان عائلتها بالكامل».

وواجهت طواقم الدفاع المدني صعوبات كبيرة في البحث عن المفقودين جراء انهيار المباني التي تحتاج إلى معدات ثقيلة لإزالة الأسقف المنهارة لاستخراج العالقين. وتجلت هذه التحديات في عملية انتشال الطفلة آيلا أسامة أبو دقة.

يروي مؤمن العطار، أحد العاملين في فرقة الدفاع المدني المكلفة بإنقاذ الضحايا من منزل عائلة أبو دقة، شرقي خان يونس، مشهدًا تقشعر له الأبدان.

يقول أبو دراز: «عندما توجهنا إلى المنزل في الثالثة فجرًا، كان الأهالي يحاولون انتشال الضحايا بأيديهم الخاوية. بدأنا بإنقاذ رجل وزوجته واثنين من أبنائهما المصابين، وتم نقلهم إلى المستشفى الأوروبي. أثناء انتشال الشهداء، سمعنا صوت طفلة تبكي من تحت الركام. أخبرنا الجيران أن الطفلة حديثة الولادة، لم يتجاوز عمرها الشهر».

ويتابع حديثه بعينين مغرورقتين بالدموع: «كانت الطفلة تصرخ لبعض الوقت ثم تصمت عندما تتعب، لتعاود الصراخ مجددًا وكأنها تنادي على الأحياء. لم يكن لدينا سوى جرافة صغيرة لم تستطع اختراق الخرسانة المسلحة».

ويكمل خلال حديثه لـ«القدس العربي»: «حاولنا جاهدين فتح ثقب يدوي في الخرسانة، واستطعنا في النهاية إخراجها حية. لكن ما يحزنني أننا انتشلنا أمها وأبيها وأخيها شهداء».

ويوضح: «كانت العملية شديدة الصعوبة بسبب ضعف الإمكانيات ونقص المعدات اللازمة في ظل الحصار المستمر وإغلاق كافة المعابر أمام المساعدات. لكن الحمد لله أنقذنا الطفلة آيلا بأعجوبة».

أين نروح؟

ويعيش سكان قطاع غزة حالة من الخوف والقلق، بسبب عدم توجيه جيش الاحتلال أي منشورات تحذيرية للمواطنين بالأماكن التي ستتعرض للقصف، ما دفع الكثيرين إلى النزوح عمق المدن الغزية، التماسًا للأمان الغائب عن كل قطاع غزة.

واكتفى جيش الاحتلال، يوم الأربعاء 19 آذار /مارس 2023، بمنشور تحذيري، ألقته طائرات الاستطلاع على المواطنين، أعلن خلاله شن عملية عسكرية برية محدودة في غزة بهدف «توسيع المنطقة الدفاعية، ووضع خط بين شمال قطاع غزة وجنوبه»، وسط تحذيرات أطلقها للسكان الغزيين بعدم التنقل بين شمال القطاع وجنوبه، ما يجعل الأوضاع الإنسانية أكثر تعقيدًا وصعوبة.

إقرأ أيضاً..كاميرا العالم ترصد معاناة النازحين بغزة مع بدء العدوان البري الاسرائيلي!

ويبدي محمد أبو رزق، من مدينة خان يونس، تعجبه من «بربرية جيش الاحتلال وقصفه العشوائي لكل مناطق قطاع غزة، خلال الجولة الثانية من الحرب».

ويقول: «مش عارفين ننام يا عمي. أطفالنا لا ينامون من الخوف، ونحن أيضًا لا ننام من القلق عليهم. في كل حتة في ضرب فيه وبدون سابق إنذار. وبعد كدا يطلع جيش الاحتلال ويقلك مش أنتم المستهدفين، إحنا بنضرب في بيوتنا ومش عارفين وين نروح؟».

استهداف الدفاع المدني

وليست الصعوبات المادية فقط ما كان عرقل جهود الإنقاذ، بل تعرضت طواقم الدفاع المدني لعوائق في الحركة على الأرض؛ بسبب استهداف جيش الاحتلال لها في أثناء عمليات انتشال الضحايا، وهو ما أدى إلى ترك عدد كبير من جثامين الشهداء تحت الأنقاض.

ويكشف الضابط عز الدين أبو دراز، من فرق الدفاع المدني في خان يونس، عن استهداف ممنهج لفرق الإنقاذ.

loading