العالم _ حكاية ثورة
وفي بداية حديثه لبرنامج "حكاية ثورة" أعرب الدكتور غلام علي حداد عادل، الذي يعرف بمكانته كمستشار لقائد الثورة الإسلامية وعضو مجلس مجمع تشخيص مصلحة النظام، بالإضافة إلى كونه الرئيس الأسبق لمجلس الشورى الإسلامي، عن تهانيه الحارة بمناسبة الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، وقال إن النظام الإيراني قبل الثورة الإسلامية كان نظاما عميلا بداية للبريطانيين ومن ثم للاميركيين، ولذلك فإن الشعب الإيراني لم يعتبر نفسه مستقلا، ولذلك فإن الاستقلال كان أول وأهم شعار رفعه الشعب في ثورته، عندما أُطلق شعار "استقلال، حرية، جمهورية اسلامية"، كأنه نطق بلسان قلوب الشعب كله، وكل الناس رددوا ذلك، لأن الاستقلال كان ضالة ضميرهم التاريخي، وأن نظام الشاه المسيطر على رقابنا كان عميلا للأجانب.
أهم إنجازات الثورة الإسلامية
وفيما يتعلق بأهم انجازات الثورة الإسلامية، أوضح حداد عادل أن الثورة الإسلامية أوجدت الجرأة لدى الشعوب بأن هناك طريقة أخرى للعمل السياسي غير الطريقة التي يتحدث عنها الغربيون، ويمكن القيام بثورة، وطريق التحرر لا يمر فقط بأساليب الماركسية والشيوعية أو الديمقراطية والسيادة الشعبية الغربية، بل يمكن سن القوانين بطريقة اخرى يكون فيها الشعب حاضرا، وكذلك يكون للدين دور اساسي فيه.
وأكد حداد عادل أن الثورة الاسلامية قدمت أساسا جديدا للحكم، يهتم بقضايا الانسان بواقعية، وفي نفس الوقت لا يلغي العلاقة بين الانسان والله، مضيفا: كان هذا التأكيد على الربط بين عقيدة وايمان الناس وتوجههم الديني مع النشاط السياسي، أهم تحول فكري للشعب، ليؤمن بأن العمل والنشاط السياسي والاجتماعي والسعي نحو إقامة دولة دينية عادلة هو واجب ديني مثل الصلاة وسائر الفرائض. وهذا ما شكل أهم انجاز للثورة الاسلامية.
صمود الجمهورية الإسلامية أمام التحديات المستمرة
وحول التحديات التي واجهتها الجمهورية الإسلامية طيلة العقود الأربعة الماضية، قال حداد عادل إنه منذ اليوم الأول لانتصار هذه الثورة وحتى يومنا هذا أي بعد حوالي نصف قرن، الدول الغربية التي كانت قلقة من فقد سيطرتها على هذه البلاد، سعت بكل وسيلة ممكنة لإفشال هذه الثورة، وفشلوا بذلك.
الرسائل الأمريكية: خداع الظاهر ومخططات خفية ضد الثورة الإسلامية
وبخصوص حقيقة الرسائل الأمريكية التي كانت توجه لإيران بعد انتصار الثورة للتقارب، قال حداد عادل إن الاميركيون لم يكونوا صادقين، هذا التصرف منهم كان في الظاهر، ولكن بعد ان استقبلوا الشاه في اميركا، واقتحم الطلبة الجامعيون السفارة الاميركية، والوثائق التي تم الحصول عليها، كل ذلك كشف أن الاميركيين كانوا يخططون في تلك الاسابيع والاشهر لإطلاق التظاهرات ضد النظام والتحريض والانشطة الانقلابية، وكانت لديهم مخططات خطيرة. كان الاميركيون في الظاهر يريدون اقامة علاقات معنا، ولكنهم في الواقع كانوا يفكرون في مواجهة الثورة الاسلامية والاطاحة بالنظام والعودة الى ايران والسيطرة عليها. والا فإن ايران لم تكن تنوي منذ اليوم الاول ان تغلق السفارة الاميركية وعندما هاجمت بعض القوى المنفلتة اكثر من مرة السفارة الاميركية قامت قوى الثورة نفسُها بمنعهم واخراجهم من السفارة.
وبين أن الاميركيون خلال هذه السنوات البضع والاربعين واصلوا عداءهم لشعوب المنطقة والعالم الاسلامي، وخير شاهد على ذلك احداث غزة وفلسطين الاخيرة، فأميركا سواء حكمها كارتر او ريغن او بايدن او بوش الاب او الابن، جمهوريا كان او ديمقراطيا فإن سلوكها لم ولن يتغير في العالم، فهم يريدون الشعوب بقرة حلوبا لهم، وهذه البقرة الحلوب مفردة مفتاحية مهمة جدا، فكل شعب يأبى ان يكون بقرة حلوبا فإن اميركا تتخذ سبيل المواجهة معه.
السيادة الشعبية الدينية: الأساس الثابت للجمهورية الإسلامية
وقال حداد عادل إنه يمكن اختصار روح الثورة والجمهورية الاسلامية وكل المؤسسات والدستور في عبارة واحدة وهي السيادة الشعبية الدينية، أي أن هذا النظام هو نظام شعبي وفي نفس الوقت هو نظام ديني، وهذه تمثل خطا احمر للنظام الإسلامي، يعني ان التغيير لا يمكن ان يشمل مبادأ السيادة الشعبية والدين، ولكن بقية الامور يمكن مناقشتها. مضيفا: لو كنا نعتبر الدستور وحيا منزلا لما قمنا بتعديله، فبعد حوالي 10 سنوات من انتصار الثورة تم تعديل الدستور بحسب الآلية التي يقرها الدستور نفسه. وليس الامر مستبعدا أبدا ان يتم اعادة النظر في الدستور مستقبلا.
وأكد على أن القضية الرئيسية للمجتمع الايراني اليوم ليست إعادة النظر في الدستور، وانما هي مواجهة الحظر الغربي، ولا علاقة لمشاكل إيران اليوم بالدستور.
كيف تعزز الثورة الإسلامية روح المقاومة
وحول آخر التطورات التي شهدتها المنطقة قال حداد عادل إن الجمهورية الاسلامية الإيرانية تحاول ان تساير هذه التطورات واستحقاقاتها مع الحفاظ على ثوابتها، وتابع: "إسرائيل" عندما دخلت الحرب جاءت بهدف اقتلاع حماس والقضاء على المقاومة، وصحيح ان المقاومة فقدت عددا من قادتها، لكن جذورها حية وفاعلة، سواء بالنسبة لحزب الله او حماس او الجهاد الاسلامي، و"اسرائيل" خلال 15 شهرا لم تتمكن من الانتصار على مجموعة من المقاومين، وهذا يمثل أهم انجاز للثورة الاسلامية، ورسالتها هي أنك اذا أدخلت الناس في الميدان باسم الله والدين فإن النتيجة ستكون المقاومة الاستشهادية، وهذا أعظم انجاز.
سياسة إيران المبدئية واستراتيجية ضبط النفس: رفض توسع نطاق الصراع في المنطقة
وأضاف: خلال هذه الحرب التي دامت 15 شهرا بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين وحماس واهل غزة، كانت سياسة الجمهورية الاسلامية منذ اليوم الاول هي الا تنجر هذه الحرب الى الدول الاخرى في المنطقة، والذين كانوا يلومون ايران بأنها لماذا لم تقدم على مواجهة الكيان الصهيوني بشكل اكثر جدية ووضوحا، هؤلاء جزء منهم هم الفئة الثورية من الناس وكانوا يتألمون من كل تلك الضغوط، والجزء الآخر كانوا يريدون دخول ايران في حرب.
وأكد حداد عادل أن دخول ايران في الحرب كان سيُخرج الحرب من تلك الحالة المحدودة لصالح الاسرائيليين، وكانت سياسة ايران تقضي بألا تتوسع الحرب، وفي نفس الوقت يستمر الدعم بكل ابعاده المعنوية وغيرها لأهل غزة، والصواريخ التي اطلقتها ايران على "اسرائيل" كانت ردا على اعتداءات اسرائيل وخاصة اغتيال اسماعيل هنية في ايران، وكان ذلك في محله، ولكن سياسة ايران كانت قائمة على الا تتحول المواجهة الى حرب شاملة.
إيران والسلاح النووي: الالتزام بفتوى قائد الثورة الإسلامية وتطوير القدرات الدفاعية
وفيما يتعلق بالسلاح النووي، أوضح حداد عادل أن موقف الناس قائم على فتوى القيادة، يعني اننا لا ننوي ان نتسلح بالسلاح النووي، فنحن نطور قدراتنا الدفاعية، ونسعى باستمرار لرفع مستوى جهوزيتنا، ولكننا لا ننوي استخدام السلاح النووي للحرب. نحن مبدئيا لن ندخل في مجال التصنيع ايضا، وهكذا هي فتوى قيادتنا. وحتى الان ليس هناك حديث عن تغيير هذه الفتوى، فقوة الجمهورية الاسلامية لا تكمن في السلاح النووي، وانما في هذا الشعب، وما نمتلكه من سلاح يكفي للدفاع عن انفسنا.
المفاوضات الإيرانية الأمريكية: دروس الماضي وآفاق المستقبل
وبخصوص آخر المستجدات على صعيد المفاوضات الإيرانية الأمريكية، أشار حداد عادل إلى أن "الظروف الحالية، تستند الى تجربة تمتد لسنوات، نحن تفاوضنا مع الاميركيين مرة واحدة واثبتنا فيها حسن نيتنا، والاميركيون اثبتوا سوء نيتهم. نحن اخذنا الدرس من تلك التجربة، وكذلك يجب ان يعتبر الاميركيون ايضا، فترمب كان يظن أنه اذا مزق الاتفاق النووي وخرج منه، فإن ايران سترفع يديها وتستسلم امامه، وبامكان اميركا ان تفعل ما تشاء، وهذا ما لم يحصل، والان السيد ترمب جرب هذا الامر مرة من قبل، واذا ما اعاد النظر في اسلوبه السابق وقرر الاعتراف بالحقوق القانونية للشعب الايراني، عند ذلك يمكن ان تصل المفاوضات الى نتيجة، ولكن اذا لم يعتبر من الماضي واراد مرة اخرى ان يمارس الخداع ونقض العهود والا يتفاوض من اجل حل القضية وانما من اجل فرض ارادته، فان هذه المفاوضات لن تكون مفيدة."
وأضاف: إذا كان ترامب يريد الاعتراف بحقوق الشعب الايراني، فالمفاوضات معه ليست أمرا محرما، نحن ابدينا مرة من قبل حسن نيتنا في المفاوضات، ولكنهم لم يبدوا حسن نيتهم، واذا كانت المفاوضات بنفس الطريقة السابقة فانها محرمة.
إقرأ أيضا: وزارة الخارجية الإيرانية: لم يطرأ أي تغيير على وضع إدارة الملف النووي
المزيد من التفاصيل في سياق الفيديو المرفق..