الإدارة الامريكية الجديدة ومفاوضات الفرصة الأخيرة   

الإدارة الامريكية الجديدة ومفاوضات الفرصة الأخيرة   
الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ - ٠٩:١٦ بتوقيت غرينتش

ليس بعيدا عن سربه غرد ترامب ولكن ليس بصوت البلبل بل بلغة الدماء والدمار التي لا يفهم غيرها.. فصرخ بوجه الشرق الأوسط يتوعده بالجحيم اذا لم يتم تسليم الاسرى الصهاينة لدى المقاومة قبل توليه منصبه نهاية الشهر الجاري.

العالم - مقالات وتحليلات

لم تكن هذه المرة الأولى التي يهدد فيها ترامب الشرق الأوسط لكن بالنسبة لأهل غزة لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها .. فغزة التي جربت كل أشكال الموت لم يعد يشغلها كيف ستموت بل هي الان تبحث عن أي معنى للحياة تائها بين الحروف .

بالنسبة للفلسطينيين فإن الإدارة الأمريكية وإن اختلفت أوجهها فهي تعبر عن عملة واحدة لاسيما وأن أقسى الحروب على وجه الأرض لم يعرفها الفلسطينيون سوى في عهد الديمقراطيين الذين ساندوا كيان الاحتلال لأكثر من عام في حرب مجنونة ومسعورة أمدوه فيها بالسلاح والمال وكل أشكال الدعم ولكن صمود مقاومة غزة وتمسك أهلها بترابها ورفضهم كل مخططات التهجير القسري جعل غزة شوكة في حلق الديمقراطيين فلا هم قادرين على خلعها ولا هم قادرين على بلعها ليأتي ترامب رجل الصفقات التجارية محاولا خلع تلك الشوكة بصفقة استبقها بالتهديد والوعيد بجحيم جديد ولكن قد يفهم تصريح ترامب على نحو مغاير فبينما كان يتوعد الشرق الأوسط بالجحيم كان بشكل مبطن يحذر حليفه الإسرائيلي من خسارة النعيم الذي سبق ان وعد ترامب بتحقيقه في الشرق الأوسط في ولايته السابقة ، والذي بات معلوما للجميع، من أهمها ترسيخ وجود "اسرائيل" وتقويتها وتمددها في بعض الاراضي بالإضافة للانفتاح الإسرائيلي على الدول العربية ، الذي تأخر كثيرا حسب وجهة نظر ترامب

إقرأ ايضا.. تفاصيل جديدة عن ملامح صفقة لوقف اطلاق النار في غزة

‎إلى جانب ذلك يعتبر ترمب ان الوصول لصفقة قبل حفل تنصيبه سيضعه في موقف القوي القادر على فرض صفقات وسيلقى بذلك ترحابا عالميا وداخليا لكن ان لم تحدث الصفقة فإن ذلك سيوجه صفعة قوية على وجه ترامب وسيظهره بمظهر العاجز عن تنفيذ اجندته الدولية

كما أن ترامب يريد أن ينقذ ما بقي من ماء وجه كيان الاحتلال وقادته الذين باتوا الان في عزلة دبلوماسية واضحة بعد احكام المحكمة الدولية وبعد ما تعرض له جنوده من مذكرات اتهام وقضايا بسبب أعمال الإبادة التي ارتكبوها في قطاع غزة فصورة "إسرائيل" لم تعد تلك التي ترضاها أمريكا لحلفائها لهذا سارع ترامب لارسال مبعوثه للشرق الأوسط بل ان الاعلام الإسرائيلي تحدث عن مشاركة ترامب بشكل مباشر في تفاصيل الصفقة وربما هي المرة الأولى التي يفتح فيها باب التفاوض على مصراعيه لفترة طويلة دون عقبات أو على الأقل دون اغلاق ففي السابق كانت حجج نتنياهو بتعطيل الصفقة تؤدي لاغلاق الملف ولكن الان يبقى الملف مفتوحا لحين تذليل العقبات وربما وصل ترامب لقناعة بان نتنياهو يعرض مصالح امريكا في الشرق الاوسط للخطر لاسباب شخصية متعلقة بنتنياهو وهذا ما لم تعد تطيقه الولايات المتحدة ليس حبا في وقف الإبادة في غزة بل حرصا على تمرير مخططاتها التوسعية والتحالفات التي تسعى اليها في المنطقة كما ان ترامب لن يكون قادرا على تنفيذ تهديداته بتحويل الشرق الأوسط لجحيم وذلك ليس لضعف القدرات بل لضعف الموقف فقد قال وزير الخارجية الأميركي انتوني بلنكن في تصريحات له أن طاقم إدارة بايدن نقل لطاقم ترمب معطيات ان فرض اي سياسات لتشديد حصار غزة مما هو عليه الآن أو منع وكالة الغوث من العمل سيقود لمجاعة ووفيات بالعشرات يوميا.

أما على الصعيد العسكري فقد شاركت الإدارة الأمريكية والجيش الاميركي ووكالات الاستخبارات شاركت ومازالت تشارك استخباريا وعسكريا في الحرب على غزة عبر دعم الكيان الإسرائيلي بالاسلحة والعتاد والمعلومات الاستخباراتية بل إن هناك معطيات عن وجود قوات اميركية على الأرض في غزة تتابع قضية الأسرى الاميركان والاسرائليين.

وبالتالي اي تدخل أميركي عسكري على مستوى أبعد من جغرافيا غزة سيجعل ترامب يجد نفسه متورطا في حرب مع اليمن وقد تصل لأبعد من ذلك وهو ما يتناقض مع وعوداته لناخبيه بعدم المشاركة في حروب الشرق الأوسط
‎كما برز مع تولي ترامب لمنصبه بوادر خلاف او ربما تكون بمثابة رسائل ما بين نتنياهو وترامب لاسيما حينما قام الأخير
‎بإعادة نشر مقطع فيديو للخبير الاقتصادي الأمريكي اليهودي جيفري ساكس على منصته للتواصل الاجتماعي، حيث وصف ساكس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأوصاف سيئة واتهمه بأنه يورط الولايات المتحدة في حروب الشرق الأوسط.
‎ترامب نشر المقطع دون أن يعلق لكنه على الأقل يوافق ضمنيا على ما ورد فيه علما ان المقطع تم تسجيله في أكتوبر 2024 خلال ندوة في جامعة كامبريدج بأميريكا

وقد تسربت بعض المعطيات التي تشير إلى أن طاقم ترمب الذي يفاوض لتسريع صفقة تبادل الأسرى ووقف العدوان على غزة نقل لترمب معطيات ان من يضع عصي في عجلة المفاوضات هو نتنياهو شخصيا وان اي تقدم يحدث يتم اجهاضه بعد أن يتم اطلاع نتنياهو عليه.


وبناءً على معطيات الصولات والجولات السابقة في ملف المفاوضات فإن هذه هي جولة الفرصة الأخيرة التي لا عودة فيها لنقطة الصفر فمبعوث ترامب للشرق الاوسط عاد من داخل الكيان الى الدوحة ممسكا بيده رئيس الموساد ورئيس الشاباك والمستشار السياسي لنتنياهو أوفير فليك والمختلف في التمثيل هذه المرة هو وجود مستشار نتنياهو وهذا يحمل احتمالين اما وضع عراقيل جديدة امام الصفقة أو يعبر عن ان نتنياهو نفسه يجلس على طاولة المفاوضات ممثلا بمستشاره ..
هذا ما نترقب تفسيره في الأيام القادمة

اسراء البحيصي