ما هو فيروس 'HMPV' الذي ظهر في الصين وما مدى خطورته؟

ما هو فيروس 'HMPV' الذي ظهر في الصين وما مدى خطورته؟
السبت ١١ يناير ٢٠٢٥ - ٠٦:٣٠ بتوقيت غرينتش

بعد مرور خمس سنوات على إعلان بكين عن أول حالة وفاة بوباء كوفيد-19 (في 11 يناير/كانون الثاني 2020)، شهدت الصين ودول أخرى مؤخرا انتشارا ملحوظا لفيروس الالتهاب الرئوي البشري "إتش إم بي في"، ما أثار قلقا عالميا وتساؤلات حول مدى خطورته.

العالم - منوعات

باتت الصين مجددا محط أنظار العالم مع تفشي فيروس الالتهاب الرئوي البشري "إتش إم بي في" الذي أثار القلق مرة أخرى، رغم أنه ليس بالجديد، في حدث تزامن مع حلول الذكرى الخامسة لظهور وباء كوفيد-19.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2019، شهدت مدينة ووهان بوسط الصين ظهور فيروس كورونا الفتاك الذي حصد أرواح الملايين (ما بين 13 و16 مليون وفاة)، وقوض اقتصادات عدة دول وشل أنظمة صحية بالكامل.

وعلى مدار الأيام الأخيرة، أفادت عدة تقارير إعلامية أن فيروسا غير معروف ظهر في الصين وتزايد أعداد المصابين به. وتصدرت التقارير عن انتشار فيروس الجهاز التنفسي البشري (HMPV) وهو عدوى تنفسية شائعة في المجتمع الطبي، عناوين الأخبار في ربوع العالم، وتحدثت عن مستشفيات مكتظة تُذكر ببداية جائحة فيروس كورونا قبل خمس سنوات.

في هذا السياق، قالت محطة سي بي سي نيوز الأمريكية إن تزايد الإصابات بهذا الفيروس يثير تساؤلات حول ماهيته وإن كان تهديدا للولايات المتحدة التي تشهد مخاوف من ظهور جائحة جديدة، حسب المصدر ذاته.

إقرأ ايضا...الخارجية الصينية توضح بشأن تفشي فيروس 'HMPV'

ونقلت سي بي سي عن الدكتورة كارلا غارسيا كارينو مديرة الوقاية من العدوى ومكافحتها في مركز بلانو الطبي للأطفال (بشمال شرق تكساس)، قولها إن "تهدئة القلق بشأن الجائحة ممكن"، حيث إن الفيروس ليس جديدا مثل كوفيد-19، مضيفة بأن انتشاره السابق لفترة من الوقت سمح بوجود "مناعة ضد هذا الفيروس المسبب لالتهاب الرئة البشري".

من الصين إلى الهند وبريطانيا

وأفادت القناة الأمريكية أيضا بأن الهند سجلت بدورها إصابات بهذا الفيروس، ونقلت عن المجلس الهندي للأبحاث الطبية إفادته عن إصابة ما لا يقل عن سبعة أشخاص حتى الثلاثاء.

والإثنين، قالت وزارة الصحة الهندية إن الفيروس الرئوي البشري منتشر بالفعل على مستوى العالم وليس فقط بالصين والهند، وأكدت أن أيا من الحالات المحلية ليس لديها تاريخ سفر سبق الإصابة، مؤكدة أن جميع المرضى "يتعافون بشكل جيد"، حسب ما نقل موقع ذي هندو، مشيرا إلى أن هذا الفيروس ليس جديدا بل ظهر أيضا في 2001.

وأبلغت عدة دول أخرى بينها بريطانيا عن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس "إتش إم بي في" هذا الشتاء، فضلا عن التهابات الجهاز التنفسي الأخرى، بما يتماشى مع الاتجاهات الموسمية التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى إجهاد المستشفيات.

تعقيبا، قال الصحافي الصيني نادر رونغ هوان من بكين إن هناك ارتفاعا وزيادة ملحوظة في أعداد الإصابات بهذا الفيروس في بلاده، "لكن أغلب الإصابات التي تستقبلها المستشفيات حاليا هي حالات الإصابة بالإنفلونزا كما هو الحال في موسم الشتاء من كل سنة. أما فيما يتعلق بفيروس الالتهاب الرئوي البشري فإن نسبة الحالات التي يتم التكفل بها تقل عن 30 بالمئة".

وأضاف هوانغ في تصريحات لفرانس24 بأن "الوضع مستقر من هذه الجهة". وهو يلحظ أيضا بأن أغلب "الأعراض التي ظهرت على المصابين بهذا الفيروس ليست شديدة ويمكن التعافي منها في ظرف أسبوع". لكنه حذر من وجود خطر يمكن أن يحدق بالمصابين من فئة "الأطفال والمسنين الذين لديهم مناعة ضعيفة، حيث يمكن أن يتطور المرض إلى التهاب رئوي. في هذه الحالة هناك بروتوكولات علاجية معتادة في المستشفيات، حيث إن هذا الفيروس ليس بجديد وقد اكتشف منذ أكثر من خمسين سنة، كما ظهر لأول مرة في هولندا عام 2001".

بيان الصحة العالمية حول الوضع الوبائي في الصين

في ظل انتشار حالات الإصابة بهذا الفيروس وتنامي المخاوف من ظهور جائحة جديدة، أصدرت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء تقريرا كشفت فيه عن آخر ما جمعته من معطيات عن هذا الموضوع.

وقالت المنظمة في تقريرها إن هذا الوقت من العام يشهد عادة تزايدا في الإصابات بالعدوى التنفسية الحادة في بلدان نصف الكرة الشمالي، والتي "تنجم عن الأوبئة الموسمية لمسببات الأمراض التنفسية مثل الإنفلونزا الموسمية، والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، وغيرها من الفيروسات التنفسية الشائعة، بما في ذلك الفيروس الرئوي البشري (HMPV)، وكذلك الميكوبلازما الرئوية".

وأوضحت المنظمة بأن اهتماما كبيرا يولى مؤخرا لحالات الفيروس التنفسي البشري في الصين بما في ذلك أنباء عن تزايد محتمل للضغط على المستشفيات. وأوضحت: "بناءً على البيانات التي نشرتها الصين، والتي تغطي الفترة حتى 29 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد ارتفعت الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة خلال الأسابيع الأخيرة، كما زادت حالات الإنفلونزا الموسمية وفيروس الأنف وفيروس المخلوي التنفسي وفيروس الجهاز التنفسي البشري، وخاصة في المقاطعات الشمالية من الصين".

وأكدت بأنها على اتصال بمسؤولي الصحة الصينيين ولم تتلق أي تقارير عن "أنماط تفش غير عادية". كما طمأنت بشكل عام بأن "نظام الرعاية الصحية الصيني ليس منهكا" مشيرة إلى عدم "الإعلان عن حالات طوارئ أو استجابة طارئة" تحسبا لذلك.

ما هو فيروس "إتش إم بي في" وما أعراضه وكيف ينتقل؟

نشرت الأمم المتحدة هي الأخرى تقريرا الثلاثاء يشرح حقيقة الفيروس وظهوره وأعراضه وواقع الإصابة به حاليا. وقالت المنظمة إن "فيروس HMPV ليس جديدا، فقد تم اكتشافه لأول مرة في عام 2001، وهو فيروس شائع ومنتشر في جميع أنحاء العالم. ويثير بشكل عام أعراضا تنفسية مشابهة للزكام".

في نفس السياق، عرفت الدكتورة منار مراد، وهي استشارية التخدير والعناية المشددة في المستشفى الأوروبي جورج بومبيدو بباريس "الميتابنيموفيروس Métapneumovirus أو إتش إم بي في MPHV" على أنه "من الفيروسات التنفسية المسؤولة عن إصابة الطرق التنفسية العلوية والسفلية لدى كافة الأعمار. عادة ما يظهر في أواخر الشتاء وأوائل الربيع".

وبالنسبة إلى الشرائح الأكثر عرضة للإصابة، أضافت مراد في تصريحات لفرانس24: "هم الأشخاص الذين يمكن تسميتهم المرضى ذوي الخطورة العالية مثل فئة المسنين أو الأشخاص ضعيفي المناعة أو الأطفال".

وحول طرق تفشي عدوى هذا الفيروس، تشرح استشارية التخدير والعناية المشددة بأن هذا الفيروس "ينتقل ككل الفيروسات التنفسية عبر التنفس ورذاذ اللعاب والسعال".

إقرأ ايضا...علامة غير عادية تظهر في السرير تحذر من السرطان!

أما بالنسبة إلى الأعراض، قالت منار مراد إنها مثل كل "أعراض الإنفلوانزا: الحرارة، سيلان الأنف، السعال، التنفس الصعب، الألم في الحلق، تغير في لحن الصوت، والآلام العضلية. وهو قد يؤدي، إذا اختلطت المضاعفات مثلما هو الحال بالنسبة إلى المرضى ذوي الخطورة العالية، إلى: ذات رئة، التهاب قصبات، التهاب أذن وسطى، أو حتى الإسهال. تحدث هذه المضاعفات خصوصا لدى الأشخاص الذين لديهم مناعة ضعيفة مثل المصابين بالأمراض المزمنة التنفسية أو القلبية أو مرضى السرطان، أو المرضى الذين لديهم زرع أعضاء، أو الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام".

وتشير نفس المتحدثة إلى أن الأعراض "عادة ما تظهر بعد التعرض للفيروس بثلاثة إلى خمسة أيام. يتم التشخيص حسب الأعراض، ومن خلال سحب المفرزات من نفس المكان الذي كان يتم السحب عبره لتشخيص كوفيد، أي من البلعوم الأنفي أو من عمق الحلق".

لكن كيف يمكن التكفل بالمصابين بهذا الفيروس وعلاجهم؟ ترى الدكتورة منار مراد بأن المعالجة يجب تبدأ أولا عبر الوقاية وتجنب الإصابة "وفقا لنفس القواعد التي تعلمناها خلال الجائحة. أي أن الشخص المصاب ينبغي عليه أن يعزل نفسه بالبيت وأن يرتدي الكمامة. كما يجب احترام التباعد الاجتماعي وتجنب لقاء الأشخاص المعرضين للإصابة".

وتشرح مراد أنه، وفي حال وقعت الإصابة، "فيكون العلاج على مستوى الأعراض، مثل استعمال مخفضات الحرارة، لكن أحيانا قد نحتاج إلى مضادات حيوية، أو حتى إدخال المرضى إلى المستشفى للعناية المشددة مثل أي مريض مصاب بالإنفلونزا في حال كان من شريحة المجموعات عالية الخطورة".