العالم - خاص العالم
تحولات سريعة ومفاجئة في المنطقة ومستجدات ميدانية وسياسية ساهمت في تبلور أسئلة كثيرة عن مستقبل القرار الإيراني كقوة اقليمية فاعلة في المنطقة والعالم فكيف ستبنى سياسات الخارجية الايرانية على اساس هذه التحولات وهذه المستجدات، وماذا عن مستقبل العلاقات الايرانية العربية، وما هي المخرجات المتوقعة عن زيارة الرئيس الايراني الدكتور مسعود بزشكيان الى القاهرة للمشاركة في د 8 للدول النامية.
العالم: نبدأ من التحولات في سوريا.. بالنظر الى هذه التحولات، الحكومة الايرانية اعلنت بأنها كانت على اتصال مع بعض الجهات التي تحكم البلاد في سوريا من هي هذه الجهات وماذا عن مستوى هذه الاتصالات معها؟
الدكتور اسماعيل بقائي: بالنسبة للتطورات السورية كما تعلمون ويعلم الجميع بأنها كانت سريعة جداً وبان الجمهورية الاسلامية في ايران بصفتها دولة مسؤولة ودائما كانت ولا تزال قلقة على الامن وتهتم بالامن وتؤدي دورا مهما في السلام في المنطقة، التطورات الاخيرة في سوريا كانت تتطلب السرعة للتعاون والتفاهم بين دول المنطقة من اجل الاطمئنان الى ان سوريا تتقدم بسلام الى المرحلة الثانية، ما هو مهم بالنسبة لنا هو ان تكون لنا علاقات مع مختلف الاطراف وكذلك الدول الجارة لسوريا وكذلك دول غرب آسيا وشمال افريقيا، الدول المؤثرة في التحولات بالمنطقة، وسوريا يجب ان تكون ذات سيادة مع مراعاة لجميع الاطياف فيها ومشاركة جميع المجموعات المؤثرة في المجتمع السوري بهدف الوصول الى تشكيل النظام الذي يكون نابعا من تطلعات ورغبة الشعب وان يمثل المجتمع السوري بجميع الاطياف.
العالم :هل لديكم في هذه المرحلة بالذات اتصالات مع الاطراف الحاكمة في سوريا.
الدكتور اسماعيل بقائي: كما اسلفت لكم اتصالاتنا مع جميع الاطراف التي لها صلة بالتطورات في سوريا، الدول الجارة لسوريا والدول الاقليمية نحن على اتصال معهم، وحينما اقول جميع الدول اقصد الدول الخمس التي هي الدول العربية اضافة الى تركيا وروسيا الاعضاء في مؤتمر استانة وخلال هذه الايام فقد زادت هذه الاتصالات مع الدول الجارة لسوريا، وهناك اتصالات بطرق غير مباشرة مع الاطراف التي عملت على هذه التطورات في سوريا على امل ان نستطيع ان نقدم المساعدة كما اسلفت لكم بان نصل الى مرحلة انتقالية مسالمة ونطمئن على مستقبل سوريا.
العالم: إيران اعربت عن أملها بإعادة فتح السفارة الايرانية في سوريا ولكن تحفظت على موضوع في المستقبل القريب، أو بأن يكون هذا الامر وشيكا.. يعني ما التوقعات في هذا الاطار؟
الدكتور اسماعيل بقائي: بالنسبة لافتتاح السفارة بالتأكيد من الطبيعي بالنظر الى التطورات التي شهدناها في سوريا نحن بحاجة الى مقدمة من اجل الاطمئان على امن للسلك الدبلوماسي الايراني في سوريا، ومن الضروري ايضا بأن يذهب الفريق الفني الى هناك وان يتأكد من أمن السفارة، ما هو مهم هنا ان تكون الظروف مواتية سواء من الناحية السياسية او من الناحية الامنية لجميع موظفي السفارة والعاملين في السفارة، بعد ذلك سوف نتخذ القرار.
العالم: هناك عدة تيارات فاعلة على الساحة السورية اذا اخذنا بعين الاعتبار الدور التركي، الدور الامريكي ايضا يعني التصعيد الاسرائيلي واحتلال مناطق من سوريا.. في ظل هذه المعطيات كيف تتوقعون مستقبل سوريا الجديدة؟
الدكتور اسماعيل بقائي: في آخر اللقاءات التي جمعتنا مع الدول الاقليمية في الدوحة اكدنا وركزنا على ضرورة الحفاظ على وحدة اراضي سوريا وسيادة سوريا، ما كان يقلقنا وللاسف الشديد هذا القلق قد ازداد في الاونة الاخيرة وان الكيان الصهيوني قد بدأ يستفيد من حالة الفراغ في سوريا من اجل ان يثبت نفسه للاسف الشديد وهذا قد حصل، الان وانتم تعلمون أنه للمرة الاولى خلال الـ 50 سنة الماضية، هناك انتهاكات لقرارات مجلس الامن وقسم كبير من اراضي سوريا احتلها الكيان الصهيوني واعتقد ان هذه المساحات تعادل مساحة قطاع غزة، اكثر من 300 كم من سوريا، وكذلك هناك احتلال امريكي لقسم من الاراضي السورية، ولهذا جميع دول المنطقة وخاصة الشعب السوري يبدي قلقه من هذا الوضع وفي هذه المرحلة يجب على الشعب السوري بان يصل الى الحرية وان يفكر في مستقبله.
العالم: هل هناك اجراءات متوقعة ان تتخذها ايران ازاء الاعتداء الاسرائيلية والتغول الاسرائيلي في سوريا على الاقل على المستوى الدبلوماسي.
الدكتور اسماعيل بقائي: اعتقد بان هذه مسؤولية جميع الدول الاقليمية وليس ايران فحسب ما حصل خلال الايام الماضية وكذلك توسعة العدوان الاسرائيلي بالتأكيد سوف تهيئ الارضية للارهاب والارهابيين والتكفيريين في سوريا بسبب الفراغ الموجود في السلطة ومن ناحية اخرى سوف يؤدي بذلك الى القضاء على البنى التحتية السورية وهذا الوضع بالتاكيد سوف يكون خطر جدا لمستقبل سوريا، وجميع الدول الاقليمية قلقة واعتقد بانه يجب على جميع الدول ان تكون قلقة من هذا الوضع لان القوانين الدولية لا تسمح بذلك والكيان صهيوني ينتهك هذه القوانين، انا شخصيا اعتقد بان هذه الامور يمكن حلها عن طريق الدبلوماسية، واعتقد انه في مؤتمر (دي8) جميع الدول سوف تبدي قلقها من هذا الوضع جامعة الدول العربية وكذلك المؤتمر الاسلامي، سوف تسعى هذه الدول للقيام بهذه المهمة.
العالم: بما انكم اشرتم الى مؤتمر (دي 8) والذي يعقد في القاهرة الدكتور بزشكيان سافر الى القاهرة.. على مدى 4 عقود يعني هناك فتور في العلاقات الايرانية او لم تشهد العلاقات الايرانية المصرية انفراجا.. ما المتوقع في عهد رئاسة الدكتور بزشكيان خاصة في ظل هذه الزيارة.. ما هي توقعاتكم؟
الدكتور اسماعيل بقائي: الاجتماع الوزاري للدول الاسلامية الثماني النامية على مستوى وزراء الخارجية عقد لوضع نص نهائي للوثائق النهائية للقمة، وتشكلت مجموعة الدول الثماني الاسلامية للتعاون الاقتصادي (دي 8) هذه عام 1997 منذ حوالي 30 سنة وبشكل رئيسي تركز المجموعة على التجارة وعلى الاقتصاد، مصر هي المضيفة الان لهذا الاجتماع وبالتأكيد فان مشاركة الجمهورية الاسلامية في ايران على هذا المستوى العالي في مصر اعتقد انه موضوع مهم ومؤشر جيد جدا، نحن نرى بان مصر دولة مهمة ومن الدول المؤثرة كثيرا في شمال افريقيا وفي منطقة غرب آسيا (المنطقة التي المعروفة بمنطقه الشرق الاوسط)، الدولتان لديهما علاقات مشتركة مهمة ولديهما حضارتان قديمتان مهمتان جدا وستؤديان دورا مهما، مصر تؤدي دورا مهما في العالمين العربي والاسلامي والجمهورية الاسلامية في ايران كانت ولا تزال تسعى الى اقامة علاقات جيدة مبنية على الصداقة والسلام مع الدول العربية، وان اول مقالة للسيد بزشكيان كانت مقالة موجهة للدول العربية كتبها قبل ان يتسلم مهامه الرئيسية واوضح سياسته تجاه الدول العربية.
العالم: ما هي المخرجات المتوقعة من قمة مجموعة "دي 8"، أهمية هذا الاجتماع ما الذي سيبنى عليه خاصة فيما يتعلق بحلحلة المشاكل السياسية والاقتصادية وغيرها للدول الاسلامية.
متحدث الخارجية الايرانية: الدول الـ 8 تشكل حوالي 60 الى 65 في المئة من تعداد سكان الدول الاسلامية وحجم الاقتصاد حوالي 175 مليار دولار، اعتقد بان هذه فرصة سوف تهيئ الامكانية من اجل توسعة التجارة والعلاقات بين الدول الاسلامية الـ8 الكبرى فعلى هذا الاساس فان هذا الاجتماع اعتقد بانه سيكون فرصة مناسبة للتحدث حول المواضيع المهمة واعتقد بان الموضوع سوف يكون التطورات في غزة وفي لبنان ونتوقع بان رؤساء الدول وكذلك وزراء خارجية الدول الـ 8 سوف يتحدثون عن التطورات في غزة وفي لبنان والهدف هو ايقاف الابادة الجماعية في فلسطين المحتلة.
العالم: فيما يتعلق بالعلاقات الايرانية السعودية، نحن نعلم منذ عامين تم استئناف هذه العلاقات، هل هناك برامج خاصة لدى دولة الدكتور بزشكيان لتنمية وتطوير هذه العلاقات.
الدكتور اسماعيل بقائي:بالنسبة لسياسة حكومة السيد بزشكيان هي استمرار لسياسة الجيرة منذ حكومة الشهيد السيد ابراهيم رئيسي، نحن ننظر الى تحسين الروابط ونرى تحسين الروابط ضرورة بين الدول الاسلامية والدول الجارة ولحسن الحظ خلال السنتين الماضيتين كانت علاقتنا عمليا جيدة سواء على المستوى السياسي او على المستوى الدفاعي وآخر فصولها كانت زيارة رئيس اركان القوات السعودية الى طهران وكذلك في القطاع الثقافي هناك تطورات جيدة جدا وكذلك استئناف الرحلات بين الدمام ومشهد ونحن نأمل ايضا في المجال الاقتصادي ايضا بالموازاة مع هذه التطورات ان تكون هناك تطورات آخرى.
العالم: ماذا عن الرؤية الايرانية عن مستقبل قطاع غزة وهل هناك مقترحات ايرانية فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة؟
الدكتور اسماعيل بقائي: بالنسبة لقطاع غزة الصورة التي تتراءى لاي انسان هي صورة تحزن القلب بسبب الوضع المأساوي الموجود في غزة والذي يراه العالم، وهذا ما ذكرته مقررة حقوق الانسان في فلسطين والتي وصفتها انها ابادة جماعية، اعتقد بان الأولوية هي ايقاف الابادة الجماعية في قطاع غزة وفي الخطوة الثانية اعادة اعمار غزة ولكن تقع على عاتق جميع دول المجتمع الاسلامي وجميع العالم مسؤولية اخلاقية وانسانية بالوقوف بوجه الكيان الصهيوني، وبالنسبة لاتخاذ القرار في قطاع غزة يعتمد على شعب غزة وممثلي قطاع غزة الذين ما يقررانه سوف نحترمه.
العالم: فيما يتعلق بلبنان الفرقاء اتفقوا على موعد جلسة برلمانية بعد ثلاثة اسابيع تقريبا لاختيار رئيس للبنان.. ماذا عن موقف ايران تجاه هذا الاستحقاق؟
الدكتور اسماعيل بقائي: موقف ايران تجاه لبنان موقف مبدئي وكذلك بالنسبة للتطورات السياسية من ضمنها انتخاب رئيس الجمهورية، انتخاب رئيس الجمهورية موضوع داخلي لبناني بحت، ولبنان بجميع طوائفه وجميع الافرقاء وجميع المجموعات لديهم الحرية في اختيار رئيسهم، بالتأكيد تعيين رئيس الجمهورية ما يقرره اللبنانيون بالتاكيد المقاومة جزء من النسيج السياسي، ما يقرروه سوف نحترمه نحن ايضا.
العالم: ما هي رسالة حكومة الدكتور بزشكيان الى العالم العربي؟
الدكتور اسماعيل بقائي: الدكتور بزشكيان قبل عدة اشهر من استلام مهامه الرئاسية كتب مقالة موجهة للدول العربية، وقال فيها باننا نهدف الى الوصول الى منطقة مزدهرة والى منطقة مستقرة ومنطقة يعمها السلام بالتعاون مع الجمهورية الاسلامية في ايران وكذلك بالتأكيد سوف نسعى من اجل التقريب بين جميع الدول، اول رحلة للسيد بزشكيان كانت للعراق بعد ذلك الى الدوحة واليوم الى مصر، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على الاهمية التي نوليها للعلاقات بيننا وبين الدول العربية.
العالم: الدكتور كمال خرازي تحدث عن موضوع الاحداث في سوريا وعلاقتها بالامن في العراق واحتمال انتقال انعدام الامن الى العراق.. تحدثتم مع الحكومة العراقية عن هذه النقطة بعد الاحداث في سوريا؟
الدكتور اسماعيل بقائي: من الطبيعي ان نتحدث ونجري اتصالات مع جميع الدول الجارة لسوريا وكذلك مع الدول الاقليمية الغير جارة لسوريا والتي تشعر بالقلق من تطورات الاوضاع في المنطقة، بسبب التجارب في عام 2012 هناك قلق متزايد انه في حالة عدم التعاون بين الدول الاقليمية وكذلك للوصول الى حل التطورات في سوريا لربما يؤدي الامر الى الى بروز التطرف ونحن نعلم بان الارهاب كالمرض المعدي ولا يقف عند حد وسوف يعم جميع الدول اذا لم يتم علاجه.
العالم: هناك تساؤلات كثيرة عن طبيعة العلاقات الايرانية التركية ماذا تقولون في هذا الاطار؟
متحدث الخارجية الايرانية، اسماعيل بقائي: علاقتنا مع تركيا علاقات جيدة ومبنية على حسن الجوار والجمهورية الاسلامية في ايران بالتأكيد هي مهتمة بان تكون علاقاتها جيدة مع تركيا والدول الاخرى والجارة، على آية حال طوال هذه السنوات كانت هناك بعض المواضيع كموضوع سوريا كنا على خلاف فيها، اما في الظروف الحالية فنحن نؤكد ايضا بان وحدة اراضي سوريا وسيادة سوريا يجب ان يتم الحفاظ عليها وان يستطيع الشعب السوري من خلال عملية سورية كاملة ان ينتخبوا النظام السياسي المستقبلي لبلادهم من دون ان يكون هناك اي ضغط من اي دولة اخرى او تداخل مخرب، نحن نعتقد بان هذا في صالح جميع الدول الاقليمية بان تتجه سوريا الى وضع هادئ وامن ومستقر. الجمهورية الاسلامية في ايران بالتاكيد كانت وماتزال تتمنى الخير للشعب السوري وقد وقفت امام "داعش" وامام نمو الجماعات الارهابية ونحن نعتقد جازمين باننا نريد سوريا دولة مستقلة، وسوريا لم تكن لديها اطماع في اي دولة وبالتاكيد نحن لم تكن لدينا اي اطماع فيها ونحن نعتقد ايضا بان دول المنطقة حقيقة يجب ان تتحرك بشكل صادق من اجل استقرار الاوضاع في سوريا.