مستشفيات.. وجرائم حرب

السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ - ٠٤:٤١ بتوقيت غرينتش

حتى الحروب لها قوانين ويجب احترامها وإلا سيترتب على انتهاكها عواقب وخيمة.. هذا بموجب القانون الدولي الذي يحكم النزاعات المسلحة، هدفه الأسمى هو تقديم الحماية للمدنيين والحفاظ على شيء من الإنسانية وإنقاذ الأرواح والتخفيف من المعاناة.

العالموثائقي '10

منذ القدم لجأ البشر إلى العنف كطريقة لتسوية النزاعات، وعلى مر العصور حاول بعض الأشخاص حول العالم الحد من وحشيات الحرب. وهذه النزعة الإنسانية أدت إلى ابرام اتفاقيات جنيف عام 1864 وإلى نشاة القانون الدولي الحديث.

يحمي القانون الدولي الإنساني الأشخاص الذين لا يقاتلون مثل المدنيين والجرحى من المقاتلين والأسرى، ويضمن علاجا إنسانيا وطبيا ومساعدة إنسانية، كما يقيد أنواع الأسلحة والتكتيكات المستخدمة لحماية المدنيين والمواقع المدنية كالمنازل والمدارس والمراكز الطبية.

لتحقيق هذا يجب التمييز بين الأشخاص والممتلكات والأماكن الذي يجوز استهدافها وتلك التي يتعين حمايتها، أهم ما في الأمر حظر استهداف المدنيين، لأن ذلك يعد جريمة حرب.. فما بالك بالمستشفيات التي تنقذ الأرواح والتي تم التعرض لها في حروب كثيرة.

المادة الثامنة عشر من اتفاقية جنيف الرابعة الصادرة عام 1949 تنص على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والأمهات هدفا للهجوم، وبموجب هذا القانون يجب السماح للطواقم الطبية بأداء عملها ويحضر التعرض للعاملين بالصليب أو الهلال الأحمر، كما أن للمرضى والجرحى حق الرعاية الطبية أيا كانت انتماءاتهم.

عام 1970 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قانونا ينص على أن منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن يكون هدفا للعمليات العسكرية، وبناء على ذلك لا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة للمستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذين يعملون بصفة إنسانية.

وتشكل الهجمات المتعمدة ضد المستشفيات والأماكن التي يتجمع فيها المرضى والجرحى بموجب نظام روما الأساسي مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب.

وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يشكل تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات وأماكن تجمع الأفراد والجرحى جريمة حرب. نعم الحرب لها قوانين.. لكن هل يتم الالتزام بها؟.

النصيب الأكبر من جرائم الحرب هذه كانت من نصيب قطاع غزة، حيث تعرض عدد لا يحصى من مستشفياته لقصف مباشر متعمد واقتحامات واعتداءات على المرضى واعتقالات طالت الكوادر الطبية وكذلك عمليات تخريب لمنشآتها من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي، وذلك استنادا لشواهد عينية وتقارير لمنظمات حقوقية وعالمية كمنظمة الصحة العالمية وهيومن رايتش ووتش.

في كثير من المناسبات كانت مستشفيات القطاع هدفا للاعتداءات الإسرائيلية، فقد تم قصف المستشفى الأهلي العربي المعروف بمستشفى المعمداني عام 1989 وأيضا ارتكب فيه الاحتلال مجزرة يوم 17 من أكتوبر تشرين الاول 2023.

المستشفى كانت تعج بالنازحين أثناء استهدافها بقذيفة من نوع خاص مساء 17 من تشرين الأول/أكتوبر، ما تسبب بمجزرة راح ضحيتها أكثر من 500 فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال.. وألقى الكيان الاسرائيلي ومن خلفهم الحليفين الأميركي والأوروبي بالمسؤولية على المقاومة الفلسطينية.

مجزرة المعمداني تبعها انتهاكات خطيرة أخرى بحق المستشفيات والعاملين في القطاع الطبي شملت القصف المباشر والأحزمة النارية والاقتحامات بذريعة وجود أنفاق للمقاومة الفلسطينية تحتها، في ادعاء لم تؤكده منظمة الصحة العالمية.

المستشفى الأندونيسي تعرض للقصف مرات عدة بين 7 و28 من أكتوبر/تشرين الأول.. والمركز الدولي للعيون استهدف بشكل متكرر ودمر بالكامل بعد غارة في 10 أو 11 من الشهر نفسه. ومجمع مستشفى الصداقة التركية الفلسطيني ومحيطه قصف يومي 30 و31 أيضا في أكتوبر تشرين الأول وأدت الأضرار بالمستشفى بالإضافة إلى نقص الوقود اللازم لمولدات المستشفى إلى إعلاقه في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.

للمزيد إليكم الفيديو المرفق..