العالم - من طهران
واجرت قناة العالم لقاء مع السيد نوري وسألته عن تفاصيل قضيته مع السويد والاحداث التب ي راقفقت اعتقاله وحجزه والمحاكمات غير القانونية التي خضع لها هناك.
واليكم نص اللقاء الذي اجرته قناة العالم مع السيد نوري، كما يمكنكم مشاهدة اللقاء مترجما الى العربية في الفيديو المرفق ....
بسم الله الرحمن الرحیم. اعتدتُ علی السفر إلی الدول الأوروبیة کل عام لأمور تتعلق بالسیاحة. ذهبتُ إلی السوید سنة 2019 بهدف حل مشکلات إحدی الأسر، انطلقتُ من مطار الإمام الخمیني (ره) قاصداً مدینة استوکهولم ( مطار ارلاندا) ، بمجرّد خروجي من الطائرة وأنا أحمل حقیبتین یدویتین وجدتُ أمامي أربعة من رجال الشرطة حیث بادرني أحدهم قائلاً: حمید نوري؟ أجبتهم نعم أنا حمید نوري، وفجأة أمسکوا بي بطریقة خشنة وغیر لائقة والغضب یبدو علیهم، ثمّ أخذوا الحقیبتین الیدویتین ووضعوهما علی الأرض بینما کان المسافرون یخرجون من الطائرة. وأمام أنظار المسافرین قام رجال الشرطة الأربعة بضربي. وبالرغم من أنّني لم أکن أجید اللغة السویدیة کنتُ أسألهم فقط قائلاً لماذا؟ لم یکونوا یسمحوا لي بالتحدّث، بینما کان المسافرون ینظرون إليّ وهم في طریقهم إلی صالة المطار. کان الأمر صعباً جداً بالنسبة لي، أنزلني رجال الشرطة من أحد السلالم وأدخلوني إحدی السیّارات التي إنطلقت متوجّهة إلی مکان ما. کان الجو ممطراً آنذاك وقد استغرقت الرحلة حوالي ساعة أو ربّما ساعة وثلاثین دقیقة، وصلنا إلی أحد السجون حیث وجدتُ نفسي أمام اثنین من أفراد الشرطة مع سیّدة مترجمة، کانا یتحدّثان باللغة السویدیة بینما المترجمة تقوم بعملها في الترجمة. طرح الاثنان عليّ مسائل تتعلق بالحرب العراقیة – الایرانیة ومنظمة مجاهدين خلق (منافقين) خلق وأسری الحرب والسجن وجرائم الحرب. طرح الاثنان عدداً من المواضیع، لم یکن عقلي یستوعب أيّ شئ، فقد کنتُ قد أُصبتُ بصدمة لهذا لم یکن عقلي یعمل بشکل طبیعي، شعرتُ بأنّني لم أعد أستوعب ما یقوله الشرطیان، قلتُ لهم أنا لا أفهم ماتقولانه، ما هذه المواضیع التي تطرحانها، یجب أن یکون لديّ محامي کما یجل إعلام السفارة الایرانیة بالأمر، لا یمکنني الإجابة علی أسئلتکما لأنّني في الأساس لا أعلم ما تقولانه. لاحقاً غادر الشرطیان الغرفة بینما أخذني رجال الشرطة للتفتیش البدني حیث وقفتُ عاریاً أمامهم ثمّ أعطوني ملابس السجناء وأدخلوني زنزانة انفرادیة ، قضیتُ متنقلاً بین السجون في السوید لمدّة خمس سنوات وکل هذه الفترة الزمنیة قضیتها في زنزانات انفرادیة ماعدا شهرین و 20 یوم.
نعم، أدرکت ذلك، وبسرعة أي بعد اسبوع أو اسبوعین بدأ أفراد من الشرطة باستجوابي ودائماً کان هناك مترجم برفقتهم، وجّهوا لي تهمة مفادها أنّه خلال الحرب العراقیة- الایرانیة کانت هناك منظمة تحمل اسم "منظمة مجاهدي (منافقي) خلق" والتي کانت تشن هجمات علی بلاد أفراد هذه المنظمة أي ایران، ونتیجة لهذه الهجمات کان بعض أفراد من المنظمة الآنفة الذکر یقبعون داخل السجون والمعتقلات في ایران حیث بدأت القوّة القضائیة والنظام ککل بمحاکمتهم ولاحقاً بإعدامهم، ولأنّني کنتُ أعمل في إدارة السجون في تلك الفترة الزمنیة، إذا فوفقاً لمنطقهم فأنّني کنتُ أؤدّي دوراً في العملیة برمّتها، لهذا فقد وجّهوا لي تهمة القتل وإرتکاب جرائم حرب. استمرّوا في إستجوابي وبعد مضي سنة ونصف السنة أو سنتین أرسلوني إلی المحکمة، کانت المحاکمة أقرب إلی مسرحیة أو لعبة، کلّ شئ کان قد أُعدّ مُسبقاً، وبعد اثنتین وتسعین جلسة شکّلوا لي محکمة حیث حکم عليّ أعضارها بالسجن المؤبّد.
حمید نوري: نعم لقد فهمت السنین، فهمت ما تقصد،
نعم، مقدّمو الشکاوی ضدّي کانوا من أعضاء وأنصار منظمة تُدعی "منظمة خلق (منافقين) ایران، والتي یُطلق علیها أفراد شعبنا إسم "منظمة منافقين (مجاهدين خلق)"،وأعضاؤها هم الأکثر کرهاً في بلادنا، بحیث أنّ أفراد شعبنا یکرهون أعضاء هذه المنظمة کرهاً شدیداً. منذ الأیّام الأولی لإعتقالي، أدرکتُ أنّ مقدّمي الشکاوی ضدّي هم أعضاء في هذه المنظمة والسبب أنّه خلال الحرب العراقیة- الایرانیة کان هؤلاء الأعضاء متواجدین علی أرض العراق، وفي المحکمة لم تکن توجد أدلة أو وثائق تدینني، ماکان متوفرا فقط هو شهادة بعض الشهود ، وللأسف فأنّ المحکمة کانت تقبل کلامهم، فقد دأبوا علی التواجد في جلسات المحکمة والقول بأنّهم کانوا یرونني في السجن وأنّني کنتُ أقوم بضربهم وتعذیبهم ومن ثمّ إعدام بعض رفقائهم. هذا کلّ شئ، مجرّد کلام شفهي غیر مستند إلی أيّة أدلة أو وثائق، بمعنی أنّه لو حدث وأن ألقوا القبض علیك أنت لرموك في السجن بسبب هذا الکلام، والسبب أنّ المحکمة کانت تقبل بما یقوله هؤلاء. ومهما کنتُ أفنّد کلام الشهود وأوضح الکثیر من النقاط وأبیّن لأعضاء المحکمة التناقضات في کلام الشهود، أنا والمحامین، لم تکن المحکمة تعطي أذناً صاغیة لما کنّا نقوله، وعلی النقیض من هذا مهما کان الشهود یقولون کانت المحکمة تقبله بدون أي نقاش. لم یکن لدی هؤلاء الأفراد أيّ دلیل أو اثبات ، لدرجة أنّهم أفرغوا جهاز هاتفي الجوّال من المعلومات ولم یتمکنّوا من ایجاد أيّ معلومة تثبت صحة ما یدّعونه.
کلا، یطرحون في وسائل الإعلام وفي الظاهر بأنّ السوید وسلطتها القضائیة تتمتع بالاستقلال وغیر منحازة، بالطبع کان هذا الکلام عبارة عن أکاذیب واضحة وبمثابة طُرفة مضحکة، فالسلطة القضائیة في السوید کانت في حالة تنسیق کامل مع المنظمة الآنفة الذکر، ولم تکن محایدة، فما کان أعضاء المنظمة یبوحون به کان یجد أصداء لدی المحکمة ، لم تکن المحکمة تبدي أي أهمّیة لأقوالي ودفاعیات المحامین الذي عیّنتهم المحکمة للدفاع عنّي، فقد کان أعضاء المحکمة یمیلون إلی أعضاء المنظمة ویقبلون کلّ ما کانوا یدلون به من کلام وأقوال، وفي النهایة أدانتني المحکمة.
نعم لقد أدرکت ما تقوله. في الأیّام الأولی من إعتقالي، سألوني هل لدیك محامي؟ أجبتهم بأنّني لا أعرف أحداً في هذه البلاد، کنتُ أعرف أحد الأشخاص طلبتُ منهم الإتّصال به حیث أنّني أثق به، والطلب منه أن یختار لي أحد المحامین، لم یتّصل أحد بهذا الشخص علی الإطلاق، ولکن بعد مرور سنة وأربعة أشهر أتوا بهذا الشخص واستجوبوه قائلین له من أین تعرف حمید نوري؟ وحمید نوري من أین یعرفك أنت؟ حقاً أنّ السلطة القضائیة السویدیة عبارة عن طُرفة تاریخیة، تلقي القبض علی متهم ما ومن ثمّ تعیّن له محامي، من الذي یختار المحامي؟ النائب العام بنفسه والذي تقدّم بشکوی ضدّي، یستجوبني وثمّ یختار محام لي والذي یرید أن یدافع عنّي أمام النائب العام وأعضاء المحکمة. جمیع المحامین سواء في المحکمة الإبتدائیة أو المحکمة الاستئنافیة کانوا من إختیار النظام القضائي في السوید، بمعنی أنّ هؤلاء المحامین کانوا یتبعون السلطة القضائیة وقد أتوا کي یساهموا في هذه المسرحیة. جمیع هؤلاء کانوا یشکّلون فریقاً واحداً ، خذ مثلاً من الشرطة والنیابة ورئیس المحکمة ومحامي اشلهود ومحامی الشخصي ، کل هؤلاء کانوا یشکلون فریقاً واحداً یدفعون لعبة إلی الأمام ، أو بکلمات أخری کانوا یقومون بعرض مسرحیة ، لم یکن المحامي المخصّص للدفاع عنّي من إختیاري الشخصي، بل کان قد أُختیر من قبل النظام القضائي السویدي.
لاحظ معي، منذ الیوم الأوّل من إعتقالي وایداعي السجن، لم تکن صحّتي جیّدة في الأشهر الأولی، أقصد من الناحیة العقلیة ، فقد کنتُ محطّماً لکنّني کنتُ متمسکاً بالأمل علی الدوام وعلی ثقة من أنّني سوف أصبح حرّاً وأعود إلی بلدي. طوال السنوات الخمس کان الأمل یراودني بالحصول علی التبرئة من التهم التي لا أساس لها من الصحّة، وذلك لسببین، أوّلهما لأنّني کنتُ بریئاً، وثانیهما بسبب ایماني بحکمة الخالق سبحانه وتعالی وثقتي بأنّه سوف یساعدني. لاحقاً، أخذوني إلی المحکمة حیث اتّضحت لي الصورة بشکل جیّد من أنّ کلّ هذه الإجراءات ماهي إلا مجرّد لعبة إلا أنّني شارکتُ في إجراءات المحکمة ومسارها، کي أستطیع أن أبوح بما في مکنوني وایصال رسالتي، لکنّهم أدانوني في المحکمة الإبتدائیة وحکموا عليّ بالسجن مدی الحیاة ولاحقاً وفي محکمة الاستئناف ثبّتوا عليّ الحکم السابق، أمّا في المحکمة الثالثة أي المحکمة العلیا فقد أیّدت الحکم بالسجن المؤبّد، أي کان یجب عليّ البقاء في سجونهم إلی الأبد. وللعلم فأنّ الأحکام التي کانت السلطة القضائیة تصدرها علی الأفراد لم تکن مزحة، بل کان یجب تنفیذها علی الفور وواجبة علی الجمیع، وطوال تاریخ النظام القضائي في السوید لم یحدث وأن تمّ ذطلاق سراح أحد بهذا الشکل، فالمحکوم بالسجن مدی الحیاة یجب علیه قضاء مدّة خمس عشرة سنة علی أقل تقدیر، هذا إذا کان قد ارتکب جریمة قتل واحدة، ولکن لشخص مثلي متّهم بإرتکاب عدد من جرائم القتل حسصب زعمهم، علیه أن یقضي طوال حیاته في السجن، والحد الأدنی له إحئی وعشرین سنة کاملة، لکنّني کنتُ علی أمل من أنّني لابدّ أن أتذوّق طعم الحرّیة ، کان هناك أمل بداخلي ، وهو عبارة عن الصلة بیني وبین خالقي ، فقد کنتُ أضع نسبة 1% فقط من أنّ الخالق سبحانه وتعالی له مصلحة في وضعي الحالي وأن أقبع في السجن إلی النهایة، لهذا فقد کنتُ قد هیّأتُ نفسي لاحتمال بقائي في السجن إلی النهایة إلی جانب إعدادي نفسیاً لاحتمال فتح باب زنرانتي في أيّ لحظة وإطلاق سراحي. لو شاهدت صوري وأفلامي لوجدت أنّني کنتُ قد حلقت شعر رأسي بالشفرة والسبب أنّه قد قیل لي بأنّني سأبقی في السجن إلی النهایة ، وطالما أنّني سأبقی في السجن إلی النهایة فمن الأفضل أن أقوم بحلق شعر رأسي بالشفرة لعدم حاجتي له داخل السجن وأقوم بقصّه بین الفینة والأخری، کنتُ جاهزاً لوجودي في السجن إلی الأبد إلا أنّ معجزة إلهیة حدثت.
لاحظ معي، کنتُ في سجون السوید لمدّة خمس سنوات، فقد کانوا ینقلونني من سجن لآخر ویغیّرون جناحي بین فترة وأخری، یُعتبر تغییر مکان السجین من مکان لآخر أسوأ نوع من العقاب والتعذیب، حوالي أربعین مرّة طوال السنوات الخمس قام السجّانون بتغییر زنزانتي أو سجني، طالما کان السجین في زنزانة أو جناح وینعم بهدوء نسبي، کانوا یقومون بمقاطعة هذا الهدوء والسکینة کما حدث معي شخصیاً. کانت قلوب السجّانین هناك کالصخر مجرّدین من الإنسانیة، بالطبع لم کانوا یکترثون بأيّ شئ، ولکن لو حدث وأن أصبتُ بمرض ، للعلم فقد مررتُ بفترة مرضیة شدیدة لست مرّات، لم یکونوا یکترثون علی الإطلاق، فقد کانوا یفتحون باب الزنزانة ویشاهدونني وأنا أتقیّأ والدم یخرج من فمي یکتفون بالقول غداً صباحاً سوف ننظر في الأمر ومن ثمّ یغلقون الباب وینصرفون! کان السجانون یعرضونني للتعذیب النفسي أکثر من أي شئ آخر، والسبب أنّ تهمتي کانت من نوع خاص وکنتُ فرداً استثنائیاً في سجون السوید والسجانون یعلمون بنوع التهمة الموجّهة لي، لهذا لم یکونوا یتعاملون معي بطریقة غیر حسنة بهدف دفعي إلی الإنتحار بسبب حالتي النفسیة، لکنّهم ضربوني مرّة واحدة بعد أن نزعوا حذائي من قدمي، قام ثلاثة من السجانین وسیّدة بإرغامي علی وقوفي عاریاً لمدّة عشرین دقیقة أو نصف ساعة وتوجیه اللکمات لي ، کانت السیّدة واقفة طوال الوقت بینما کنتُ أقف عاریاً أمامها، لقد مرّ عليّ وقت عصیب جداً وتألمت کثیراً.
نعم، کان ممثلو الجمهوریة الإسلامیة أو أصدقائنا في السفارة یقومون بزیارتي طوال السنوات الخمس من وجودي في السجن ویتّصلون هاتفیاً بین الفینة والأخری، بالطبع کان أفراد الشرطة یضایقوننا ولا یسمحون لنا بالتحدّث براحة مع بعضنا البعض، فقد کنا نکتفي بالسؤال عن الصحة والأحوال فحسب، لم یکونوا یسمحوا لنا بالتحدث عن الملف والتهمة الموجّهة لي، کانت العلاقات بیني وبینهم جیّدة فقد کانوا یزورونني ولو حدث وأن کنتُ أتحدّث إلی الزائرین من العاملین بالسفارة بخصوص الملف القضائي، کان السجانون یعمدون إلی قطع الزیارة . مرّة واحدة فقط طرحتُ سؤالاً علی الزائرین منع السجانون الزیارة عنّي لمدّة أربعة أشهر، لم یسمحوا لأعضاء السفارة بالقدوم إلی السجن لزیارتي. کان سؤالکم الثاني حول کیفیة إطلاق سراحي، ألیس کذلك؟ نعم، أحسنتم، علمتُ من خلال التلفاز عن شخص سویدي سجین في ایران یُدعی "یوهان فرودرز" ولکن منذ أشهر لم یعودوا یذکرون إسم هذا الشخص في النشرات الإخباریة في التلفاز، فقد خمّنتُ بوجود محادثات من خلف الستار وهذا ماحصل علی وجه التحدید، فالسلطة القضائیة في ایران وأعضاء مجلس الشوری والحکومة کانوا جمیعاً یدافعون عنّي ویدعمونني ویتابعون ملفي القضائي في السوید کي یعیدونني إلی وطني لأنني کنتُ بریئاً، وهذا ماحصل لاحقاً، فقد کانت الدبلوماسیة الایرانیة قویّة وفعالة خلال المحادثات التي أُجریت مع الجانب السویدي وقد نجحت في اثبات برائتي وإطلاق سراحي من خلال العفو الذي صدر لاحقاً والعودة إلی وطني.
فیما یخص لیلة الحرّیة وکیف علمتُ بإطلاق سراحي، فقصتها جمیلة جداً، إذا لم تکن هناك حاجة لاداعي من سردها؟! کیف علمتُ بإطلاق سراحي؟ لاحظ معي، في اللیلة التي أُطلق فیها سراحي ، سأذکر لك إذا کنت راغباً، اسأل، ولو لم تکن راغباً لایهم، أنا کنتُ محکوماً بالسجن المؤبّد وموجوداً في السجن، حوالي اسلاعة العاشرة مساء حضر لديّ ثلاثة أشخاص في زنزانتي، یمکنني القول أنّهم قاموا باختطافي وأخرجوني من المکان، في المطارسألتني کیف؟ اسمح لي بدایة أن أجیب علی سؤالکم السابق......
أنت ذکرت بأنّني کنتُ مسروراً جداً لعودتي.....
کان یوماً استثنائیاً وغریباً ومثیراً للدهشة، کنتُ أقضي فترة السجن المؤبد وأنا قد هیّأتُ نفسي کي أقضي الفترة المتبقیّة من حیاتي في السجن، یوم الجمعة الموافق 14 حزیران/ یونیو 2024 وفي الساعة العاشرة مساء بتوقیت ایران، کنتُ مستغرقاً في النوم ، حینما حضر ثلاثة من السجانین ذي بنیة قویّة وقاموا بفتح باب الزنزانة فجأة ودخلوها، أصابني الخوف بدایة، لم یکن من عادتهم الدخول إلی الزنزانة حوالي الساعة العاشرة مساء، کانوا یتحدّثون باللغة السویدیة ولم أفهم شیئاً مما کانوا یقولونه، أخرجوني من باب الزنزانة حیث أخذوني إلی ممر ومن ثمّ إلی باحة السجن، رأیت سیآرة مرکونة في المکان، أخذني أربعة من الأفراد المرتدین الملابس المدنیة وأجلسوني علی المقعد الخلفي بین فردین منهم، بینما جلس اثنان في المقعد الأمامي أحدهما مسلح إلی جانب السائق، کان الجمیع قد غطوا وجوههم، لم یتحدثوا معي علی الإطلاق، خرجنا من باب السجن بینما تفکیري تشعّب إلی عدّة مسارات، أحد هذه المسارات کان إطلاق سراحي ، هذا ما کنتُ أخمّنه، وفي طریقنا شاهدتُ إحدی اللوحات علی جانب الطریق مکتوب علیها 60 کیلومتر وإلی جانب الرقم رسمة لطائرة، أي المطار، وهنا لمعت فکرة في رأسي وهي أنّهم یأخذونني إلی المطار کي أتنعّم بالحرّیة، بعد ذلك شاهدتُ اللوحات الواحدة تلو الأخری إحداها تحمل رقم 60 کیلومتر وبعدها لوحة تحمل 40 کیلومتر وأخیراً 20 کیلومتر ، کنا علی بُعد خمسة کیلومترات من المطار، وبعد 5 دقائق أعطوني ورقة مکتوب فیها بالفارسیة ، هنا کانت شرارة الحرّیة وأصبحتُ علی یقین، فقد کانت الورقة البیضاء تقول: السیّد/ حمید نوري، نحن سنقوم بإعادتك إلی ایران، یجب علینا تسلیمك للمسؤولین الایرانیین بصحة جیّدة ، نحن مرافقوك، المسؤولون الایرانیون بانتظارك في ایران، یوجد إحتمال بتأخیر الرحلة لعدّة ساعات، لاتقلق ، وهنا أدرکتُ أنّه یوم الجمعة الرابع عشر من حزیران/ یونیو 2024 وهنا شکرتُ الله کثیراً، بدأت الدموع تنهمر من عیني، وصلنا إلی المطار، هذا الجزء من الروایة مثیر للاهتمام، قبل ساعتین کنتُ سجیناً في زنزانة إنفرادیة، أمّا الآن فقد تحوّلتُ إلی شخصیة مهمّة من ایران، أرکبوني طائرة خاصّة مع عشرة مرافقین لحمایتي إضافة إلی طاقم الطائرة والطیّار حیث أقلعت بنا الطائرة وهبطت في سلطنة عمان. وهناك لقیتُ إستقبالاً ممتازاً حیث کان في مقدّمة المستقبلین أحد وزراء سلطنة عمان، استقبلني الجمیع استقبالاً حسناً حتّی وصول المسؤولین الایرانیین. لقد کان یوماً استثنائیاً وجمیلاً ، وبعد ذلك عدتُ إلی وطني العزیز ایران علی متن طائرة خاصّة أخری.