مواطن إيراني ضحية القمع الفرنسي لمناصري فلسطين!

الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠٢٤ - ٠١:٤٦ بتوقيت غرينتش

في خطوة تمت إدانتها على نطاق واسع كجزء من القمع المستمر الذي تقوم به الحكومة الفرنسية للفعاليات المناصرة للفلسطينيين وسط العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة قامت السلطات الفرنسية الأسبوع الماضي باعتقال المواطن الإيراني والملحن الموسيقي "بشير بي آزار" لدفاعه عن الشعب الفلسطيني المظلوم.

العالم- ايران

وفي فضيحة أخرى تُسجلها فرنسا في مجال حقوق الإنسان اعتقلت الشرطة الفرنسية المواطن الإيراني بشير بي آزار بسبب دفاعه عن الشعب الفلسطيني المظلوم.

ويقبع بشير، المايسترو الموسيقي والشخصية الثقافية الشهيرة، في سجن فرنسي منذ الأسبوع الماضي بعد اتهامه بـ"دعم الإرهاب" و"إثارة الفتنة في المجتمع" بسبب دفاعه عن القضية الفلسطينية احتجاجا على جرائم الكيان الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين في غزة.

بشير هو مدير الإنتاج في قسم الموسيقى في هیئة الإذاعة والتلفزيون في الجمهورية الإسلامية الإيرانية (IRIB) في طهران، وقد استدعته الشرطة الفرنسية في باريس في 4 يونيو/حزيران دون توضيح أو أمر قضائي.

وتم القبض عليه فور وصوله إلى مركز الشرطة ونقله إلى مركز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين يقع على بعد أكثر من 100 كيلومتر من مقر إقامته، وفقًا لمصادر خاصة وتقارير شهود عيان.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة الفرنسية أو الشرطة بشأن التهم الموجهة إلى بشير. والتزمت الصمت على الرغم من الدعوات المتعددة للتوضيح.

وقد أدان العديد من المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني وكبار المسؤولين المعنيين بحقوق الإنسان في البلاد، الاعتقال باعتباره انتهاكًا للقانون الدولي.

وتابع القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني، علي باقري كني، القضية عبر القنوات الرسمية.

من هو بشير بي آزار؟

يتضمن المنشور المثبت على حساب بشير على موقع "اكس" مقطع فيديو له وهو يلقي خطابًا في جلسة للأمم المتحدة حول الحظر المفروض ضد إيران، والجرائم الإسرائيلية في غزة، وصمت المنظمة الدولية.

وكتب في التغريدة: "لم يكن الصهاينة منعزلین ومكروهين ومهزومين واذلاء لهذه الدرجة كما اليوم".

وحظي خطابه في الأمم المتحدة بتصفيق كبير، لكنه أثار غضب جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في فرنسا ودول غربية أخرى.

ولا يعتبر بشير ناشطاً سياسياً، بل هو فنان وشخصية ثقافية شغوفة بالقضايا المهمة، واهمها الحرب على غزة.

ولد ونشأ بشير في إيران، وهو ملحن موسيقي ومخرج أفلام مستقل، وقد اكتسب شهرة عالمية بسبب أعماله.

درس في جامعة العلامة طباطبائي في طهران، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 2005، وواصل تعليمه العالي في الجامعة العثمانية في الهند. وبعد حصوله على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العثمانية عام 2007، التحق بجامعة كينغستون في لندن للحصول على الدكتوراه في انتاج الأفلام عام 2011.

طوال حياته المهنية التي امتدت لعشرين عامًا، شارك بشير بشكل رئيسي في المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. وشغل منصب المدير الإداري لمعهد نيو هوريزون للفنون والثقافة وكان سكرتيرًا لجمعية الطلاب المسلمين في لندن.

ولسنوات عديدة، عمل أيضًا كمدير إنتاج في قسم الموسيقى والأغاني في هيئة الإذاعة والتلفزيون الايراني. ويحظى بشير باحترام كبير في الأوساط الفنية والسينمائية الإيرانية، وقد حافظ على حضوره النشط على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتابعه الآلاف من المعجبين به.

وتم حذف حسابه الأصلي على موقع"اكس"، الذي يستخدمه منذ عام 2009، بعد 13 عاما "دون توضيح ولا تحذير "، مما دفعه إلى فتح حساب جديد.

قبل ثلاث سنوات، انتقل بشير إلى فرنسا لمتابعة دراسة زوجته الدكتوراه في إحدى الجامعات الفرنسية. وهي تقوم أيضًا بالتدريس في الجامعة، وكانت إقامتهم في فرنسا قانونية كما اكد ذلك أصدقائه وعائلته والمسؤولين الإيرانيين.

وللزوجين طفلان، أحدهما في المدرسة والآخر في روضة الأطفال. وعلى مدى ثلاث سنوات، كانا يسافران بانتظام إلى إيران دون مشاكل. وأثناء وجوده في فرنسا.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي، قام بشير بحملة لمناصرة الشعب الفلسطيني.

ورفضت السلطات الفرنسية توضيح الأسباب الحقيقية لاعتقاله. واتهمته الداخلية الفرنسية بنشر "دعاية" إيرانية مزعومة و"استغلال معاداة السامية ومعاداة أمريكا"، وهو ما تعتبره "تدخلا سياسيا دينيا". كما أنه متهم بـ "المشاركة في صراع الشرق الأوسط بمهام عملياتية ضد معارضين للحكومة الايرانية أو أهداف يهودية أو إسرائيلية"، مما يشكل تهديدا "لسلامة وأمن فرنسا وعلاقاتها الدولية".

وتشمل الاتهامات الأخرى "منشورات تحض على الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم حماس وحزب الله في لبنان وتشوه سمعة فرنسا"، ويُزعم أنها تحرض على الأعمال العدائية التي يمكن أن تؤدي إلى هجوم إرهابي. وبناء على هذه الاتهامات، تصف السلطات الفرنسية بشير بأنه "ناقل للكراهية يهدد بشكل خطير النظام العام والمصالح الأساسية للدولة"، وأوصت بطرده من فرنسا.

ويكشف اعتقال فرنسا للمواطن الإيراني عن ازدواجية المعايير فيما يتعلق بحرية التعبير وكان بشير بيزار صريحاً في دعمه للقضية الفلسطينية وفي تسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية في غزة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على حد زعم السلطات الفرنسية.

وتزعم لائحة الاتهام أنه بسبب إقامته لمدة عامين في فرنسا، لا يستطيع بيزار المطالبة بـ "اندماج اجتماعي ومهني كبير". وتشير إلى أن عقد زوجته ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول 2024، ومن المتوقع أن تعود العائلة إلى إيران قريبا.

وفي مقابلة مع وكالة مهر الإيرانية، الثلاثاء، اكد الرئيس السابق لمركز الموسيقى في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية محمد مهدي نراقيان، إن لائحة الاتهام الموجهة ضد المواطن الإيراني كانت مكتوبة على عجل وضعيفة ومتناقضة. وقال إن الاتهامات لها دوافع سياسية ولا أساس لها من الصحة.

ومنذ بدء العدوان على غزة، نشر بشير مئات التغريدات حول فلسطين، ومعاناة الفلسطينيين، وانتقد الكيان الإسرائيلي، وصمت الحكومات الغربية حيال الجرائم التي يرتكبها.

ويرى الخبراء أن احتجاز بشير في مركز اعتقال المهاجرين غير الشرعيين، دون إبلاغ عائلته بأسباب اعتقاله، يعد شكلاً من أشكال التعذيب.