عملية النصيرات.. قراءة مختلفة

عملية النصيرات.. قراءة مختلفة
الأحد ٠٩ يونيو ٢٠٢٤ - ٠٦:١٥ بتوقيت غرينتش

بعد ان إنجلى غبار مجزرة مخيم النصيرات، وهدأ ضجيج الاصوات التي تعالت فرحا في الكيان الاسرائيلي، واختفت شارات النصر التي رفعت عاليا، بتحرير 4 اسرى، بدأ الخبراء العسكريون بتقييم ما جرى مرة اخرى، في اجواء اكثر هدوءا، فاذا بنتائج هذا التقييم، جاءت على عكس ما كان يتوقعه الثنائي نتنياهو وبايدن، فلا سبيل امام امريكا والكيان الاسرائيلي، لتحرير اسراهم، الا عبر صفقة، وإلا فالفشل الفاضح سيكون عنوان كل محاولة لتحرير الاسرى االصهاينة، وخير دليل على ذلك، عملية النصيرات الفضيحة.

العالممقالات وتحليلات

البعض قد يستغرب هذا القول، فكيف يمكن ان نصف ما انجزته قوات الاحتلال، بتحريرها 4 من اسراها لدى المقاومة، بانه فشل؟. قبل ان نجيب على هذا السؤال، سنزيد على ما قلناه، قولا اخر، وهو ان العملية تعتبر ايضا هزيمة مدوية للثنائي الامريكي الاسرائيلي، المدعوم غربيا، فكيف يمكن ان يدعي هذ الثنائي النصر، وهو يقتل ثلاثة من اسراه بينهم امريكي، بالاضافة الى مقتل العديد من قواته، في عملية في غاية الجبن وغادرة، اسفرت عن استشهاد 274 فلسطيني بينهم 64 طفلا و57 امرأة وإصابة 698 اخرين، لتحرير 4 اسرى، لم يكونوا في انفاق ولا تحت الارض بل فوق الارض وفي منازل مكشوفة، وذلك بعد ما يقارب من تسعة اشهر، اسقط فيها الكيان الاسرائيلي اكثر من 70 الف طن من القنابل على قطاع غزة، وتجاوز بذلك عدد القنابل التي تم إسقاطها في الحرب العالمية الثانية، وفقا لما كشف عنه تقرير مشترك بين مرصد حقوق الإنسان الأوروبي المتوسطي وصحيفة "نيويورك تايمز" وجامعة هامبورغ.

عندما نقول ان العملية فاشلة بل تمثل هزيمة كبرى للثنائي الامريكي الاسرائيلي، فنحن نعي ما نقول، فعندما تشارك استخبارات غربية، وعلى راسها امريكية وبريطانية وفرنسية وكندية، بالاضافة الى اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، في عملية بحث عن اسرى، في جغرافيا صغيرة ومحاصرة، لا تغيب عن سمائها لحظة واحدة، المسيرات التابعة لهذه الاجهزة، ترصد كل شاردة وواردة في غزة، وتعترض الاتصالات، حول الموقع المحتمل للأسرى، وتزود الكيان الاسرائيلي بالمعلومات الاستخباراتية، التي لا يستطيع الكيان جمعها بمفرده، وكل ذلك يتزامن مع استخدام قوات الاحتلال استرايجية الارض المحروقة في غزة، والتي خلفت أكثر من 120 ألفا بين شهيد وجريح فلسطيني، دون ان تتكلل هذه المحاولات بالنجاح، بينما الجهة التي افشلت محاولات هذا التحالف المؤلف من الدول "العظمى والكبرى"، هي مجموعة من المقاومين الذين يملكون قدرات محدودة واسلحة خفيفة.

وانطلاقا من هذه المعادلة، هل يمكن عسكريا اعتبار عملية النصيرات ونتائجها، "انتصارا" لجيوش تمتلك اكثر الاسلحة تطورا وفتكا، ولأجهزة تجسس وتكنولوجيا متطورة، تزعم انها ترصد كل ما يتحرك تحت الارض وما في السماء وفي اعماق البحار؟ّ!

اللافت ان عملية النصيرات، قد تم الاستعداد لها لاسابيع كما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، تحت ادارة جنرالات أميركيين مدربين كانوا قد خاضوا المعارك في الفلوجة والموصل بالعراق، وأشرفوا ووجهوا الطواقم الإسرائيلية خلال حرب غزة، الا انه ورغم كل ذلك تمكنت المقاومة من كشف القوة الاسرائيلية التي تخفّت في شاحنة تحمل مساعدات إنسانية لتصل عمق مخيم النصيرات، وتم تبادل اطلاق النار مع القوة الاسرائيلية، الا ان الاحتلال استخدم طيرانه الحربي وقصفه المدفعي، ليغطي على انسحاب القوة بأحزمة نارية وارتكاب مجازر دامية، خلفت 274 شهيدا و 700 جريح، كما تكبدت خسائر فادحة في الارواح، لم تكشف عنها كالعادة.

من المؤكد ان عملية النصيرات لن تكون مقدمة لعمليات مماثلة، لانها كلفتها باهظة جدا عسكريا وسياسيا بالنسبة للثنائي الامريكي الاسرائيلي، وهذه الكلفة ستدفع هذا الثنائي بعد ان ينتهي في الاحتفال بنصر مزيف، بالتفكير مليا بعقد صفقة مع المقاومة تعيد اسراه، لاسيما بعد كلام المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة عندما اكد أن "العملية ستشكل خطرا كبيرا على أسرى العدو، وسيكون لها أثر سلبي على ظروفهم وحياتهم"، وهي رسالة واضحة للثنائي المأزوم، الذي دفع كل هذا الثمن الباهظ، لتحرير 4 اسرى كانوا فوق الارض، فعليه منذ اليوم، ان يدرك ان مجزرة النصيرات، ستُنزل اسراه الى تحت الارض، وهو ما سينعكس سلبا على سلامتهم الجسدية والنفسية، ولن يعثروا لهم على اثر، كما عليه ان ينتظر رد محور المقاومة الذي بدأه اليمن اليوم، وعندها سيعض نتنياهو اصابع الندم لارتكابه حماقة مجزرة النصيرات.

* أحمد محمد/ العالم