خديجة الکبرى مثالا للمرأة المضحية الصابرة

خديجة الکبرى مثالا للمرأة المضحية الصابرة
الخميس ١١ أغسطس ٢٠١١ - ٠٨:١٦ بتوقيت غرينتش

يصادف العاشر من شهر رمضان المبارك ذکرى رحيل السيدة الخالدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين عليها السلام ونتطرق بايجاز الى حياة هذه المرأة المؤمنة ، لتکون نموذجاً يحتذي من قبل المسلمات في کل عصر وجيل ، وقدوة للمؤمنات الحاملات للحق ، الباذلات للمعروف والحافظات لحدود الله.

احتلت خديجة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) الذروة من قريش في نسبها وشرفها ، فهي من القوادم في کيان قريش لا من أذنابها .

وکانت من عقائل قريش وسيدة نساء مکة ، وهي تلتقي برسول اللّه محمد بن عبداللّه (صلى الله عليه وآله) من جهة أبيها بالجد الأعلى الشريف «قصي» ومن جهة أمها بلؤي بن غالب ، فهي قرشية أباً وأماً ، ومن الشجرة الطيبة في قريش.

فمن جهة أبيها هي : خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي بن کلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن مهر بن مالم بن النضر بن کنانة .

وأمها : فاطمة بنت زائدة بنت الأصم (واسمه جندب) بن رواحة الهرم ابن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر .

ويحفظ التاريخ من مفاخر أبيها «خويلد بن أسد» أنه تصدى لتبع ملك اليمن وحال بينه وبين السطو على الحجر الأسود وحمله إلى مملکته في اليمن .

ومنذ مطلع حياة السيدة خديجة کانت قريش تتوسم فيها النبل والطهر وسمو الأخلاق حتى لقبت بالطاهرة، کما لقبت بسيدة قريش بالنظر لعلو شأنها ، وشرف منبتها وکرم أصلها ، وحميد أفعالها .

الأمر الذي يفسر السر المکنون بامتناع خديجة من الاقتران بأي أحد من قريش حتى توفرت ظروف اقترانها برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، رغم ما بذل عليه قومها من محاولات لزواجها ، إلاّ انها کانت ترفضهم جميعاً منتظرة أمراً ما سيحدث في حياتها ، فيکمل شوط مسيرتها نحو الکمال الذي اختاره اللّه عزوجل والذي عبَّر عنه النبي الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله) بقوله : «حسبك من نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة بن خويلد وفاطمة بنت محمد» .


ومما تجدر الاشارة إليه ، ان هذه المرأة الجليلة قد ولدت قبل عام الفيل ببضع سنوات وتزوجها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وعمرها ثمان وعشرون سنة کما روي ابن عباس، وان کان زواجها في غير هذا السن هو الذي اشتهر خطأ .

وهي أول امرأة أسلمت للّه رب العالمين ، وصدّقت برسالة محمد (صلى الله عليه وآله) .

هذا ، ومن الجدير ذکره ، ان السيدة خديجة قد توفيت قبل فرض الصلاة وقبل الهجرة الى  المدينة بثلاث سنين.

کانت السيدة خديجة رغم نبلها وشرفها ومکانتها في الناس وسيادتها في بني أسد ونساء قريش وهي صفات کفيلة لوحدها لأن تؤهلها للرعاية والمحبة والرضا من لدن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، إلاّ انها فوق ذلك، قد وهبت کل وجودها للّه ورسوله ودعوة الحق التي صدع بها .

فقد وهبت لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) کل أموالها ليغطي بها نفقات الدعوة والدعاة المستضعفين.

ولقد عاصرت أشد الظروف قسوة فما نالت من قناتها أبداً ، وتحدت أصعب الازمات وأکثر المواقف عسراً ، وصبرت على الأذى في جنب اللّه عزوجل ، وسمت بذلك على نعيمها الدنيوي السابق ، ورکلت اخضرار العيش الذي اعتادته برجليها لتعيش مع النبي (صلى الله عليه وآله) محنته وآلامه التي صبّتها عليه قريش وحلفاؤها وظلت طوال عشر سنين من المحنة تبث الأمل في قلب الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وتشد من أزره ، وتقوي من عزيمته على مواصلة المسير ، وأنت خبير بما تؤديه مواقف المرأة المشجعة لزوجها من أثر ايجابي على الاستمرار في الصمود والمواجهة وشد العزيمة .

وقد کانت أعظم مواقفها الجهادية في تحديها لمحنة حصار شِعب أبي طالب الذي فرض على بني هاشم من قبل قريش وحلفائها .

فقد کان لمواقف السيدة خديجة المعروفة لإضعاف قبضة الحصار أثرها الواضح المخلد في التخفيف من اضرار حصار المشرکين على الدعوة وأنصارها .

ان هذه الظواهر العظيمة التي تفيض ايماناً وصدقاً ، وصبراً واحتساباً، واخلاصاً للنبي (صلى الله عليه وآله) ودعوته هي التي أهّلت أم المؤمنين الاولى خديجة بنت خويلد عليها الصلاة والسلام لاحتلال مواقع ودرجات لم توفق لها أية سيدة من أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) على الاطلاق .

من أجل ذلك ، راح رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يکشف عن تلك المکانة السامقة التي بلغتها السيدة خديجة في موقعها عند النبي (صلى الله عليه وآله) ، وفي مکانتها عند الرسالة الالهية ، وفي درجتها عند اللّه عزوجل .

وقال رسول الله صلي الله علية وآله وسلم فيها : لقد آمنت بي حين کفر بي الناس . وصدقتني حين کذبني الناس . وواستني حين حرمني الناس . ورزقني اللّه ولدها إذ حرمني أولاد النساء .

ولقد عاشت السيدة خديجة(عليها السلام) تحت کنف النبي (صلى الله عليه وآله) خمسة وعشرين عاماً، لم يجد منها غير الاکرام والمحبة والصفاء والطاعة وعرفان الجميل ، فبادلها وداً بود ووفاء بوفاء ، فلم يتزوج عليها حتى توفيت .

ولقد دعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عام وفاتها عام حزن للأمة الخاتمة کلها .

لقد کان يذکرها جهاراً ، حتى انه لا يمل من کثرة ذکرها والثناء عليها ، ويترحم عليها ، ويبکي لفراقها ، حتى غارت منها بعض نسائه وامتلأت منها حسداً وهي في قبرها .

وعن الامام امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : «ذکر النبي (صلى الله عليه وآله) خديجة يوماً وهو عند نسائه فبکى فقالت عائشة : ما يبکيك على عجوز حمراء من عجائز بني أسد ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : صدقتني إذ کذبتم، وآمنت بي إذ کفرتم ، وولدت لي إذ عقمتم ...» ، «وروي أن عجوزاً دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) فلاطفها فلما خرجت سألته عنها عائشة ، فقال : إنها کانت تأتينا زمن خديجة وان حسن العهد من الايمان» .

وقبل الحديث عن زواج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالسيدة خديجة بنت خويلد(عليها السلام) لابد من التذکير ، ان هذا الموضوع قد تعرض إلى التشويه إلى حد کبير ، إمّا لعوامل سياسية تاريخية أو لعوامل الغيرة والحسد التي اتصفت بها بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) بصورة غير اعتيادية .

وأهم المواضيع التي نالها التزييف والتشويه هو : الادعاء بأن رسول الله(صلى الله عليه وآله) کان هو الزوج الثالث لخديجة ، بعد أن کانت قد تزوجت بأثنين من سائر الناس ، واحد بعد الآخر تسمى الروايات الموضوعة أحدهما بعتيق ابن عابد المخزومي ويدعى الآخر بأبي هالة هند بن زرارة بن نباش التميمي ، ثم عاشت بعد وفاة الثاني أيِّاماً ، حتى خطبها رسوله الله(صلي الله عليه وآله)! .

ونفس المصادر التي تروي قصة زواجها الأول والثاني تذکر بإصرار، أن خديجة عقيلة قريش کانت قد خطب ودها سادة القبائل وعظماء قريش ، ولکنها تعرض عنهم في کل مرة بإباء سمح ، وترغب عنهم مترفعة مع تواضع لا يحط من قدر الخاطبين .

ولقد ذکر المؤرخون ان من جملة من خطبها کان أبا جهل وأباسفيان وعقبة بن أبي معيط والصلت بن أبي يهاب وغيرهم من سادة القوم وعليتهم .

کما تقع المصادر نفسها في تشوش وتناقض شديدين بالنسبة للزوجين المزعومين . فبعض المصادر تسمي أحدهما أبا شهاب عمرو الکندي ، وتسميه اُخرى مالك بن النباش بن زرارة التميمي ، واُخرى تسميه هند بن النباش ، واُخرى تسميه النباش بن زرارة .

وأما من دعي بعتيق بن عائذ المخزومي ، وهو الزوج الثاني المفترض! ، فقد سمته بعض المصادر عتيق بن عابد التميمي إلى غيرذلك .

وهکذا تشرّق الادعاءات وتغرّب دون ضابطة صحيحة ولا اشارة من علم !

ومن حقنا أن نتساءل : کيف يمکن للمصادر التاريخية أن توفق بين اصرار السيدة خديجة (عليها السلام) على رفض جميع من خطبها بما فيهم وجوه الناس وأشرافهم ، وبين زواجها من شخصين من دهماء الناس على التوالي لم تضبط الأخبار حتىى اسماءهم ؟ ! ان هذا لشيء عجاب !

ولکي نتخطى سطح المشکلة ، ونواجه الواقع ، لابد من الاشارة إلى أن السيدة خديجة (عليها السلام) کانت لها أخت تسمى هالة تزوجت رجلاً من بني تميم أولدها ذکراً أسماه هندا .

وکان للتميمي زوجة أخرى أولدها بنتين احداهما زينب والاُخرى رقية ، ثم هلك الرجل ، فالتحق هند بعشيرته وأهله في البادية ، والتحقت هالة وزوجة التميمي الاُخرى والبنتان بالسيدة خديجة التي امتازت بمال وفير وطيب نفس ، فشملتهم جميعاً برعايتها .

وفي هذه الأيام تزوج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من خديجة فصارت زينب ورقية تحت رعاية رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والسيدة خديجة (عليها السلام) حتى نسبتا إليهما ، وهو أمر مألوف عند عرب ذلك الزمان وفق قاعدة التبني التي أبطلها القرآن الکريم بعد ذلك سنين في آية 4 من سورة الاحزاب.

وهکذا تکون قضية هالة بنت خويلد وقصة زواجها قد انسحبت علىى سيرة السيدة خديجة وحياتها بسبب ذلك التبني ، حتى بلغت الحال أن تشعبت بقصد وبغيرة لتکون زينب ورقية ابنتين لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) کما يکون الرجل المخزومي الذي کان أول زوج لهالة بنت خويلد ثم زوجها الثاني التميمي قد نسبا إلى السيدة خديجة کزوجين لها قبل زواج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) منها .

وهکذا ، تقحم حياة هالة الزوجية ونتائجها على خديجة (عليها السلام) وحياتها الشخصية .

هذا ، ومن الجدير ذکره ، ان المصادر التي اعتبرت زينباً ورقية بنتين للنبي (صلى الله عليه وآله) من السيدة خديجة ، قالت بولادتهما بعد البعثة ثم تقول ذات المصادر ، ان رقية التي کانت أصغر بنات النبي(صلي الله عليه وآله قد تزوجت عثمان ابن عفان قبل الهجرة إلى الحبشة علماً بأن الهجرة المذکورة قد وقعت بعد البعثة بخمس سنين .

فهل تنسجم العقول مع هذه التقولات الساذجة التي تناقضت مع نفسها ومع الوقائع التاريخية ؟

کانت حياة السيدة خديجة (عليها السلام) مزيجة بين الرفض الصارم لکل من يطلب يدها من أجل الزواج ، وبين الانتظار والأمل لمن يلبي طموحها المعنوي من الرجال کزوج وولي أمر .

وبينما کاد الرجال يقطعون الأمل من قناعتها بأي منهم ; کانت سيدة قريش قد تحولت إلى اذن صاغية تتسمع أخبار خير شباب قريش الذي ملأ ذکره الحسن ، والحديث عن شمائله الطيبة في أرکان مکة ونواديها حتى أسماه قومه بالصادق الأمين ، وهو لمّا يزل في ريعان شبابه ، ذلك هو محمد بن عبداللّه بن عبد المطلب .

فقد کانت تتوسم أن يکون هو القرين المنتظر لها ، وبدأ حدسها يقترب من اليقين رويداً رويداً کلما تقدمت الأيام .

وماذا يمنعها أن تنتظر وهي لا تزال في عز شبابها، وغضارة جمالها؟

فعن محمد بن اسحاق ، قال : کانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم اياه بشيء تجعله لهم منه ، وکانت قريش قوماً تجاراً ، فلما بلغها عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من صدق حديثه وعظيم أمانته وکرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجراً إلى الشام ، وتعطيه أفضل ماکانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له : ميسرة ، فقبله منها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وخرج في مالها ذلك ، ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام ، فنزل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب ، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة ؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل الحرم ، فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة ؟ إلاّ نبي ، ثم باع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد أن يشتري ، ثم أقبل قافلاً إلى مکة ومعه ميسرة ، وکان ميسرة .. قال (فيما) قال : إذا کانت الهاجرة واشتد الحرّ نزل ملکان يظللانه من الشمس ، وهو يسير على بعيره ، فلما قدم مکة على خديجة بمالها باعت ماجاء به فأضعف أو قريباً ، وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما کان يرى من تظليل الملکين له .

ان هذه الواقعة وما أحاطت بها من ظروف مادية ومعنوية دفعت السيدة خديجة (عليها السلام) إلى نهاية الشوط ، فأرسلت اختها هالة أو صديقتها نفيسة بنت منبه ـ على قول ـ إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأسرّته ـ فور عودته من الشام ـ لتعرض نفسها عليه .

ويبدو أن نفيسة عادت مرة ثانية طالبة من النبي (صلى الله عليه وآله) أن يحضر مع أعمامه لخطبة سيدة قريش من عمها عمرو بن أسد ، لأن أباها خويلد کان قد قضى نحبه قبل حرب الفجار ، وحددت نفيسة بإذن خديجة موعد اللقاء في دارها التي کانت من أوسع دور قريش وأرحبها .

واجتمع عدد من أعمام النبي (صلى الله عليه وآله) ورجال قريش في طليعتهم أبو طالب في دار السيدة خديجة (عليها السلام) ، وحضر من قرباها عمها عمرو بن أسد وآخرون .

وبعد اجراء مراسم العقد ، أعلنت خديجة أن بيتها وما تملك هو تحت تصرف النبي(صلى الله عليه وآله) .

ثم ان أبا طالب أقام على شرف الزوجين والحضور وليمة بعد أن نحر ناقة وأطعم من کان حاضراً .

وهکذا تمت مراسيم الزواج المبارك ، ودخل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) داره ليقيل مع زوجته السيدة خديجة أم المؤمنين الاولى لتبدأ المرحلة الجديدة من حياتهما عليهما الصلاة والسلام .

هذا ، ومن الجدير ذکره ، أن مراسيم عقد زواج النبي (صلى الله عليه وآله) من السيدة خديجة (عليها السلام) کان في اليوم التاسع من ربيع الأول بعد عام الفيل بخمس وعشرين سنة ، علماً بأن المصطفى(صلى الله عليه وآله) لم يتزوج سواها حتى توفيت رعاية لمشاعرها واکراماً لمقامها عليها آلاف التحية والسلام .

«عن يحيي بن عفيف عن عفيف قال : جئت في الجاهلية إلى مکة فنزلت على العباس بن عبد المطلب قال : فلما طلعت الشمس وحلقت في السماء وأنا أنظر إلى الکعبة أقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء ثم استقبل الکعبة فقام مستقبلها فلم يلبث حتى جاء غلام فقام عن يمينه قال : فلم يلبث حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما فرکع الشاب فرکع الغلام والمرأة فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة فخرّ الشاب ساجداً فسجدا معه فقلت : يا عباس أمر عظيم فقال : أمر عظيم أتدري من هذا ؟ فقلت : لا ، قال : هذا محمد بن عبداللّه بن عبد المطلب ابن أخي ، أتدري من هذا معه قلت لا قال : هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي أتدري من هذه المرأة التي خلفهما ؟ قلت لا قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي وهذا حدثني أن ربه رب السماء أمرهم بهذا الذي تراهم عليه وأيم اللّه ما أعلم على ظهر الأرض کلها أحداً على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة» .

وعن محمد بن مسلم عن الامام محمد بن علي الباقر(عليه السلام) : «ما أجاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أحد قبل علي بن أبي طالب وخديجة صلوات اللّه عليهما ، ولقد مکث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بمکة ثلاث سنين مختفياً خائفاً يترقب ويخاف قومه والناس»  .

وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال : «ولقد کان ـ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ـ يجاور في کل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وخديجة ، وأنا ثالثهما أرى نور الوحي ، وأشم ريح النبوة» .

کما أن بعض الروايات تشير أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو ذاته التحق بالنبي (صلى الله عليه وآله) في أداء التکاليف ، ولم يعرض عليه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) دعوته ، حيث يذکر هذا النوع من الروايات ان علياً رأى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يصلي ـ أول صلاة ـ وکانت هذه العملية نقلة فکرية وروحية في سلّم الرسالة بطبعها ـ فسأله عما يفعل ، فقال : اصلي ، فصلى علي معه ، ولا نستبعد أن تکون خديجة ذات القلب الرباني الشفاف والروح الالهية المتعلقة بعالم القدس سلکت غير هذا السلوك ، لأنها وعلياً کانا يصنعان على عين رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، تماماً کما کان هو يصنع على عين اللّه عزوجل ، وإن کان مستوى علي (عليه السلام) من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) کمستوى هارون من موسى (عليهما السلام) -  کما عبّرت النصوص ـ عن ذلك ، وهو مستوى لم تبلغه السيدة خديجة قطعاً ، إلاّ أنها تمثل قمة في النساء قطعاً لم تسبقها غير فاطمة ابنتها في هذه الأمة المرحومة ، تلك المرأة التي حملت بحق وجدارة لقب سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة  کما أخبر الصادق الأمين(صلى الله عليه وآله) بذلك .

*تاليف الشهيد سليم عزالدين / مجلة رسالة الثقلين العدد 33

تصنيف :
كلمات دليلية :