المصالحة بين دمشق وحماس ..شكرا قاسم سليماني

المصالحة بين دمشق وحماس ..شكرا قاسم سليماني
السبت ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٤:٠٢ بتوقيت غرينتش

سريعا انتهت زيارة وفد حماس الى دمشق، تلك الزيارة التي لم تدم أكثر من 24 ساعة، التقى فيها الدكتور خليل الحية مسؤول العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، ضمن وفد من الفصائل الفلسطينية الرئيس الأسد، وعقد بعدها الحية مع قادة الفصائل مؤتمرا صحفيا في قلب دمشق، أعلن فيه استئناف علاقتها الرسمية بسوريا.

العالم - کشکول

وقال فيه إن هذا " يوم مهم، ونستأنف حضورنا لسوريا والعمل المشترك مع القوى الفلسطينية ومع سوريا دعماً لقضيتنا ووحدة واستقرار سوريا"، مؤكداً أن الحركة "مع سوريا الموحّدة، وضد استهداف سوريا من أي عدوان".

اعلان الحية عن طيّ صفحة الخلاف الذي استمرّ قرابة 10 سنوات، وسط جهود بذلها أطراف "محور المقاومة" لاستعادة العلاقات، وتعزيز الدعم لبرنامج المقاومة الفلسطينية وخياراتها، كان ضمن مشوار صعب، شكل فيه الشهيد القائد قاسم سليماني، المحور والدافع والمحرك، كون الشهيد القائد أسس لمشهد مقاومة مشرق تستعد له الامة، وتصنعه جبهات المقاومة بفعل تضحياته ودمائه، حيث كان الشهيد السعيد يرى بضرورة توحيد جهد الاحرار في العالم باتجاه القضايا العادلة، وهو الذي عمل من لحظة تسلمه قيادة فيلق القدس عام 1998، على بلورة مفهوم مقاومة الاحرار للاحتلال، بغض النظر عن الابعاد القومية والدينية، وكان يصرح دائما بأننا كمحور مقاومة علينا احترام خصوصيات كل أصدقائنا، ومراعات ظروفهم الداخلية، ليس على مستوى المنظمات فحسب يل على مستوى البلدان أيضا، والاصل لديه هو مواجهة الاستكبار والاحتلال، بعض النظر عن المناطق التي تواجه فيه المقاومة، وان ما تنجزه المقاومة يصب بنفس الاتجاه.

لم تكن عاصفة الحرب التي فرضت على سوريا، حكراً على الدول، بل وصلت الى المنظمات وهزت بدورها أركان امتداد الخريطة العربية، وبالذات فلسطين، بهدف تغيير المعادلات لإعادة رسم خرائط التحالفات، ما قبل هذه الحرب، لم يكن الحاج قسام قائدا ميدانياً بالشكل الذي حضر فيه بالأزمة، فهو كان حاضرا في سوريا بشخصه في النقاط الامامية واضعا دمه ومكانته جانباً، لأنه كان يعتبر ان ادخال سوريا في العصر الإسرائيلي فيما لو انتصرت المجموعات المسلحة، لدورها الداعم في المقاومة بكل اطيافها، وهذا سيعيد محور المقاومة ( لو حدث) سنين الى الوراء، لذلك اعتبر الحاج قاسم ان وجوده في سوريا، هو دعم وتعزيز للقاعدة اللوجستية المتقدمة للمقاومة في المنطقة، والدولة العربية الوحيدة التي ترفع شعار القضية الفلسطينية قولا وفعلا، وخلال هذه الحرب حصل ما حصل من تباين ما بين محور المقاومة وحركة حماس، في فهم سوريا الدور والمحور، وكأن زلزالاً ضرب المحور، وقررت حركة المقاومة الإسلامية حماس أنها تريد القفز من الحافلة، تماهياً مع اتجاه البيئة الحاضنة لها، وخرجت الحركة من سوريا، و هجرت حماس مقراتها في سوريا باتجاه قطر وتركيا، لكن الحاج قاسم بقيت عينه على الهدف، واستطاع تنظيم الخلاف، وإبقاء يد المقاومة على الزناد في سوريا الى جانب الجيش السوري، واليد الأخرى بقيت ممتدة الى فلسطين بمختلف اطيافها، دعما على كل الأصعدة، والفهم الاستراتيجي.

كانت رؤية الحاج قاسم تنطلق من ضرورة توحيد الخطاب باتجاه العدو الصهيوني بين كل اركان محور المقاومة، بعض النظر عن التناقضات والمصالح، واستطاع اختلاق الاعذار لفريق اشتبه في تحديد الأولويات مع العدو الصهيوني، في الوقت الذي استطاعت بعض الجهات الداعمة للمجموعات المسلحة في استقطاب جزء من الفريق الاخواني باتجاه العداء لسوريا، لكن ما لبث هذا الفريق ان شعر انه تموضع في المكان الخاطئ، فلا يمكن المقارنة بين الحضن السوري المعنوي واللوجستي والدعم الإيراني بكل درجاته، وبين سفير لدولة ينتقل بين الكيان ومنطقة صديقة، لإيجاد مخارج للعدو في كل مأزق يقع فيه.

صبر الحاج قاسم سليماني اعتمد على مقولة ان "الابن الذي اختلطت عليه الأمور" سيعود قريباً، والاشارة الى محاولات حركة حماس قبل سنوات، وبحسب مصادر فإنها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2016 بدأت الترتيبات لمحاولة رأب الصدع كلياً بين حماس السياسية وإيران من جهة وحماس وسوريا بوساطة من الحاج قاسم من جهة أخرى، وكان النقاش مع القائد سليماني حول العودة الى سوريا، يومها زار وفد من القياديين محمد نصر وأسامة حمدان من حماس مع وفد من الفصائل الفلسطينية إلى طهران حيث شارك الجميع في احتفالات ذكرى الثورة، وكان الجو العام يشير إلى الزيارة على أنها أقل من بروتوكولية وأنها لن تشهد جديداً في ظل ما حدث، لكن الأمر لم يكن كذلك.

وتقول المعلومات ان الوفد الفلسطيني التقى بالعديد من المسؤولين الإيرانيين، لكن اللقاء الأبرز وغير المعلن كان مع قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، وكانت العودة العلاقات مع سوريا، احد محاور اللقاء، واستمرت على عدة لقاءات واجتماعات متباعدة المدة، الا ان القائد سليماني بأخلاقه العالية، اقترح التريث لانه لا يريد احراج الدولة السورية، وان الجرح مازال طريا وساخناً.

ومع بدء إعادة ضبط الأوضاع في سوريا، كان الحاج قاسم مشى في درب ترتيب ملف حماس مع الدولة السورية، واستلزم ذلك إيجاد مناخات إيجابية بين الفريقين، من خلال وقف السجالات الإعلامية التي كانت تحصل احياناً، وحث حركة حماس على التنديد باعتداءات الكيان الإسرائيلي على سوريا، وتصدير شخصيات من حركة حماس، لديها خطاب جامع، بالمقابل كان يقدم العروض لتهيئة المناخات للدولة السورية، وما حصل في لقاء الرئيس الأسد هو نتيجة مقدمات عمل عليها الحاج قاسم حتى شهادته، والتزم الخلف باستراتيجية السلف، وما نتاج هذا التموضع الجديد الا ببركة عطاء القائد سليماني وبصماته، التي بقيت ما بعد ارتقائه الى العلى شهيداً، ويمكن القول ان الحاضر الأكبر في هذه المصالحة كان ظل الحاج قاسم سليماني، وهكذا يصبح للموقف بعد آخر عندما يكون مهندسه وبانيه القائد الشهيد قاسم سليماني، ويأتي كبعض وفاء للشريك الكامل في كل الانتصارات، ولداعم للمقاومة إلى أن أصبحت تشكل خطرا وجوديا على الصهاينة.

*بقلم حسام زيدان