العالم - قضية اليوم
من المتفق عليه، أن الولايات المتحدة لا تريد للمواجهة مع روسيا، ولا مع الصين أن تذهب إلى مرحلة الحرب المباشرة. والرئيس الاميركي جو بايدن لا يحتاج إلى مأزق عسكري يزيد على مشاكله الداخلية قبل الإنتخابات النصفية التي تهدد مستقبل السنوات الثلاث المتبقية من رئاسته (رغم ان الجمهوريين سيضغطون على إدارة بايدن للذهاب إلى مواجهة مباشرة مع موسكو، بحيث يكونوا هم الرابحين من تبعات هذه الخطوة مهما كانت نتائجها)
اما الأوروبيون، فهم في حالة شبه تشتت، في ظل غياب القرار الموحد تجاه الأزمة الأوكرانية، خاصة وأن الموقف الألماني من الأزمة وتطوراتها الأخيرة أخرج الخلافات الأوروبية إلى العلن. رفض برلين إرسال أسلحة إلى أوكرانيا ضمن الشحنة الغربية أثار غضب كييف، لكن الألمان يدركون أن الحشد الغربي (إعلاميا وعسكريا شكليا) لن يصل إلى المستوى الصدامي الذي يعطيه هذا الحشد. كما أن للألمان مصالحهم الخاصة مع الغاز الروسي الذي ينتظر بدء ضخه عبر خط "نورد ستريم 2" عبر برلين إلى كل أوروبا.
إذا كان الأميركيون غير جاهزين لمواجهة مباشرة مع روسيا، وإذا كان الأوروبيون مفتقدين لاستراتيجية موحدة لهذه المواجهة، لماذا إذن هذه الأسلحة لكييف؟ ولماذا ترافقت مع تهديد ووعيد وتحشيد وتحريض ضد موسكو في حال غزوها أوكرانيا؟
يمكن القول إن الأميركيين سيحاولون حتى اللحظات الأخيرة تجنب أي تصعيد متمثل بغزو روسي لأوكرانيا، وقد يقبل البيت الأبيض بعملية عسكرية روسية محدودة داخل الأراضي الأوكرانية (في المناطق حيث السكان الروس تحديدا) وبالتالي ستنغمس الأطراف كافة في إيجاد اتفاق جديد على أساس التغير الميداني المستجد. أما في حال ذهاب موسكو باتجاه غزو شامل للجارة كييف، فإن الموقف الأميركي الغربي سيتمثل بإرسال أسلحة جديدة، وسيكون الأوكرانيون وحيدين في المعركة، وسيقول الأميركيون لهم فيما بعد نحن قمنا بما علينا ومددناكم بالسلاح وأنتم لم تستطيعوا الدفاع عن بلدكم. لأنه وببساطة، المعركة مع الروس لم يحن وقتها بالنسبة للأميركي، وعليه لن يتورط فيها من بوابة كييف على الأقل هذه الفترة.
إذا كان رفض ألمانيا تسليح أوكرانيا أثار غضب الأخيرة فإن الإشارات التي ترسلها الأسلحة التي وصلت يجب أن تغضب كييف أكثر، لأنها قد تعني نهاية الأمر (واجهوا مصيركم بأنفسكم).
حسين الموسوي