العالم – كشكول
اللافت، ان هذا البناء الضخم الجاثم على قلب بيروت، يعتبر اكثر كلفة من اضخم سفارة في الدول العربية، وهي القاعدة العسكرية التي اقامتها امريكا في بغداد في بداية احتلالها للعراق ، بكلفة 592 مليون دولار، وتضم مطار للطائرت الحربية وطائرات النقل العسكرية الضخمة، وثكنات عسكرية و21 عمارة ومواقع ترفيهية، وتستوعب آلاف الجنود الامريكيين، وتحميها احدث انظمة الدفاع الجوي الامريكية، واطلقت عليها اسم "سفارة".
اللافت اكثر ان مساحة السفارة الامريكية في لبنان، تبلغ 4 اضعاف مساحة السفارة الامريكية سابقا في ايران، في الوقت الذي تبلغ مساحة ايران 160 ضعف مساحة لبنان!، وكانت ايران في زمن الشاه المقبور، تعتبر الحليف الاوثق في الشرق الاوسط بعد "اسرائيل" لامريكا ، وكانت امريكا تتخذ منها موقعا متقدما في صراعها مع الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الشرقية.
المضحك المبكي، هو ان "السياديين"، في لبنان والعراق، الذي مزقوا ومازالوا حناجرهم، ويهم يصرخون بمناسبة او بدونها، "إيران بره بره"، و ان "لبنان والعراق تحت الاحتلال الايراني"، هؤلاء "السياديون"، اصحاب العاطفة الجياشة ازاء رائحة الدولار النفطي واصوات ابواب السفارة الامريكية عندما تُفتح لهم، لم يتجرأوا حتى على ان يهمسوا همسا بشأن ما يحدث من إنتهاك صارخ "لسيادتهم"، من قبل البلد الذي يبني قواعد عسكرية ومراكز تجسس في قلب عواصمهم، للسهر على "أمن إسرائيل"، ومنع "الارهابيين والميليشيات الطائفية التابعة لايران" في كل من لبنان والعراق، من إلحاق اي أذى بـ"فلذة كبد الغرب في الشرق الاوسط"، فلو كان لبنان والعراق محتلين فعلا من قبل ايران، فهل كانت تسمح للمحتل الامريكي ان يعربد هكذا في بيروت وبغداد، ولكان مكب النفايات نهاية مرتزقة امريكا و"اسرائيل" والدولار النفطي في هذين البلدين، ولكن ازاء هذه السخرية لا يمكننا الا ان نقول:
لقد أسمعت لو ناديت حيـا.. ولكن لا حياة لمـن تنادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت.. ولكن أنت تنفخ في الرماد