العالم – كشكول
هذه الحقيقة تنطبق بحذافيرها على العلاقة المعقدة بين ايران وهذه "القوى الكبرى" وعلى راسها امريكا، فالعالم كله كان شاهدا على المفاوضات المارثونية التي اجرتها ايران مع هذه "القوى" على مدى اكثر من عقد من الزمن، والتي انتهت بالاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه عام 2015، الا ان هذه "القوى"، وبمجرد ان احست ان بالامكان تجريد ايران من عناصر قوتها ودفعها الى تقديم تنازلات ، في حال تم فرض حظر تجويعي غير مسبوق على الشعب الايراني، انسحبت "القوة الاعظم"!! في العالم من الاتفاق النووي، الذي تفاوضت عليه اكثر من عقد، وبجرة قلم ، وتواطأت معها باقي "القوى الكبرى"، في حظرها التجويعي ضد الشعب الايراني، الا انه وبعد مرور اكثر من ثلاثة اعوام على انسحاب امريكا من الاتفاق وتهرب اوروبا من الالتزام به، عادت هذه القوى لتتحدث عن ضرورة العودة الى الاتفاق النووي، وضرورة التزام جميع الاطراف بما اتفقت عليه!!. تُرى ما الذي حدث؟، وماهو الجديد الذي طرأ لتشعر هذه "القوى الكبرى" بمسؤوليتها ازاء الاتفاق، الذي داست عليه قبل ثلاث سنوات؟!.
لا جديد طرأ، سوى ان ايران نجحت في تجريد الغرب من اسلحته، التي كان يأمل ان تشكل ضغطا على ايران، ودفعها لرفع الراية البيضاء والاستسلام لارادة الغرب، وهذه الاسلحة، هو سلاح التهديد العسكري، وسلاح الحظر الاقتصادي الارهابي. فإيران وبحكمة قيادتها وصبر شعبها وقوة الردع الهائلة التي تمتلكها، تمكنت من تجريد الغرب من هذه الاسلحة، حيث بات عاريا امام ايران، التي ردت على التهديد العسكري بتهديد مماثل، كما نجحت في التأقلم مع الحظر الظالم، وحولته من تهديد الى فرصة، بعد ان تمكنت من الاتكال على امكانياتها الذاتية ، واستطاعت ان تتجاوز تداعيات الحظر، الذي كان الغرب يأمل في يدفع ايران الى الاستسلام خلال أشهر فقط.
هذا الاقتدار الايراني، هو الذي اعاد الرشد لهذه "القوى العظمى"، وليس "الشعور بالمسؤولية والحرص على السلم والامن الدوليين لدى هذه القوى"!!. اليوم عندما يستمع المفاوض الغربي الى تصريحات المفاوض الايراني، وهو يرفض العودة الى الاتفاق في اطار "مبدأ" خطوة مقابل خطوة، ويرفض وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% مقابل الإفراج عن مليار دولار مجمدة، ويرفض التفاوض بشان الاتفاق النووي ولا بشان ماهو خارج نطاق الاتفاق، ويرفض التفاوض مع امريكا بشكل مباشر او غير مباشر، الا بعد ان يتم رفع الحظر لامريكي وبشكل كامل عن الشعب الايراني، وبطريقة يمكن التحقق منها، فهو يعي، اي المفاوض الغربي، إنه امام مفاوض يتفاوض من موقع قوة، وسيكون ، المفاوض الغربي، هو الخاسر لو شعر المفاوض الايراني ان وجوده معه مضيعة للوقت.