بايدن.. ومخاطر تحول "هزّ الرأس" الى عادة!

بايدن.. ومخاطر تحول
الإثنين ٠٨ فبراير ٢٠٢١ - ٠٤:١٤ بتوقيت غرينتش

حاول الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن أن يظهر بمظهر غير المهتم بشأن عودة بلاده الى الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 ، عندما رد على أسئلة مذيعة شبكة "سي بي اس" الامريكية ، بطريقة لافتة جدا، حيث إكتفي بعبارة "لا"، ردا على سؤال المذيعة:" عن إمكان رفع العقوبات لإقناع طهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات بهدف إنقاذ الاتفاق النووي". وعندما سألته المذيعة عما إذا كان على الإيرانيين أن "يوقفوا أولا تخصيب اليورانيوم" إكتفى فقط بهز رأسه إيجابا.

العالمقضية اليوم

بايدن فشل فشلا ذريعا بمحاولة الظهور بمظهر الرجل غير المبالي بالتداعيات التي نجمت عن انسحاب امريكا من الاتفاق النووي، وما تعرضت له بلاده من انتكاسات سياسية على الصعيد الدولي، بعد ان تم عزلها داخل مجلس الامن الدولي اكثر من مرة، وتفرق حلفائها الاوروبيين عنها، على خلفية السياسة الكارثية لسلفه ترامب ازاء الاتفاق النووي.

من المعروف ان بايدن اتخذ مواقف فورية ازاء قضايا دولية عديدة فور دخوله البيت الابيض، بينما لم تكن تداعيات تلك القضايا على امريكا ، بذات سلبية تداعيات الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي والحرب الاقتصادية الارهابية التي فرضتها، ليس على ايران فحسب بل على العالم اجمع، الامر الذي يكشف عن ان اهم قضية تشغل بال بايدن الان، على عكس ما حاول الظهور عليه في المقابلة مع شبكة "سي بي اس" الامريكية، هو الاتفاق النووي الايراني، وكيفية عودة امريكا اليه.

من الوضح ان بايدن يقف الان على حافة المستنقع الذي اوجده امامه سلفه ترامب، فإما ان يردمه ليعبر من فوقه، ويعيد امريكا مرة اخرى الى الاتفاق النووي الذي وقعت عليه بعد مفاوضات مضنية، واما ان يسقط في المستنقع وبإرادته، خوفا من الظهور بمظهر الضعيف، امام الكونغرس الامريكي، الذي مازال اغلب النواب الجمهوريين، وعشرات الملايين من المواطنين الامريكيين، يطعنون بشرعيته.

المبالغة غير الموفقة لبايدن في تجاهل اهمية انسحاب امريكا وعودتها الى الاتفاق النووي، دفعت بعض المسؤولين الامريكيين الى "تفسير" حركة راسه، على انها كانت تعني، ان توقف ايران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة ، وليس نسبة التخصيب كما جاء في الاتفاق النووي!!.

بعيدا عن امريكا وشرعية رئيسها وحركات رأسه، فإن إيران ماضية في اجراءاتها االتدريجية التي اتخذتها بعد انسحاب امريكا من الاتفاق النووي، وتنصل الاوروبيين من عهودهم، ففي اليوم الذي سيأتي بعد 21 شباط / فبراير، ستكون ايران قد اوقفت الالتزام بالبروتوكول الإضافي للاتفاق النووي، رغم ان هذا الاجراء لا يعني إغلاق الباب تماما في وجه الاتفاق ، الا ان ايران تتحدث باللغة الوحيدة التي يفهما الامريكيون، وانها ليست مستعجلة، حقا وليس تمثيلا كما هو حال بايدن، للعودة الى الإتفاق، بعد التجربة المرة التي مرت بها ايران مع سياسة نكث العهود والمواثيق، التي باتت عنوانا للسياسة الامريكية، ولا فرق في ذلك بين ادارة جمهورية او ادارة ديمقراطية.

اما فصل الخطاب فجاء على لسان قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي خامنئي، الذي اكد وبشكل قاطع : "إذا أرادوا أن تعود إيران إلى التزاماتها في الاتفاق، فعلى أمريكا رفع الحظر كله. وعندما نتفحص ذلك ونرى مدى صحّته، نعود لنلتزم".

على بايدن الا يتغابى، فهو يعلم جيدا ان الطرف الذي انسحب من الاتفاق النووي هو امريكا، وان ايران لم تخرج أبدا منه الا انها قلصت بعض التزاماتها، ردا على الانسحاب الامريكي والانتهاك الاوروبي للاتفاق. كما انه يعلم ان ايران لن تتفاوض على الاتفاق النووي الحالي، لأنه تم التفاوض بشأنه بشكل كامل وإنتهى الامر. أما اذا أصر على اعادة تجربة ترامب الفاشلة مع ايران، فإننا نعتقد جازمين، انه سيبقى يهز برأسه، وقد يتحول هذا الهزّ الى عادة.

سعيد محمد - العالم