صندوق النقد الدولي، التي جاءت بمهمة استشارية، سرعان ما تحوّلت إلى مهمة استطلاعية

صندوق النقد الدولي، التي جاءت بمهمة استشارية، سرعان ما تحوّلت إلى مهمة استطلاعية
السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠ - ١٠:١٠ بتوقيت غرينتش

مضت ثلاثة ايام على وصول بعثة صندوق النقد الدولي الى بيروت بمهمة استشارية و مازال هناك غموض حول مهمة البعثة و نتايج المفاوضات مع الحكومة اللبنانية و برأي بعض المصادر تحولت مهمة الصندوق الى مهمة استطلاعية.

العالم_لبنان

وأكدت بعض المصادر الصحفية في بيروت اليوم السبت أن الحكومة اللبنانية دخلت مفاوضاتها مع البعثات الدولية، وعلى رأسها بعثة صندوق النقد الدولي، التي جاءت بمهمة استشارية، سرعان ما تحوّلت إلى مهمة استطلاعية، فبقيت المحادثات ضبابية يستمع خلالها وفد الصندوق أكثر مما يتكلّم، وعندما يتكلم يكون كلامه في الغالب استيضاحاً وأسئلة، وسط غموض مدة بقاء بعثة الصندوق في لبنان، والضباب الذي يلفّ موقعها بين نظرتي الحكومة ومصرف لبنان، الذي يحظى برعاية خاصة من الجهات الدولية، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي.

واشارت إلى أن وفد صندوق النقد الدولي واصل جولته على المسؤولين لليوم الثاني على التوالي، وعرض وزير المال غازي وزني مع وفد من الصندوق برئاسة رئيس البعثة مارتن سيريزوليه، ما يمكن أن يقدمه الصندوق من مشورة تقنية لمساعدة لبنان في بناء خطته الإنقاذية، لافتةً إلى أنه "تمّ التداول في المعطيات المتوفّرة والخيارات الممكنة بناءً على رؤية الوفد وتقييمه لواقع الحال في البلاد، على أن يتم استكمال البحث لبناء تصوّر لكيفية تجاوز الوضع الراهن. وفيما تردد أن الوفد سيغادر بيروت اليوم أفيد أنه سيلتقي لجنة الرقابة على المصارف اليوم أو الاثنين المقبل إذا قرّر تأجيل موعد المغادرة".

ونفت مصادر الحكومية، اتخاذ الحكومة قراراً بتأجيل دفع سندات اليوروبوند او هيكلة او جدولة الدين العام حتى الآن، مشيرة الى ان الاجتماعات متواصلة ليل نهار في السرايا مع الخبراء الأجانب والمحليين، لدرس الخيار الافضل والانسب لمصلحة لبنان”.

وسألت المصادر: كيف نقرّر عدم دفع السندات أو هيكلة أو جدولة الدين العام ولم تنتهِ الاجتماعات بعد مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولم يتوصل الخبراء الى قرار؟”. فيما لفتت معلومات أخرى الى أن “الاجتماعات تمحورت حول تشريح الخلل الكبير الحاصل في المالية العام نتيجة التراكمات المالية، اضافة الى استماع الجهة اللبنانية للنصائح من ​صندوق النقد​، وكذلك اطلع الوفد على أرقام ​الدين العام​، وكان لديه بعض الاستفسارات”، موضحة أن “لبنان لن يتخذ قبل 10ايام اي قرار بشأن سندات ​اليورو​بوند، والاتجاه هو اعادة هيكلة الدين العام المنظم، ومن ثم إجراء مفاوضات مع حاملي السندات”.

وأوضحت المصادر أنه في إطار حملة التهويل والتهديد التي تمارسها بعض الجهات السياسية والمصرفية الداخلية بالتعاون مع الوكالات المالية العالمية، أوردت وكالة رويترز أن «موديز خفّضت تصنيف لبنان إلى CA والنظرة المستقبلية إلى مستقرة والانكماش العميق للاقتصاد اللبناني»، وتوقع الوكالة أن «يتكبّد الدائنون من ​القطاع الخاص​ خسائر كبيرة في حالة إعادة هيكلة الدين الحكومي

صحيفة الاخبار اللبنانية حول هذا الموضوع كتبت بعثة صندوق النقد الدولي تستمر في نفض يدها من المساعدة التقنية للحكومة، مع توجيهها النقاش نحو الإجراءات الإفقارية. أما المصارف فلم تيأس في سعيها إلى استكمال الانهيار الذي بدأته بتسليف الدولة أموال المودعين، طمعاً بالأرباح الهائلة، وأنهته بسرقة هذه الأموال، متغاضية عن حقيقة أن أي إعادة هيكلة لتنجح يجب أن تبدأ بالقطاع المصرفي".

واضافت الصحيفة "لا تزال بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة مارتن سيريزولا تستطلع كل المعطيات المتوفّرة والخيارات الممكنة. التقت وزير المالية أمس، ويتوقع أن تلتقي حاكم مصرف لبنان اليوم. في اجتماعاتها المستمرة، لا تترك مناسبة إلا وتوجّه فيها النقاش إلى حيث تريد، من دون الإفصاح عمّا تحمله من خطط. تحمل الأسئلة وتتحفظ عن الإفصاح عن الإجابات التي تملكها. لا يريد الصندوق أن يتحمل مسؤولية إجراءات ليس هو من يقوم بها، وفق برنامجه المحدد".

وتابعت الصحيفة إن "بعثة صندوق النقد تركز على الأسئلة المتعلّقة بالواقع الحالي أو التوقعات المستقبلية. ما هو حجم الدين حالياً؟ ما هي التوقعات للمداخيل والنفقات؟ ما هي إجراءات مواجهة تراجع الاقتصاد.

واشارت الصحيفة إلى أنه مع ان في الفريق الحكومي، وحتى رئيس الحكومة من يريد تجنب العمل مع صندوق النقد، الا ان غالبية التوصيات تقول بأنه لا مفر من التعاون معه. لكن دياب يفكر مع بعض الوزراء في كيفية عدم الأخذ بكل استشاراته، وخصوصاً تلك التي تدعو الى تقليص القطاع العام الآن أو الى رفع معدلات الضرائب، وخاصة ضريبة القيمة المضافة (TVA) التي يكثر وفد «الصندوق» من السؤال عنها.

أما صحيفة "النهار" فقد كتبت أنه وسط الحذر المواكب لوجود بعثة صندوق النقد الدولي في بيروت واللقاءات التي تعقدها مع المسؤولين الرسميين والماليين المعنيين بملفات الازمة. واذ تدخل مهمة البعثة يومها الثالث في لبنان من دون اتضاح نتائج اللقاءات والمحادثات التي أجرتها مع المسؤولين، تبين من المعطيات التي توافرت عن هذه اللقاءات انها لم تتوصل بعد الى نتائج حاسمة وواضحة في شأن الملف الذي يجري البحث فيه على نحو اساسي وهو ملف "الاوروبوند" والذي يطلب لبنان من الصندوق مشورته الفنية في شأنه.

واضافت "لعل العامل السلبي الذي سابق انجاز مهمة البعثة وتبين نتائجها تمثل في احتدام السباق مجدداً بين محاولات احتواء سقوف الانهيار المالي والاقتصادي وفرملتها والتقارير التي تطلقها تباعا وكالات التصنيف الدولية والتي تزداد في ظلها اجواء تقهقر الثقة بالواقع المالي للبنان مع التراجعات المنهجية المتواصلة التي تسجلها التقارير. وكان آخر فصول هذا السباق المحموم تمثل في اعلان وكالة "موديز" أمس تخفيض تصنيف حكومة لبنان من CAA2 الى CA وخفض النظرة المستقبلية إلى مستقرة. وعزت القرار إلى "توقعات أن يتكبد الدائنون من القطاع الخاص خسائر كبيرة على الأرجح في ظل أي إعادة هيكلة للدين الحكومي".

وتابعت الصحيفة انه فيما وصفت اجواء لقاء وزير المال غازي وزني مع وفد صندوق النقد الدولي بانها كانت ايجابية، لم تظهر الاوساط الرسمية اللبنانية بعد اي مؤشرات توحي بنتائج محددة للمحادثات المستمرة، بل ان بعض الجهات المعنية بدت حذرة بالاشارة الى عدم التوصل الى خريطة تحليل مشتركة بين الجانب اللبناني والبعثة، لكن هذه الجهات شددت على انه أمام التحديات الكبيرة التي تواجه السلطة، تعمل الخلية المعنية بمتابعة ملف "الاوروبوند" كخلية نحل وتملك البرنامج المناسب وان الاتفاق قائم بين رئاسات الجمهورية ومجلس النواب والحكومة وصولاً الى حزب الله بغية التوصل الى الخيارات الافضل للبنان ومصلحته المالية وان هذا التوافق سيساعد في ايجاد اللغة المشتركة بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولي في ما يطلبه لبنان منه.