العالم- فلسطين المحتلة
وكتبت الصحيفة بقلم زهير أندراوس: "قال مستشرقٌ إسرائيليٌّ إنّ التطبيع تعتبر كلمة مهينة في العالم العربي، لكن السودان لا يبدو أنّه يخشى منها، وجاء اللقاء بين الزعيم السوداني القويّ عبد الفتاح البرهان وبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيليّة صفعةً في وجوه معارضي خطّة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، والتي غدت معروفة بـ”صفقة القرن”، الأمر الذي يطرح أسئلة حول مدى جدية إعلان الجامعة العربية عن معارضتها للصفقة، طبقًا لأقواله.
وأضاف د. يارون فريدمان، الذي يعمل أيضًا مُحلِّلاً للشؤون العربيّة في موقع (YNET)، التابِع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة-الإسرائيليّة، أضاف أنّ كلمة تطبيع تعني في الوطن العربيّ خيانة، ومع ذلك يتواصل الحديث بشأنه في الوطن العربي، بل والقيام بأفعال على طريق تحقيقه، وهو ما يطرح السؤال عن كيفية تحول السودان، دولة اللاءات الثلاثة في قمة الخرطوم 1967: لا للسلام مع "إسرائيل"، ولا لاعتراف بها، ولا للتفاوض معها، إلى مرشحة للتطبيع معها، كما قال.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، لفت فريدمان، وهو خريج جامعة السوربون الفرنسيّة، والباحث بالشؤون الإسلاميّة في جامعة حيفا، لفت إلى أنّ لقاء البرهان- نتنياهو تمّ قبل أنْ يجِف الحبر الذي كتب به وزراء الخارجيّة العرب بيانهم المعارض لـ”صفقة القرن”، الأمر الذي يجعل من هذا اللقاء إحراجًا لكلّ مَنْ يرفض أيّ تطبيعٍ للعلاقات مع إسرائيل، على حدّ قوله.
وأوضح المُستشرِق الإسرائيليّ أيضًا أنّ البرهان يٌعتبر قريبًا من المحور العربيّ، الذي يُسّمى في واشنطن وتل أبيب بالمحور المُعتدِل، والذي تقوده السعودية ومصر والإمارات العربيّة المُتحدّة، ولعلّ لقاءه مع نتنياهو في أوغندا دون مشاورة مع الأوساط السياسيّة السودانيّة تحمل الكثير من الدلالات بالنسبة لشخصيته ونفوذه في البلد، مُضيفًا في الوقت عينه أنّه يبدو أنّ النموذج الذي يحتذيه البرهان يتمثل في جاره الشماليّ وهو الرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتاح السيسي، الذي يحظى بدعمٍ أوروبيٍّ وأمريكيٍّ كبيرين، بحسب فريدمان.
كما أكّد في سياق تحليله على أنّ عدم الاستقرار الداخليّ في السودان، والوضع الاقتصاديّ الصعب، والحاجة إلى مساعدةٍ أمريكيّةٍ عاجلةٍ، فضلاً عن غياب الاستثمارات الأجنبيّة في الدولة منذ سنواتٍ طويلةٍ بسبب إدراجها على القائمة الأمريكيّة للإرهاب، كلّها تُعتبر من العوامل الأساسيّة في خطوة البرهان بلقاء نتنياهو، على اعتبار أنّ الطريق إلى واشنطن يمر عبر الدولة العبريّة، طبقًا لأقوال المُستشرِق فريدمان.
وأضاف المُستشرِق الإسرائيليّ أنّ وجود ردود فعلٍ سودانيّةٍ رافضةٍ للتطبيع مع "إسرائيل" تذكرنا بمعارضة الرأي العّام في كلٍّ من مصر والأردن للسلام مع "إسرائيل"، ومع ذلك فقد قرر حكامهما التوقيع على اتفاق السلام معها، واليوم فإنّ "إسرائيل" تقيم علاقات مع 39 دولة أفريقية من أصل 56 هي بلدان القارة كاملة، وتأتي السودان معنية بالانضمام إلى الدول الباحثة عن مصالحها الاقتصادية، كما أكّد، نقلاً عن مصادر رفيعةٍ جدًا في كيان الاحتلال الإسرائيليّ.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، لفت المُستشرِق الإسرائيليّ في سياق تحليله إلى أنّ أيّ اتصالاتٍ عربيّةٍ-إسرائيليّةٍ، ومن بينها السودان، تأتي بعد أنْ رفض الفلسطينيون صفقة القرن، الأمر الذي يعني قبولاً عربيًا بالصيغة الجديدة القائمة على التواصل مع إسرائيل، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه في هذه الحالة غابت الفرضية القديمة التي كانت تشترط إيجاد حل للقضية الفلسطينية قبل أي علاقات عربية مع إسرائيل، واليوم ظهرت فرضية بديلة بموجبها فإنّ دولاً عربية تأخذ وتعطي مع "إسرائيل" على أساس المصالح المشتركة في المجالات الاقتصادية والأمنية، على حدّ تعبيره.