انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ يلقى ردود افعال واسعة

انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ يلقى ردود افعال واسعة
السبت ٠٣ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٩:٣٨ بتوقيت غرينتش

تتواصل ردود الافعال الدولية المتباينة بعد إعلان الولايات المتحدة الجمعة، عن انسحابها رسميا من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى المبرمة مع موسكو، حيث أدانت كل من روسيا والأمم المتحدة وفرنسا القرار فيما أيده حلف الناتو وبريطانيا وبولندا.

العالم - تقارير

أعلن الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" في بيان انسحاب بلاده من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى المبرمة مع موسكو أثناء الحرب الباردة بحجة انتهاك موسكو للمعاهدة.

وقال ترامب إن الولايات المتحدة ستعلق ابتداء من السبت "كافة التزاماتها بموجب معاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة والبدء في عملية الانسحاب من المعاهدة والتي ستكتمل خلال ستة أشهر، إلا إذا عادت روسيا للالتزام بالمعاهدة وتدمير جميع الصواريخ والمنصات والمعدات التي تنتهكها" حسب تعبيره.

الخطة الأميركية الأحادية لاقت ردود فعل سلبية، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش"، عن أسفه العميق لإنهاء معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى. ودعا الى تجنب التطورات المزعزعة للاستقرار، وكذلك إلى التوصل إلى اتفاق عاجل حول طريق مشترك جديد لمراقبة الأسلحة على الصعيد الدولي.

ودعا غوتيريش باستمرار الولايات المتحدة وروسيا في حل الخلافات بينهما من خلال آليات المشاورات المنصوص عليها في المعاهدة.

وحث الأمين العام روسيا والولايات المتحدة على تمديد معاهدة "ستارت – 3"، وإجراء محادثات حول إجراءات الحد من التسلح في المستقبل.

بدورها، وصفت روسيا أمس الجمعة، الانسحاب الأمريكي من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، بـ "الخطأ الجسيم"، تعقيبا عن إعلان واشنطن، الانسحاب من المعاهدة المذكورة.

وقال بيان الخارجية الروسية إن "الولايات المتحدة سعت إلى تجنب قيود المعاهدة، من خلال إحداثها عمدا أزمة لا يمكن تجاوزها، وارتكبت خطأ جسيما عبر خروجها من المعاهدة".

واتهم البيان واشنطن بـ"ممارسة سياسة تعطيل الاتفاقيات الدولية"، معتبرا أن "تصرفات الولايات المتحدة تؤدي إلى تفكيك نظام مراقبة الأسلحة".

وأكدت الخارجية الروسية أن موسكو لا تزال منفتحة على "الحوار البناء مع الولايات المتحدة، لاستعادة الثقة وتعزيز الأمن الدولي"، داعية الولايات المتحدة إلى التخلي عن نشر الصواريخ المحظورة بموجب المعاهدة، واتخاذ خطوات لضمان الاستقرار العالمي.

من جانبها، انتقدت فرنسا القرار الأميريكي وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، أن الخطة من شأنها أن تزيد من عدم الاستقرار في أوروبا.

وأضافت الخارجية الفرنسية، أن المعاهدة المذكورة عنصر مركزي في الأمن الأوروبي وبالنسبة للاستقرار الاستراتيجي في القارة. وشدد البيان على أن إنهاء وجود المعاهدة، يقوض المنظومة الدولية لمراقبة التسلح.

وقال المتحدث الرسمي للخارجية الفرنسية: "تأسف فرنسا، لأنه لم يتم التوصل إلى أي حل يسمح بضمان الاستمرار اللاحق لعمل الوثيقة. وتأسف كذلك لأن روسيا لم ترغب في العام الماضي، بتقديم الرد على الطلبات المتكررة الموجهة لها ( لتوضيح موقفها) وكذلك مناشدتها بالتقيد الصارم ببنود المعاهدة".

وأكدت الخارجية الفرنسية أن باريس راغبة "في ضمان مراقبة التسلح، وكذلك ضمان نزع السلاح النووي".

وكذلك دعت فرنسا الجانبين الروسي والأمريكي إلى تمديد سريان معاهدة "ستارت-3" إلى ما بعد عام 2021.

انتقادات أميركية

خطة الرئيس ترامب بالانسحاب من المعاهدة الأميركية الروسية، لطالما لاقت انتقادات في الداخل الأميركي، فضلا عن خارج الولايات المتحدة، حيث كان السيناتور الأمريكي، "روبرت مينيندس"، قد حذر في وقت سابق، من زيادة عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، حال انسحابها من المعاهدة الروسية الأمريكية بشأن الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.

وكان قد حذر السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيو جيرسي، قائلا إن"الانسحاب من هذه المعاهدة، في غياب استراتيجية شاملة لاحتواء المغبات الاستراتيجية لهذا القرار، ومن دون إجراء مشاورات مع الكونغرس أو مع حلفائنا، يهدد المصالح البعيدة المدى للولايات المتحدة فيما يخص أمنها القومي".

وانتقد مينيندس إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الانسحاب من المعاهدة، بزعم أن روسيا والصين "تنتهكانها". واعتبر أن رئيس الدولة، "بدلا عن العمل في إطار هذه المعاهدة على الدفاع عن أمن الولايات المتحدة وحلفائها على أتم وجه، يعطي الانتصار السياسي لـ(الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين ويزيد من عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية".

ورأى مينيندس، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الدولية بمجلس الشيوخ الأمريكي، أن قرار ترامب جاء "دليلا جديدا على سعي إدارة ترامب إلى اتخاذ خطوات أحادية دون أن تأخذ بعين الاعتبار اعتراضات أقرب حلفائنا وعلى حساب أمنهم".

كما كان السيناتور عن ولاية كنتاكي، "راند بول"، قد حذر سابقا بهذا الشان، بقوله إن إدارة ترامب سترتكب "خطأ كبيرا" إذا انسحبت من المعاهدة، وإلى أنه من المفضل إجراء مشاورات مع موسكو من أجل بلورة حل يأخذ بعين الاعتبار ملاحظات كلا الطرفين.

مؤيدو الخطوة

من جانب آخر، عبر حلف شمال الأطلسي "الناتو" عن تأييده للخطوة الأمريكية، الانسحاب من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وألقى بالمسؤولية على روسيا.

ونقلت "رويترز" عن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، قوله "أن طلب روسيا إعلان وقف اختياري لنشر صواريخ نووية قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا ليس له مصداقية لأن موسكو نشرت بالفعل مثل هذه الرؤوس الحربية" حسب قوله.

وأضاف "لا توجد صواريخ أمريكية جديدة، ولا صواريخ للناتو جديدة في أوروبا، ولكن هناك المزيد والمزيد من الصواريخ الروسية الجديدة".

وقال ستولتنبرغ "جميع الحلفاء في الناتو اتفقوا مع واشنطن طوال هذه السنوات على العمل مع روسيا لإبقاء معاهدة الصواريخ ويتفقون مع قرار الانسحاب نظرا لانتهاك روسيا للمعاهدة".

وأوضح أن "روسيا على المدى الطويل ستدرك مصلحتها في وقف نشر صواريخ جديدة وواشنطن تتواصل مع حلفاء الناتو"، معتبرا أن "الناتو على علم بامتلاك روسيا لصورايخ نووية جديدة ونحاول أن يكون هناك توازن بين التهديد الروسي وقدرة الناتو على الرد" حسب تعبيره.

من جهته قال وزير الخارجية البريطاني "دومينيك راب" إن روسيا هي التي تتحمل مسؤولية انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة وأضاف أن لندن تؤيد بالكامل أي تحرك من جانب حلف شمال الأطلسي ردا على ذلك.

وكتب راب على تويتر "تسببت روسيا في انهيار معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى عن طريق تطويرها ونشرها سرا لنظام صاروخي ينتهك المعاهدة يمكنه استهداف عواصم أوروبا. معتبرا أن "ازدراؤهم للنظام الدولي القائم على القواعد يهدد الأمن الأوروبي"، على حد قوله.

وفي وراسو كذلك، قالت وزارة الخارجية البولندية اليوم إن روسيا تتحمل المسؤولية الكاملة عن انهيار المعاهدة. وكتبت الوزارة على تويتر "عدم استعداد روسيا للعودة إلى الامتثال لمعاهدة القوى النووية المتوسطة المدى لم يترك للولايات المتحدة أي خيار" حسب تعبيرها.