انقسامات في ’مجموعة العشرين’ بشأن التجارة والمناخ

انقسامات في ’مجموعة العشرين’ بشأن التجارة والمناخ
الخميس ٢٧ يونيو ٢٠١٩ - ١٠:٠٤ بتوقيت غرينتش

وصل الرئيس الصيني شي جينبينغ الخميس إلى أوساكا عشية قمة لمجموعة العشرين تسودها الانقسامات، في ظل تصميم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التصعيد على كل جبهات.

العالم- أسيا والباسفيك

ومن المتوقع أن يكون اللقاء بين شي وترامب المقرر السبت من المحطات الأبرز في قمة عاصفة تعقد وسط حروب تجارية وتصعيد بشأن إيران وخلافات حول المناخ.

ويلتقي رؤساء الدول والحكومات لأكبر عشرين اقتصاد في العالم تمثل حوالى 85% من الثروات السنوية العالمية، الجمعة والسبت في المدينة البالغ عدد سكانها قرابة ثلاثة ملايين والتي تعتبر ثاني مركز اقتصادي لليابان.

وإلى جانب البرنامج الرسمي للقمة وإصدار بيان مشترك ستكون صياغته “على قدر خاص من الصعوبة هذه السنة” وفق مصدر ألماني، يتركز الترقب على اللقاءات الثنائية وفي طليعتها الاجتماعات التي سيعقدها الرئيس الأميركي، وهي التي ستطبع أجواء القمة.

وسيكون محور اللقاء بين الرئيسين الأميركي والصيني الحرب التجارية والتكنولوجية التي تدور بين البلدين، ولا سيما مع تهديد واشنطن بفرض رسوم جمركية مشددة على مجمل واردات المنتجات الصينية.

وطبقا لأسلوبه المعهود، شدد ترامب الضغط على الصين قبل القمة معلنا في مقابلة أجرتها معه شبكة “فوكس بيزنيس نيوز” الأربعاء أن “اقتصاد الصين ينهار، يريدون التوصل إلى اتفاق”.

– “اتفاق مصغر” –
ولا يمكن التكهن مسبقا بمواقف رجل الأعمال السابق الجمهوري، ولا سيما بعدما أطلق حملته للانتخابات الرئاسية المقبلة مضاعفا التصريحات والمواقف النارية، غير أن غالبية الخبراء يتوقعون هدنة بين الصين والولايات المتحدة.

يرى ديفيد دولار من مركز “بروكينغز إنستيتيوشن” للدراسات أنه من الممكن التوصل إلى “اتفاق مصغر” تتريث بموجبه الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية جديدة، وتقدم ربما بعض التنازلات بشأن شركة “هواوي” الصينية للاتصالات التي تشن عليها واشنطن حملة محكمة، مقابل استئناف بكين شراء منتجات مزارعين أميركيين كبادرة حسن نية.

لكن الخبير حذر بأن الحرب التجارية ستشهد هدنة لبضعة أشهر “قد تنتهي بخيبة أمل إذ يبدو التباعد كبيرا بين الطرفين”.

وأعرب رئيس معهد “إيجيان ديفيلبمنت بنك إنستيتيوت” ناويوكي يوشينو عن أمله بأن يقوم الرئيسان بـ”تهدئة المخاوف” التي تسود الأسواق المالية المتوترة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

إيران
ووسط التوتر المتصاعد بين أميركا وإيران، دعا اعضاء القمة بما فيها روسيا والصين والأوروبيون إلى تهدئة الأوضاع.

وإضافة إلى الصين وإيران، يبدو ترامب مصمما على عدم مراعاة أي من شركائه في مجموعة العشرين، على ضوء تصريحاته الأخيرة المدوية.

وندد في طائرته الرئاسية “إير فورس وان” الخميس بالرسوم الجمركية “غير المقبولة” التي تفرضها الهند برأيه، موجها بذلك تحذيرا إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قبل لقاء ثنائي مرتقب في أوساكا.

كما وصف ترامب ألمانيا الأربعاء بأنها “شريك فاشل” واتهمها بأنها “تدفع مليارات ومليارات الدولارات لروسيا لشراء موارد الطاقة، ورغم ذلك علينا تأمين حمايتها”، وذلك قبل لقاء مقرر مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

وقال ترامب الذي يعمد منهجيا إلى إثارة البلبلة في كل اللقاءات الدولية الكبرى “كل دول العالم تستغل الولايات المتحدة، إنه أمر لا يصدق”.

والرئيس الوحيد الذي لم يستهدفه ترامب حتى الآن بأي تغريدة غاضبة أو تصريح شديد اللهجة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيلتقيه أيضا في أوساكا، علما أن البلدين يتواجهان في الأزمة مع إيران.

وفي هذه الأجواء المشحونة، ستجهد اليابان التي تستضيف قمة العشرين لحمل جميع الأطراف على التوقيع على البيان الختامي.

وتكمن أهمية البيان الذي يجري التفاوض على أدنى تفاصيله، في الرسالة الدبلوماسية التي يوجهها، وهو يدافع تقليديا عن التبادل الحر وعن خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والموضوعان خطان أحمران للرئيس الأميركي الذي ينتهج الحمائية وأخرج بلاده من اتفاق باريس حول المناخ.

وأصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيرا قبل انطلاق أعمال القمة، فأعلن خلال زيارة رسمية لليابان بأنه “إذا لم نستطع، من أجل التوصل إلى اتفاق في قاعة تضم العشرين، الدفاع عن الطموح المناخي، فسيتم ذلك بدون فرنسا، بكل بساطة”.

ما هي "مجموعة العشرين"؟

تعد "مجموعة العشرين" (G20) اليوم منتدى رئيسيا للتعاون الدولي فيما يخص أهم نواحي المجالين المالي والاقتصادي العالميين.

وتضم المهام والأهداف الرئيسية للمنتدى تنسيق سياسة الدول الأعضاء من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو الثابت وتحريك النظام المالي لتخفيض الأخطار ومنع وقوع أزمات مالية، وكذلك إنشاء هيكل مالي دولي جديد.

وتم اتخاذ القرار حول تأسيس "مجموعة العشرين" في لقاء وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية لسبع أكبر اقتصاديات عالمية (بريطانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان) في واشنطن في سبتمبر عام 1999، فيما جرى مؤتمر تأسيس المجموعة في ديسمبر عام 1999 في برلين.

ويعود السبب الأصلي لتأسيس "مجموعة العشرين" إلى الأزمة المالية لعامي 1997 و1998، التي أظهرت ضعف النظام المالي الدولي في ظروف عولمة العلاقات الاقتصادية، كما بينت أن الاقتصاديات النامية ليست مندمجة بالشكل الضروري في مناقشة وإدارة الاقتصاد العالمي.

ويقضي الشكل الرئيسي لنشاط الندوة بإجراء لقاءات سنوية على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية. وعام 2008 اتخذ قرار حول تغيير شكل لقاءات "مجموعة العشرين" وإجراء لقاءات على مستوى رؤساء الدول والحكومات.

وتضم المجموعة حاليا 20 دولة، وهي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا وتركيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي.

وتمثل هذه الدول اليوم نحو 66% من سكان العالم، و75% من التجارة الدولية، و80% من الاستثمارات العالمية، و85% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

وتقليديا يشارك في قمم "مجموعة العشرين" أعضاؤها الدائمون و5 دول ومنظمات دولية أخرى. أما الاتحاد الأوروبي فيمثله رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي.

وتعقد قمم المجموعة في الدولة التي تنفذ واجبات رئيس المجموعة. ويتم تغيير الدولة الرئيسة للمجموعة كل عام. وعام 2015 كانت تركيا ترأس "مجموعة العشرين"، فيما عقدت قمة المجموعة عام 2016 في الصين، وعام 2017 في ألمانيا، وعام 2018 في الأرجنتين. وتستضيف اليابان قمة "مجموعة العشرين" عام 2019.

وتشارك روسيا في كل قمم "مجموعة العشرين" منذ تأسيسها. كما كانت تقترح مناقشة المسائل التي كانت تدخل بشكل ثابت فيما بعد في البيانات الختامية لهذه القمم. وكانت روسيا ترأس "مجموعة العشرين" عام 2013 واستضافت القمة في سبتمبر عام 2013 في مدينة سان بطرسبورغ.