العالم- قضية اليوم
نعم اسدل الستار الامريكي على معركة الباغوز، لكن المخرج الامريكي نسي ان التقارير الصحفية التي مازالت ترد من هناك تشير الى جيوب تتواجد فيها الجماعة الارهابية لم تمشط بعد، وان الجميع يسأل اين قادة التنظيم، كيف تبخروا من المكان، وهل صحيح ان كل من دخل الباغوز لم يجد اي جثة لاي قتيل من الارهابيين، ماهي القوة السحرية التي انهت تواجد الارهابيين دون اثار واضحة الا جثث النساء والاطفال، والدمار والخراب، فهل فعلا معركة استمرت لاشهر في تلك المنطقة، سيطرت فيها قسد بشكل بطيء ومتدرج على مفاصل قوة "داعش" من تلة الباغوز الى مخيم الباغوز، لم تترك اثراً، وكيف نسي المخرج الامريكي ان السفوح الجبلية لبلدة الباغوز مازالت تحت سيطرة "داعش"، وهناك كهوف لم تدخلها (قسد)، الا ان كاتب السيناريو تناسى ان يقول ان هناك اتفاقا واضحا مع داعش في تلك المنطقة، نص على اخرج قادة وباقي الارهابيين من تلك البقعة الجغرافية، الى جهة مجهولة، من المرشح ان تكون قاعدة التنف والمساحة الجغرافية الممتدة منها حتى مدينة البوكمال.
وقبل شارة النهاية لهذا الفيلم، كان لابد لنا من كلمة، وبصراحة، ان المجتمع الدولي الذي شاهد الخرائط التي حملها ترامب، يدرك تماما، ان من قاتل وحرر وطهر ونسف وجود هذا التنظيم الارهابي، هو الجيش السوري والحلفاء، وان كل ما قامت به الماكينة الاعلامية للرئيس الامريكي، لم تعد تنفع الا مع الداخل الامريكي، الذي وضعه ترامب في جدل عقيم، عبر اعلانه عن الانسحاب من سوريا، ومن ثم تراجعه عن القرار لعدة مرات، والكلام المتداول عن بقاء قوات امريكية ضمن التحالف الدولي في شرق الفرات، وهنا يجب ان نذكر ان الاعلان الصريح والمباشر الاخير للرئيس ترامب، ان بلاده ستبقي 400 جندي شمال شرق سوريا، بعد مرحلة داعش، يخالف التفويض الممنوح لترامب من الكونغرس الامريكي، وبالتالي اعلان انتهاء داعش المزعوم ينهي التفويض الذي منح لترامب لما اسمته الادارة الامريكية، بمحاربة الارهاب، وما يثير الضحك، رفع قسد في هذا التوقيت بالذات، لافتة كبيرة كتب عليها الخطر الامني لداعش، والخلايا النائمة التابعة له، لتبرر بشكل طفولي، التواجد والاحتلال الامريكي لتلك البقعة الجغرافية من سورية.
بالطبع، لا بد لنا من التذكير ان الوثائق والارقام والمعارك والاحصائيات التي جمعت عن معارك الجيش السوري والتوثيق الدقيق، يفضح الكذبة الامريكية المستمرة، بمكافحة الارهاب، وان الولايات المتحدة الامريكية التي تحاول تمرير سيناريو الانتصار، والذي انتصرت فيه على طواحين "داعش" الارهابية، لا يذكرنا الا بالدونكيشوت الذي حارب طواحين الهواء، والمثير للسخرية ان القاصي والداني يعلم في الداخل الامريكي وخارجه، مدى انخراط الولايات المتحدة الامريكية بتكوين وتشغيل داعش، وما جرى في الباغوز ما هو الا حجة عليها، ولا يمكن ان تبعد انجازات الجيش السوري من المشهد، فالاصل في الصورة هو صمود وعبقرية القيادة العسكرية والسياسية السورية، والتي انهت بشكل فعلي مفاصل الحياة لهذا التنظيم، وبات يشكل عبء على القيادة الامريكية.
وبالمحصلة ان العجلة التي خرج بها ترامب للاعلان عن انتهاء داعش، وبشكل مغلوط من سوريا، جاءت بعد القمة الثلاثية العسكرية في دمشق بين قادة الجيوش الايرانية والعراقية والسورية، والتي اسست لمرحلة جديدة في التعاون العسكري، وكان عنوانها الابرز هو ضبط الحدود، ضمن تنسيق عالي وعلاقات قائمة على مستوى جديد من المواجهة مع الامريكي والصهيوني، وهذا كله جعل ترامب واركان حكمه، في حالة فقدان توازن ادراكي، ليبقى الفارق جوهري بين نصر وهمي مزعوم وكذب، وبين ما هو حلف متين يقوم على مكافحة الارهاب، ضمن مستوى علاقات دولية اوسع من الاقليم، وابعد من نصر على الورق، اعلنه ترامب وما يسمى بقسد.
حسين مرتضى - العالم