هل ستكون قمة الرياض تكرارا لقمم الجامعة العربية؟

هل ستكون قمة الرياض تكرارا لقمم الجامعة العربية؟
السبت ٠٨ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٢:٤٤ بتوقيت غرينتش

تستضیف العاصمة السعودية الرياض، الاحد، القمة الـ39 لدول مجلس التعاون، وسط شكوك من ان تنجح في رأب الصدع في العلاقات البينية للدول الاعضاء وان تحقق الاهداف التي تطمح السعودية الى اقامتها خاصة ان جميع الخبراء يرون ان هذه القمة "شكلية" والسعودية ليست جادة في حل مشاكلها مع جيرانها الخليجيين.

العالم- السعودية

الحرص السعودي على دعوة امير قطر تمیم بن حمد آل ثاني لحضور القمة والتي وجهها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، يثير تساؤلات عدة خاصة وان السعودية نفسها لم تحضر قمة مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي التي اقيمت في الكويت في ديسمبر عام 2017.

ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها امير الكويت الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح، من أجل تثبيت مسيرة مجلس التعاون الذي يواجه ازمة كبيرة بمقاطعة قطر من قبل السعودية والامارات والبحرين، الا ان رؤساء هذه الدول ونظيرهم العماني لم يظهروا اي حماسة للمشاركة في قمة الكويت الذي شهدت وبغيابهم أدنى مستوى تمثيل في تاريخ القمم الخليجية، فلم يحضر من الرؤساء سوى أمير قطر بالإضافة إلى أمير الكويت، وتم اختصار مدة انعقاد القمة من يومين إلى يوم واحد، في سابقة لم تشهدها قمم المجلس طوال تاريخه.

ويعتقد المتابعون ان حرص السعودية على مشاركة قطر في القمة هو شكلي وليس نابعا عن ارادة حقيقية في حل المشاكل وهذا لعدة اسباب منها انه منذ أن أصبح الأمر واضحاً في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، أنَّ جمال خاشقجي الصحفي السعودي، كاتب الأعمدة بصحيفة واشنطن بوست الأميركية، لم يترك مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول حياً، تصاعد الضغط الدولي على السعودية لتقديم أجوبة إلى مستويات غير مسبوقة.

وامام هذا الضغط أدركت إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب أنَها اكتسبت المزيد من النفوذ على ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان الذي يعتمد بقاؤه في السلطة -حتى داخل عائلته- على واشنطن وذلك بعد استنتاجات وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) التي تشير الى تورطه في مقتل خاشقجي.

ومن هذا المنطلق يحاول البيت الأبيض الحصول على مزيد من التنازلات من جانب السعودية باستخدام قضية خاشقجي كورقة للمساومة، لتمرير مخططاته في المنطقة حيث مارست ادارة ترامب منذ ازمة القنصلية المزيد من الضغط على السعودية للمصالحة مع الجارة قطر.

وتسعى الولايات المتحدة، إلى إنشاء تحالف عربي، يضمّ الدول الخليجية الست في مجلس التعاون، إضافة إلى مصر والأردن، تحت مسمى "تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي"، وهو الاسم الذي وصفه الإعلام الدولي بأنه نسخة عربية عن حلف شمال الأطلسي.

وفي هذا السياق يشير المتابعون الى ان مقاطعة قطر تمثل عقبة كبيرة امام تشكيل ما يسمى "ناتو عربي"، منذ اندلاع الازمة الخليجية والخلافات المستمرة بين ثلاث دول خليجية في التحالف المنتظر، السعودية والإمارات والبحرين، مع دولة قطر. ولا تبدو قطر مستعدة في المرحلة الراهنة للقبول بالدخول في أيّ تحالفات عسكرية تضم الدول الاعضاء في مجلس التعاون.

وتحاول السعودية ايضا من وراء استضافة قمة مجلس التعاون، تلميع سمعتها التي تأثرت كثيرا بجريمة مقتل خاشقجي التي اثارت شهية الغير في البحث عن تاريخ المملكة في ارتكاب الجرائم ضد المعارضين.

ويرى البعض ان الدافع من التودد السعودي لقطر هو العلاقات الوثيقة التي تربط الدوحة بجماعة الاخوان المسلمين وتركيا والدور الاعلامي الذي تلعبه الدوحة والذي يصب كلها في بوتقة فضح دور ابن سلمان في مقتل خاشقجي.

وامام الدعوة السعودية لم تعلن قطر حتى الآن عن مستوى تمثيلها في قمة الرياض المقبلة، وما إذا كان أميرها سيترأس وفد بلاده ام سيوفد من ينوب عنه، رغم ما جاء عن خالد الجار الله نائب وزير الخارجية الكويتي في تصريح صحفي أن القمة الخليجية المقبلة التي تقرر عقدها في الرياض في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، "ستعقد بحضور جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون"، مشيراً إلى أن هذا الأمر يمثل "بادرة تبعث على التفاؤل".

ويرى بعض المراقبين ان قطر ستحضر القمة المرتقبة في الرياض لكن مستوى تمثيلها سيكون محدودا.

ويقول البعض ان قرار قطر بالخروج من منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك"، بعد 57 عاما من الانضمام لهذه المنظمة هو رسالة سياسية رافضة لهيمنة السعودية على القرارات النفطية تحت الاملاءات الامريكية وانه مقدمة لخروجها من مجلس التعاون الذي تسيطر عليه السعودية مع الامارات على قراراته.

وفي الوقت نفسه، أثار التوتر بين السعودية والكويت حول وضع آبار النفط بالمنطقة المحايدة بين البلدين المخاوف في مدينة الكويت، بسبب التصعيد المُحتَمَل للنزاع مع مايسمى بـ"الأخ الأكبر" عبر الحدود.

وبناء على هذه المعطيات يبدو ان هناك أمورا كثيرة تُفرق بين دول مجلس التعاون في قمة الرياض أكثر مما توحِّده وان مجلس التعاون تحول إلى حلقات نقاش فارغة شبيهة بتلك التي تدور في جامعة الدول العربية، حيث تحصل كل دولة عضوة في المجلس على الكلمة سنوياً لتقديم بيان سياسي مُبهم، في حين يتم اتخاذ القرارات في مكانٍ آخر. لكن كل هذا سيتغير اذا ما رغبت السعودية في البعد عن سياستها العدائية مع جيرانها في المنطقة وبدات باعادة حساباتها وترميم الجسور المدمرة مع العالم وكل هذا سيتم بارادة حقيقة وجادة.