ما الذي تغير على المواطن السوري بين عامين..؟

ما الذي تغير على المواطن السوري بين عامين..؟
الإثنين ٠١ يناير ٢٠١٨ - ٠١:٣٨ بتوقيت غرينتش

عام آخر يمر على الحكومة .. تفاوتت فيها إنجازات الوزارات خلال عام 2017 .. فمنها من حرك الساكن الذي كان مهيمنا طيلة عام 2016 بشكل ملحوظ ومنها ما اقتنع بالمثل القائل ” الله محيي الثابت” فيما تراجع أداء وواقع البعض منها إلى ما هو اسوأ من واقعها في عام 2016 حتى باتت من منسيات المواطن.

العالم - مقالات

رئيس الحكومة المهندس عماد خميس إلى جانب العمل الميداني والجولات الاطلاعية التي ميزت عمله عام 2016 أعطى هذا العام صلاحيات للوزراء تسمح لهم بإقصاء المدراء المترهلين وغير القادرين على تطوير مؤسساتهم بالشكل الذي تتطلبه المرحلة.. لكن عملية اتخاذ تلك القرارات سواء لجهة إعفاء فلان أو تعيين فلان من المدراء شابها الكثير من الملاحظات إذا صحت التسمية ..كما لم تستطع الحكومة تغيير الواقع المعيشي السييء للمواطن الذي عول كثيرا على زيادة الرواتب والاجور خلال هذا العام.

وإذا أردنا إجراء مقارنة بين إنجازات الحكومة في عام 2016 وإنجازاتها في عام 2017 فعلينا أن نضع الأمور الأكثر حساسية وقربا وملامسة للمواطن لجهة احتياجاته خلال العام الماضي ونقارن فيما إذا كانت قد شهدت تحسنا في 2017 أم لا ؟؟

سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية لم يشهد بعد وصول الدكتور دريد درغام إلى كرسي الحاكم تلك الخضات المفاجئة التي ميزت عهد سلفه حيث اتبع وبحسب تصريحاته منذ عام تقريبا سياسة تهدف لاستقرار سعر الصرف حول مستويات توازنية والتي فعلا بانت ملامحها مؤخرا وتوجت بخفض كبير ومفاجىء لسعر الصرف وصل إلى 60 ليرة ما رتب عليه امتعاضا كبيرا بين التجار دفع رئيس الحكومة إلى الاجتماع بهم لامتصاص ما أصاب قطاع أعمالهم ومحاولة معالجة الخسارات التي منيوا بها .. علما ان هذا الانخفاض الكبير لسعر الصرف لم ينعكس ايجابا بالشكل الكبير على أسعار السلع والمواد واقتصر تأثيره على سعر الذهب فقط وبعض التجهيزات الالكترونية .. في حين كانت الأسعار تقفز بشكل مرعب لمجرد ارتفاع الدولار ولو نقطتين فقط .

وتفاوتت الآراء حول هذا الانخفاض الكبير فمنهم من عزاه لعودة الكثير من المناطق التي كانت ساخنة وخاصة حلب التي تضم الكثير من الفعاليات الصناعية لحضن الوطن وأداء الحكومة وقرارات المركزي ومنهم من رجح كفة تحويلات المغتربين وحوالات اللاجئين السوريين في أوروبا إلى ذويهم وتحصيل مليارات الليرات من العائدات الضريبية وتحويلها إلى خزينة الدولة فيما ذهب آخرون إلى أن السبب هو إقلاع آلاف المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالإنتاج وانتصارات الجيش العربي السوري ورجوع بعض حقول النفط والغاز لسيادة الدولة.

أما ما يتعلق بارتفاع أسعار السلع والمواد باختلاف أنواعها والتي كانت تشكل مشكلة كبرى وكابوسا يقض مضجع المواطن طيلة عام 2016 .. انخفضت قليلا في عام 2017 الذي شهدت الأشهر الأولى منه تحركا لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يحسب لها لجهة خفض أسعار بعض السلع قليلا، والذي توجته خلال الشهر الجاري بتخفيض أسعار 8000 سلعة غذائية واستهلاكية وتحويلية وكهربائية ،..إلا أن هذا الانخفاض ما زال غير كافيا بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن والتي وصلت للحضيض.

أما قطاع الكهرباء فقد اختلف واقعه كثيرا على السوريين خلال عام 2017 مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث وبشهادة أغلبهم كان أفضل بنسبة 80 بالمئة تدرج حسب احتياجات كل محافظة حتى وصل إلغاء التقنين إلى الصفر خلال الأشهر الأربعة الماضية في عدد من المدن وتقلص للربع في مدن ومناطق أخرى .. علما أن فترات التقنين بلغت في عام 2016 بحسب برامج التقنين(4_2) 5840 ساعة ظلام مقابل 2920 ساعة نور.

وبسؤال وزير الكهرباء المهندس محمد زهير خربطلي عن انجازات وزارته خلال هذا العام أكد لصاحبة الجلالة أن كل ما قامت به الوزارة كان من صميم العمل المناط بها وأن الفضل الأول والأخير بأي إنجاز تحقق هو للجيش العربي السوري الذي قدم التضحيات ومازال يقدم لكي ” نستطيع أن نعمل نحن وغيرنا” بحسب قوله.

والحديث عن الكهرباء يقودنا بشكل مباشر إلى المحروقات والغاز التي شكل عدم توفرها العام الماضي أزمة لم تشهدها سورية منذ بداية الأحداث تميزت بطوابير الناس على الكازيات وفروع توزيع الغاز لدرجة أثر نقص المازوت على أداء الأفران في بعض المناطق.. ولاسيما أنه رافق ذلك رفع لأسعار المشتقات النفطية حيث ارتفع سعر الليتر الواحد من مادة المازوت من 60 ليرة سورية إلى 80 ليرة، وليتر البنزين من 120 ليرة إلى 140 ليرة.

وفي بداية العام الحالي شهدت أزمة المحروقات والغاز تعافيا ملحوظا لجهة توفر المازوت والبنزين والغاز بنسبة أكبر مما كانت عليه في العام السابق .. علما أنه من المبكر الحكم على موضوع المازوت تحديدا كوننا في بداية فصل الشتاء الذي يعتبر المحك الحقيقي لجهة توفر هذه المادة من عدمه.

كما شهدت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية نشاطا ملحوظا خلال العام الحالي من خلال إقامة المعارض والتي كان أولها وأهمها معرض دمشق الدولي وآخرها معرض البيع المباشر في بغداد الذي نتج عنه توقيع بعض عقود التصدير الذي كان راكدا في العام الماضي.

أهل الاختصاص .. إنجازات الحكومة للعام الفائت والحالي ..مجرد أرقام لا تعكس الواقع ولا تنعكس فيه

وفي حديث لصاحبة الجلالة رأى أستاذ الاحصاء في كلية الاقتصاد الدكتور شفيق عربش أنه لم يكن هناك اختلاف من حيث الجوهر بين موازنتي وعملي الحكومة عامي 2016 و2017 ، بل كانت مجرد أرقام لا تعكس الواقع ولا تنعكس فيه حيث أنها لم تسهم بدفع عجلة الانتاج خلال العامين الماضيين ولم تقطع الحسابات فيها ..ولم يعرف حجم الإيرادات ..فهي موزانات ممولة بالعجز وستنعكس سلبا على المواطنين في السنوات القادمة .

ولفت عربش إلى أن زيادة الرواتب والأجور انخفضت هذا العام عما كانت عليه في ميزانية العام الماضي ما يؤكد أن الزيادة تلك ضمن الموازنة السابقة كانت وهمية ولاسيما أنها لم تخلق فرص عمل ولم تقدم شيئا لتحسين مستوى معيشة المواطن .

وبالنسبة لانخفاض سعر الصرف وانعكاسه على أسعار المواد والسلع بين الدكتور عربش أن ذلك الانخفاض لم يؤثر على أسعار السلع المحلية لجهة الانخفاض وأن الحديث عن أن الأسواق ستسجيب لهذا الانخفاض خلال أسابيع أو أشهر هو حديث غير مستند إلى حقيقة علمية ..موضحا أن سبب انخفاض سعر الذهب لا يعود لذلك الانخفاض لأن الذهب سلعة مرتبطة بالأسواق العالمية ونزوله أو صعوده مرتبط بها .

وختم عربش بالقول أن الأداء الحكومي خلال العامين يمكن اختصاره بعبارة ” طموحات وأهداف كبيرة .. وأحلام ..لكنها سرعان ما ستتحول إلى كوابيس تؤرق حياة المواطن.

مما سبق نستشف أن بعض الوزراء تداركوا ادائهم العام الفائت وحاولوا جاهدين تقديم شيء مختلف خلال العام الجاري تجاه المشاكل الرئيسية التي تلامس هموم المواطنين وبنسبة ما ولو ضئيلة استطاعوا فعل ذلك فيما شريحة أخرى من الوزراء كان تحركها سطحيا مكتفية بسياسة الوضع الراهن أو العمل مياومة دون تقديم أي شيء مختلف ولو لجهة رفع معنويات المواطنين حتى .. ليختفي وزراء آخرون ووزاراتهم عن ذاكرة المواطنين وعن أجندة العمل الحكومي بشكل نهائي .

هامش: ما انتظره السوريون من زيادة للرواتب وخفض لأسعار الأدوية وتأمينها وتحسين مستوى المعيشة .. كان حلما رافقهم العام الفائت واستمر معهم خلال هذا العام الذي شارف على الانتهاء في ظل ظروف معيشية صعبة وأجور لا تكفي لسد الرمق .

ماهر عثمان / شام تايمز 

109-1