أوباما، عشية زيارته إلى السعودية، قال إن لديه فكرة عن «محتواها». عندما سئل إذا ما كان اطّلع على الصفحات السرية في تقرير اللجنة الخاصة بهجمات 11 أيلول، لم ينف تورط مسؤولين سعوديين، ولم يبرئ نظام الرياض، واعتبر أن الاقتصاد والدولار سيتراجعان بتدهور العلاقات بين واشنطن والرياض، التي هدّدت ببيع أصول أميركية قيمتها بحدود ثمانمئة مليار دولار، علماً أن عملية كهذه شبه مستحيلة، وتضرّ بالرياض التي تسعّر نفطها بالدولار.
صفحات التقرير السرية تشكل دليلاً يمكن الاستناد إليه لمحاكمة النظام السعودي في حال رفع الكونغرس الأميركي الحصانة عن الدول بقانون يناقشه النواب حالياً. أوباما سيرفض توقيع القانون. لكنه لم يبرئ السعودية. اكتفى بالقول «إن فتحنا مجالاً للأفراد في الولايات المتحدة أن يقاضوا حكومات أخرى، فهذا يعني أننا نفتح المجال لأفراد العالم أن يقاضوا الحكومة الأميركية باستمرار».
العناوين المتداولة للزيارة لا تحلّ في الرياض. فإدارة شبكة المصالح الاقليمية وحساب المخاطر المهددة للاستقرار العالمي، لا تُترك للنقاش مع أمراء الخليج (الفارسي)، بل تصلهم تبليغاً. الحساب الوحيد المؤجل مع المملكة هو حساب «11 أيلول» الذي نفذ عملياته الانتحارية خمسة عشر سعودياً من أصل تسعة عشر شاباً. سهّل عملهم داخل الولايات المتحدة سعوديون، يكشف ما تسرّب عن التقرير أن لهم صفات رسمية.
منذ افتتاح الهجمات الانتحارية على الأرض الأميركية، شنت الولايات المتحدة حروباً طالت أفغانستان والصومال والعراق واستهدفت السودان واليمن وغيرها، لتفتتح عصر الانتحار. قبل 11 أيلول، لم يكن العراق قد شهد عملية انتحارية واحدة. بعد ذلك التاريخ، يقارب عدد العمليات الانتحارية المذهبية في بلاد الرافدين الألفَيْ عملية لغاية اليوم. كذلك الأمر في سوريا وليبيا ومصر والسودان والصومال وأفغانستان وإيران وباكستان، بالاضافة الى آلاف العمليات الارهابية. لم تعرف هذه المنطقة قبل 11 أيلول إلا عمليات استشهادية ضد "إسرائيل" والقوات التي غزت لبنان.
مفتاح الحل يبدأ في معالجة جذور الأزمة. ولن يعود الوحش الذي خرج ضد العرب والمسلمين بعد 11 أيلول الى قمقمه، ما بقي العقل الإقصائي المذهبي خارج المحاسبة.
* منیر الخطیب ـ السفیر