زمن البؤس العربي

زمن البؤس العربي
الخميس ٠٧ أبريل ٢٠١٦ - ٠٩:٢٥ بتوقيت غرينتش

لا ادري ما هي الصفة التي يمكن ان اطلقها على الزمن العربي الذي نعيشه الان، في ظل الهزات الارضية العنيفة التي تضرب منظوماتنا القيمية والاخلاقية والقومية والانسانية، فانقلبت هذه المنظومات رأسا علی عقب، حتى بات الابيض اسود والاسود الابيض، واليسار يمين واليمن يسار، والفوق اسفل والاسفل فوق والشجاع جبان والجبان شجاع والوطني خائن والخائن وطني.

خلال ايام معدودة قررت الشركة المصرية للأقمار الصناعية “نايل سات” وقف بث قناة “المنار” التابعة لحزب الله وبشكل مفاجىء، اعتباراً من صباح الثلاثاء 5 نيسان، فيما استضافت قطر رياضيين “اسرائيليين” شاركوا في “البطولة الدولية لكرة الطائرة الشاطئية” التي انطلقت فعالياتها الثلاثاء 5 نيسان، حيث تم رفع العلم “الإسرائيلي” جهاراً نهارا في سماء الدوحة، وفي يوم الثلاثاء 5 نيسان، اسقطت “جبهة النصرة” فرع القاعدة في سوريا، طائرة حربية سورية بصاروخ ارض جو، واسر طيارها قرب بلدة العيس، في ريف حلب الجنوبي شمال البلاد.
هذه الاحداث الصادمة، اصبحث احداثا عادية جدا في الزمن العربي البائس الذي نعيشه اليوم، ويمكن الاحساس بحجم هذا البؤس، لو قارنّا، بين ردود الافعال التي كانت ستثيرها هذه الاحداث ولو وقعت قبل عقد او عقدين من الزمن، وبين مرور العرب من امام هذه الاحداث اليوم مرور الكرام وكأن شيئا لم يقع.
في الوقت تحول كبار المسؤولين الصهاينة، سياسيين وعسكريين، نجوما دائميين على شاشات الفضائيات العربية، يدافعون عن وحشيتهم وقتلهم للفلسطينيين بدم بارد، دون حتى ان يقاطعهم مذيعو ومقدمو هذه القنوات، بينما يتكالب الجميع على وقف بث قناة المقاومة قناة العرب والمسلمين قناة “المنار”، الناطقة باسم الحزب الذي هزم واذل الجيش الذي كان يدعي يوما انه لا يقهر.
في الوقت الذي تطبل قطر عبر “جزيرتها” ليل نهار عن “التهديد الذي تمثله ايران” على العرب، وخطر “حزب الله” على المجتمعات الخليجية، وتنظم الى السعودية في اتهام “حزب الله ” بالارهاب، نراها تستقبل رياضيين صهاينة استقبال الابطال وترفع العلم الصهيوني عاليا في الدوحة، فاذا بمهرج الجزيرة فيصل القاسم يأكل لسانه، وشيخ الناتو القرضاوي يلوذ كعادته بالصمت، فلم نسمع من يعترض على وجود الصهاينة في قطر.
في الوقت الذي فرض العرب على الفلسطينيين حصارا كحصار الصهاينة، ورفضوا ان يمدوهم بالسلاح، وتركوا الفلسطينيين وحدهم يواجهون الوحش الصهيوني بصدورهم العارية، فلم يجدوا الا سكاكين المطابخ يدافعون بها عن المقدسات الاسلامية وعن الشرف العربي، نرى الانظمة الخليجية وفي مقدمتها السعودية وقطر الى جانب تركيا، يزودون العصابات التكفيرية في سوريا ومنها “جبهة النصرة” الفرع الرسمي للقاعدة، التي تدعي هذه الانظمة كذبا محاربتها، بصواريخ مضادة للطائرات، الامر الذي سيهدد في المستقبل الملاحة الجوية المدنية في المنطقة برمتها.
لا يبدو ان الانظمة التي اوصلت الحالة العربية الى هذا الوضع المزري، ستتوقف عن ممارستها العبثية، الا بعد ان تُستخدم فيها الاسلحة النوعية التي زودت بها التكفيريين، داخل بلدانها هي، او ضد اهداف تابعة لها، وعندها فقط قد ترعوي، وما تجربة هذه الانظمة مع القاعدة في افغانستان عنا ببعيدة، والتي انقلب فيها السحر على الساحر،  فاذا بامريكا واذنابها في المنطقة، يتهم بعضهم بعضا، بأنه وراء الاعتداءات التي ارتكبتها القاعدة ضد مصالح الدول التي مولتها وسلحتها.

* سامح مظهر - شفقنا

205