وبهذه البساطة حصل على أكثر من 28 بالمائة من أصوات الناخبين، مقابل سبعة وعشرين بالمائة لساركوزي، في الجولة الأولى ، مقابل 17.9 في المئة من اصوات الناخبين. لمرشحة أقصى اليمين ماري لوبن .
وقد جاء ترشحه وهو يعلم جيدا ما الذي سيرثه من ساركوزي الذي سعى الى التشبث بالحكم الى درجة قال : أعود اليوم إلى الحملة الانتخابية. سأواصل التمسك بقيمنا والتزاماتنا واحترام حدودنا والحيلولة دون خروج المصانع من البلاد والسيطرة على الهجرة وأمن أسرنا" .. لكن يبدو ان الشعب الفرنسي كان يبحث عن حلول لوضعه المتفاقم .. بينما يبدو ان هولاند الذي ولد في مدينة روان في النورماندي شمال غربي العاصمة باريس ... كان يسعى الى الوصول الى الحكم حتى لو باع روحه للشيطان .. لانه كان يعلم ان فرنسا على المستوى الاقتصادي ، هي بلد مريض، اذ ارتفع الدين الوطني فيها وبلغ 90% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن البلد لم يحصل على ميزانية متوازنة منذ عام 1974.
وعلى صعيد آخر، سجلت فرنسا أعلى معدل إنفاق عام في منطقة اليورو (57% من إنتاجها الاقتصادي يعتمد على دعم الحكومة). كذلك، تبلغ كانت نسبة البطالة 10% وثمة جيل كامل من أطفال الوافدين كانوا يكبرون الأحياء الفقيرة ولا يحتكون كثيراً بسوق العمل. وعلى الرغم من كل ذلك وعد بخفض التضخم في البلاد الى 17% .
لكن احدا لم يعرف كيف سيفعل ذلك ، فهو وعد في احد تصريحاته بقلب ارقام البطالة في فرنسا رأسًا على عقب. لكنه وبعد استلامه لدفة الحكم اتضح انه غير قادر على تحقيق ذلك فسارع للاعلان انه سيوفر تدريبًا مهنيًا لكل عاطل بحلول نهاية الشهر دون أن يدرك ان الوعد بإعادة تأهيل نحو 4 ملايين عاطل يوقع صاحبه في ورطة. ولربما كل هذه الامور هي التي جعلته ان يضع كل القيم التي اسسستها الثورة الفرنسية والتوجه الى سادة الحرب والموت في السعودية وقطر الاخوانوسلفية ... فهم من بحاجة الى السلاح اكثر من الاخرين ... والا كيف يتسنى لهم ان يسقطوا حكومات ويستبيحوا شعوبا .
ولكن لكل رشوة ثمن يجب على هولاند ان يسددها لهم ... لان هنالك شيطان اكبر يمتلك اسلحة افضل تسرع من قتل الشعوب العربية بمبالغ النفط الرخيصة ... الكل منشغل بالقتل من ليبيا القذافي وحتى العراق .. وتم تقسيم المهام ، لان المقاومة ارقت الصهاينة وهم بحاجة الى قيلولة على فراش من جثث الشعب الفلسطيني ... وفرانسوا الذي استمات ليصدق ما وعد به كان يعلم ان السعودية افضل من يدفع وانها احتلت المرتبة الأولى عالميا في استيراد الأسلحة عام 2014، في سوق وصل حجمها إلى مستوى قياسي بفعل التوترات في الشرق الأوسط وآسيا.
وجاء في تقرير أعده مكتب خبراء "آي أتش أس جينس" ومقره لندن، أن السعودية استوردت تجهيزات عسكرية بقيمة 6.4 مليارات دولار العام الماضي، لتصبح أكبر مستورد عالمي بعدما كانت في المرتبة الثانية في عام 2013 بعد الهند.
ونعود ونقول ما الذي كان على هولاند ان يقدمه بالمقابل ... ثلاث محاور غير مهمة المساعدة في اسقاط انظام السوري العلماني الاقرب فكريا الى فرنسا .. اي تجاوز كل اسس النظام في فرنسا ، ومن ثم المساعدة في عدم حصول ايران على حقها الطبيعي في الاستفادة السلمية من الطاقة النووية .. رغم انه كان يعلم ان ايران لم تنسحب امام السوبر اتندارت الفرنسية ابان الحرب المفروضة عليها .
وهنا ملاحظة صغيرة نقولها للتاريخ ان السعودية وقطر كلاهما كانا يعرفان القادة الفرنسيين حتى قبل تنسيقهم مع الكيان الصهيوني في اخلاء خبرائهم من مفاعل تموز العراقي وتقديم كل الخرائط للكيان مقابل صفقات ترفع من رصيدهم في الانتخابات القادمة .. ولا يهمهم ماسيترتب على مشاركتهم في الجريمة ، خاصة ان الذي يُقتل هو عربي والمال عربي ، والقانون الفرنسي لايجرم الفرنسيين ان كانوا قد قتلوا خارج الحدود حتى وان كانوا اطفالا او نساءا ايزديات او مسيحيات ... لذلك عارض الفرنسيون ووضعوا كل العقبات بهدف افشال المفاوضات ولم ينجحوا .. وهم معذورون امام المطالب السعودية .. وقبلوا بالحرب الظالمة ضد الشعب اليمني بقيادة السعودية وهم واثقون ويرون كل يوم تقتيل الاطفال والناس الابرياء ... وقالوا لاباس ما دام هذا يُنقذ الاقتصاد الفرنسي ويرفع مكن نسبة الاصوات في الانتخابات القادمة .
واما سوريا وما ادراك ماسوريا فتركيا لازالت لاتقبل بما اخذته ثمنا لسكوتها في معاهدة لوزان واقتطاع الارض السورية .. فهي تريد كل سوريا .. والسعودية تعلم ان سوريا هي اخر ساتر مقابل الكيان الصهيوني .
وقطر التي لاتراها على الخارطة الا بصعوبة ، تعيش عقدة القوة وهي اخوانية اكثر من اردوغان الذي جعل مكان الاخوان سبيلا لاستعمار البلاد العربية واعادة مجد الامبراطورية العثمانية .. وعلى رأس كل هذا فقطر مستعدة ان تحل عقدة بيع طائرات رافال .. والدفع نقدا والاعلام كفيل بخداع الشعب الفرنسي الذي يدفع الضرائب للحكومة .
وما على فرنسا الا تاييد الارهاب في سوريا وتسميتهم بالمعارضة لان ذلك هو شرط السعودية وقطر... وظن هولاند ان باب المناورة سوف يكون مفتوحا لفعل كل شيئ .. لانه بدأ ييأس كغيره من اسقاط الاسد ... فقام بارسال الوفود البرلمانية تلو الوفود ويتحدث من خلف الطاولة عن التعاون الامني مع الحكومة السورية ثم يضع العراقيل لكل حل للموضوع السوري ارضاءا لآل سعود .. بل انه ذهب اكثر من ذلك حين اعلن مشاركته في ضرب داعش .
ويبدو انه تغافل ما سمحت به تركيا من عبورالارهابيين اليها كلاجئين فارين من الحرب .. وان شعار تركيا ان تقتلوني فاقتلوني ومالك معي ... وكانت الفاجعة والرسالة الاليمة من السعودية وقطر ... اما ان تلعب او ان تُغلب ... وسقوطك لا محالة ..ولذلك استفاقت الصحافة الفرنسية يوم الأحد من صدمة الاعتداءات التي نفذها سبعة انتحاريين في ستة انحاء مختلفة باريس وضاحيتها والتي اسفرت عن 129 قتيلا و352 جريحا ... وهذه هي قصة قديمة جديدة . انها قصة فاوست الذي ابرم مع الشيطان عقداً يقضي بأن يقوم بخدمته طوال حياته ليستولي على روحه بعد مماته، مشروط ببلوغه قمة السعادة .. وهولاند اخترق قواعد اللعبة.
رائد دباب